دور اسرائيلي في إدارة منصّات سوريّة تطبيعيّة،
تابعو التحقيق الذي نشرتهُ منصّة تحقيقات المصادر المفتوحة - ايكاد
*الصور في التعليقات
حسابات إسرائيلية تدعي الهوية السورية تُغرد في ظاهرها باسم الثورة وتعزز القومية، وفي باطنها رسالة عنصرية تعمل على فصل سوريا عن محيطها العربي، وتدعو شعبها للتخلي عن القضية الفلسطينية، وتخلق فتنة ما بينهم وبين الشعوب العربية الأخرى، بل وتدعو السوريين للتطبيع مع الاحتلال.
ما سترونه في هذا التحقيق، قصة أخرى عن اللجان الإسرائيلية التي تنتحل الهويات العربية، والتي سنكشف عملها، وكيف تشوه صورة السوريين، ونسلط الضوء على أسماء شخصيات سورية حقيقية تقف خلف هذه اللجان، وارتباطهم بضباط إسرائيليين يعملون على خرق النقاش العربي.
ما الذي ستتعرفون عليه في هذا التحقيق؟
تحليل وكشف نشاط هذه اللجان على منصة فيسبوك.
الشخصيات السورية التي تقف خلف حسابات هذه اللجان.
كشف ارتباط هذه الحسابات والشخصيات بضابط أمن إسرائيلي، وارتباطه "بالهاسبارا".
تسليط الضوء على الحسابات المركزية في هذه اللجان على فيسبوك، والتي ربما تتابعها أنت دون معرفتك أنها من اللجان الإسرائيلية.
تحليل نشاط اللجان على منصة X، وكشف تشابهه مع اللجان الإسرائيلية العربية الأخرى.
كشف الترابط بين جميع هذه اللجان وبين شخصيات إسرائيلية وناشطين وصحفيين سوريين.
البداية من فيسبوك
بتحليل وتتبع النقاش السوري على "فيسبوك" رصدنا نشاطًا متزايدًا للجان السورية الإسرائيلية، والتي كانت عبارة عن شبكة معقدة وكثيفة من اللجان والصفحات التابعة لها، والتي اتضح أنها تمتلك حسابات مرتبطة بها على منصة X وتعمل في نشر المحتوى ذاته.
أولى حسابات الشبكة التي رصدنا نشاطها على فيسبوك كانت مجموعة Syrians and Israelis for Peace (سوريون وإسرائيليون من أجل السلام)، التي كان جُل المنشورات عليها تدعو الى التطبيع وتهاجم المقاومة الفلسطينية، وتروج للدعاية الإسرائيلية الزاعمة بقتل حمـ..ـاس للأطفال.
الأمر الهام وربما الغريب حول تلك المجموعة هو المسؤولون عنها، حيث تم إنشاؤها من قبل السياسي السوري "فهد المصري" رئيس ومؤسس "جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا" وهو أحد دعاة التطبيع والذي يروج له إيدي كوهين على حسابه الشخصي.
اتضح أن هذه المجموعة يشارك في إدارتها ناشط سوري آخر يُدعى "عبد العزيز عجيني" الذي يعرّف نفسه على أنه محاضر في اللغة الإنجليزية في جامعة إدلب.
تبيّن كذلك أن حساب جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا (التي يرأسها كذلك فهد المصري) تشارك في إدارة مجموعة Syrians and Israelis for Peace.
لكن هذه النتائج لم تكن الوحيدة التي وجدناها حول هذه المجموعة، بل كشفنا توسعها وارتباطها بشخصيات إسرائيلية أمنية حقيقية.
لنكمل معًا كشف الأسرار…
عبر عمليات التحليل المعمق لشبكة الحسابات المرتبطة بمجموعة Syrians and Israelis for Peace، رصدنا ترويجها ودعمها بشكل مستمر لمنشورات ضابط أمني إسرائيلي سابق يدعى עלי קשקוש (Ali Kaskush) أو "علي كاسكُش".
بحثنا عنه لنجد أنه من أصول عربية وهو مستشار برلماني، ويعمل كمحاضر في قسم الإعلام الوطني التابع للحكومة الإسرائيلية، يقدم التدريب لضباط إسرائيليين حول كيفية دراسة المجتمع العربي في إسرائيل.
هذا الضابط الإسرائيلي وجدنا أنه شارك في إحدى الندوات الخاصة بالهاسبارا الإسرائيلية وكانت الندوة تحت عنوان Hasbara Now، والتي تم خلالها مناقشة آلية الترويج للدعاية الإسرائيلية، بالإضافة إلى دعم الطلاب وأعضاء هيئات التدريس المؤيدين لإسرائيل في الخارج.
و الـ"هاسبارا" هي الآلة الدعائية لتبييض صورة إسرائيل عالميًا، وجعل انتقاد تصرفاتها وجرائمها أمرًا صعبًا، بفضل سياسة التضليل والتزييف التي تتبعها .
اكتشفنا كذلك ارتباط هذا الضابط الإسرائيلي بصفحة أخرى على فيسبوك تسمى Israel and Syria together for peace " (إسرائيل وسوريا معًا من أجل السلام).
والتي تبين ارتباطها هي الأخرى بمجموعة "Syrians and Israelis for Peace" (سوريون وإسرائيليون من أجل السلام) التي يشرف عليها السياسي السوري فهد المصري.
تظهر المعلومات السابقة، أن "فهد المصري" و"عبد العزيز عجيني" وحساب "جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا" يرتبطون بشبكة اللجان الإسرائيلية السورية، وارتباطهم جميعًا بضابط الأمن الإسرائيلي "علي كاسكُش".
لكن الارتباطات وشبكة اللجان الإسرائيلية السورية لم تتوقف هنا، بل هناك أسرار أخرى كشفناها حول هذه اللجان، لنتابع..
خلال عملية التحليل الرقمي، رصدنا ارتباط هذه المجموعة والصفحة التطبيعية، بحسابات ولجان أخرى تدعم الروايات الإسرائيلية، وتتبنى الهوية السورية.
منها حساب " Abdo AlHalabi" الذي يملك حساب آخر على منصة X يُسمى Al-Halabi.
الحساب لاحظنا أن طبيعة تفاعلاته ونشاطه والسرديات التي يرددها هي ذاتها التي كانت ترددها الحسابات الإسرائيلية ذات الهويات العربية التي سبق أن كشفنا عنها، وذلك من خلال دعمه للروايات الإسرائيلية، والتشجيع على التطبيع وكذلك مهاجمة حم..اس.
وبتتبع نشاط حسابات "الحلبي" في فيسبوك وX، لاحظنا ارتباطه وتفاعله بزخم مع صفحة أخرى تسمى "تيار سوريا أولًا"، التي وجدنا أنها تعمل على تعزيز النعرة القومية العرقية، وفصل سوريا عن محيطها العربي والقضية الفلسطينية، وذلك عبر ترويج شعارات سياسية مثل "سوريا أولًا" وهو ذات أسلوب الشعار الذي تستخدمه اللجان الإسرائيلية في الدول العربية، مثل "مصر أولاً" و"السعودية أولاً".
بمزيد من التحليل والتتبع وجدنا أن هذه الصفحات والمجموعات ما هي إلا جزء من شبكة أضخم وأوسع من اللجان الإسرائيلية السورية.
لكن أبرز ما لاحظناه في تحليل هذه اللجان أنها عملت على اختراق صفوف الجماهير السورية وتطويقها من خلال 4 ركائز أساسية
فما هي هذه الركائز؟
الركيزة القومية العرقية
قامت مجموعة من الحسابات بتبني هوية قومية عرقية، وتنشر السرديات والشعارات التي تعزز هذا التوجه. من الحسابات التي عملت على تذلك، حساب الأمة السريانية، ومجموعة "أنا سوري مش عربي".
الركيزة الحزبية السياسية
تم هنا إنشاء مجموعة من الحسابات التي تتبنى هوية حزبية سياسية تتماشى مع الهوية العرقية المصطنعة، منها حساب الأمة السورية، وحساب تيار سوريا أولًا (الذي كشفنا ترديده شعارات سياسية مشابهة لشعارات اللجان الإسرائيلية العربية في دول أخرى).
ركيزة إلحادية وأخرى تتقارب مع اليهود
تم إنشاء مجموعة حسابات تروّج لأفكار إلحادية وأخرى تروج للديانة اليهودية ومفاهيمها، منها حساب العقل دين، وحساب أهل الكتاب.
ركيزة الترويج للتطبيع
الركيزة الرابعة والأكثر وضوحًا في هذه اللجان، كانت الترويج للتطبيع بين سوريا وإسرائيل، ونشر سردية أن الشعب الإسرائيلي مُسالم، وإسرائيل دولة تدعو إلى السلام.
منها صفحة Israel and Syria together for peace (إسرائيل وسوريا معًا للسلام)، ومجموعة Syrians and Israelis for Peace (سوريون وإسرائيليون من أجل السلام)، اللتان حللناهما في بداية تحقيقنا.
يتضح لنا هنا أن نشاط اللجان الإسرائيلية وحساباتها على منصة فيسبوك ليس عبثًا بل يسير وفق إستراتيجية محددة مبنية على ركائز معينة لاختراق صفوف الجماهير السورية.
فإن كان هذا شكل تفاعل هذه اللجان على "فيسبوك" فما هو وضعها على منصة "X" وكيف كان تفاعلها وسردياتها على هذه المنصة؟
دعونا نكتشف..
تحليل اللجان على منصة X
في بداية تحليل نشاط اللجان السورية الإسرائيلية على منصة X ، وجدنا أولًا تشابهها مع اللجان والحسابات على منصة فيسبوك، وذلك نتيجة لإنشاء هذه اللجان حسابات مركزية بذات الأسماء على المنصتين، مثل حساب "تيار سوريا أولًا" وحساب "Al-Halabi" وحساب الأمة السورية وحساب العقل الدين.
وما يميز هذه اللجان على X، أنها أكثر كثافة، ويشارك فيها عدد أكبر من الحسابات الشخصية.
أبرز صفات تلك اللجان استخدام صور "عبد الباسط الساروت" الملقب بـ "حارس الثورة السورية" حيث استخدمت اللجان صورته كإحدى الآليات في بناء هويتها السورية المزعومة.
منها حساب "كريستوف"، وحساب GloryS91029، وحساب ناشط مستقل بريف حلب (الذي يستخدم شعار جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا، التي كشفنا ارتباطها باللجان الإسرائيلية)، وكذلك حساب "أثران" الذي يعد أبرز حسابات الحملة الإسرائيلية السورية على منصة X.
هذه اللجان تروج لتغريدات الصحفي الإسرائيلي "إيدي كوهين" (الذي أثبتنا ارتباطه في تحقيقاتنا السابقة بجميع اللجان الإسرائيلية).
كما أن هذه اللجان استخدمت في تغريداتها مصطلحات سبق وأن كشفنا استخدامها من قبل اللجان الإسرائيلية المنتحلة للهوية الخليجية.
ومن الصفات الأخرى لهذه اللجان تفاعلها بكثافة فيما بينها، ومحاولتها للترويج لحساب "تيار سوريا أولًا".
كما عملت على ترويج تغريدات عنصرية لتأجيج الفتنة بين الشعبين المصري والسوري، مثل حساب "القومية السورية،" وهو الأسلوب المتبع من قبل جميع اللجان الإسرائيلية المنتحلة الهوية العربية، حيث تروج للعنصرية بما يتماشى مع طبيعة وتاريخ كل مجتمع ودولة.
حسابات اللجان الإسرائيلية السورية قامت كذلك بالتفاعل وتأجيج النقاش مع مثيلاتها المنتشرة في الفضاء الرقمي العربي، ما يدل على وجود ترابط بينهما.
فمثلًا ارتبط حساب يُدعى "عماني ضد السوريين" بشبكة اللجان الإسرائيلية السورية، هذا الحساب اتضح أنه تم إنشاؤه في 14 يونيو 2024، وبمجرد إنشائه انخرط بشتم ووصف السوريين بكلمات عنصرية.
كما قامت حسابات القومية السورية مثل حساب الأمة السريانية بالتفاعل والترابط مع حساب "مصر ليست عربية".
لاحظنا أن اللجان في منصة X ضمت عددًا كبيرًا من الحسابات الجديدة المنشأ، وأن هذه الحسابات انخرطت بشكل سريع في تأجيج النزعات العنصرية.
وبتحليل عينة من تفاعلات حسابات اللجان الإسرائيلية السورية تقدر بـ 35 ألف تفاعل، لاحظنا أن نمط التغريد والسردية العنصرية الذي استخدمته الحسابات المركزية، هو ذات نمط وسرديات الحسابات جديدة المنشأ.
وبمزيد من التحليل للعينة المكونة من 35 ألف تفاعل، رصدنا أنه خلال الفترة من أكتوبر 2023 إلى 26 يونيو 2024 تم إنشاء نحو 2,074 حسابًا جديدًا داخل تلك الشبكة السورية الإسرائيلية، بمعدل 277 حسابًا شهريًا.
ما يؤكد استنفار اللجان بإنشاء حسابات جديدة وبشكل متسارع، إما لتأجيج الفتنة بين السوريين وأشقائهم العرب، أو دعم التطبيع وتأييد إسرائيل، وتصوير الفلسطينيين بالعدو.
كانت ذروة إنشاء الحسابات الجديدة في هذه اللجان في أكتوبر تحديدًا مع عملية طوفان الأقصى، بينما كانت الذروة الثانية وهي الأكبر في شهر مايو 2024.
الأمر اللافت هنا أن فترات الذروة في إنشاء الحسابات، تزامنت مع فترات الذروة الخاصة بزيادة التفاعل مع الكلمات المفتاحية، مثل سوريا أولًا، والقومية السورية، وسوريا للسوريين.
كما تزامنت كذلك فترات الذروة الخاصة بإنشاء الحسابات الجديدة مع فترات الذروة الخاصة بالتفاعل مع الحسابات المركزية في اللجان السورية الإسرائيلية.
أي أن فترات الذورة الخاصة بزيادة ظهور كلمات سوريا أولًا وغيرها، وزيادة تصدير الحسابات المركزية في اللجان السورية الإسرائيلية، لم تكن تدل على تأييد الشارع السوري لنقاشاتها، بل لأن ذلك تزامن مع عمليات إنشاء حسابات جديدة لضخ التفاعل على تغريدات الحسابات المركزية.
وبتحليل شبكة التفاعلات، توصلنا إلى نتائج تعزز عمل جميع تلك الحسابات ضمن آلة اللجان الإسرائيلية، حيث قسّمت الشبكة اللجان والحسابات إلى مجموعتين رئيسيتين:
مجموعة ذات اللون البنفسجي: ضمت الحسابات المنتحلة للهوية السورية، والحسابات المركزية في اللجان، ورصدنا بينها حساب الصحفية الأمريكية السورية هيفي بوظو والتي تكتب في صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية وتعزز أجندة التطبيع بالمنطقة.
والمجموعة الخضراء التي ضمت الحسابات الإسرائيلية، مثل "إيدي كوهين" و"روني شالوم".
لكن الأمر اللافت هو ظهور حساب "فهد المصري" ضمن المجموعة الإسرائيلية، وهو ما يؤكد النتائج السابقة أيضًا بمركزية الحساب في عمل اللجان الإسرائيلية السورية.
نستنتج في ختام تحقيقنا:
تضم اللجان الإسرائيلية السورية العديد من الحسابات وما كشفناه هنا هو جزء صغير من حساباتها.
تحاول هذه اللجان خرق النقاش السوري الرقمي عبر تبني نزعات قومية وتعزيز العنصرية.
تعمل هذه اللجان على فصل المجتمع السوري عن المحيط العربي، وتصوير الفلسطينيين بالعدو لهم.
يقف خلف هذه اللجان وترتبط بها العديد من الشخصيات الحقيقية، أبرزهم السياسي السوري "فهد المصري"، وضابط الأمن الإسرائيلي "علي كاسكُش".
تضم اللجان العديد من الحسابات جديدة المنشأ، التي تم إنشاؤها خصيصًا لتضخيم تغريدات الحسابات المركزية وتصدير سردياتها.
شبكة التفاعلات لهذه اللجان تبين مدى ارتباط مجموعاتها، وهو ما يضعنا أمام شبكة من اللجان الإسرائيلية السورية تحظى بزخم ودعم مرتفع.
*في التعليقات في المنشور وضعنا جميع الوثائق والصور المرافقة للتحقيق.
https://www.facebook.com/PublicAffairBS/posts/pfbid02fNQ6kft3U6W6MBu3yezM8AC7sMuKVedpY78RgPzKtR2oQEEcv8BhUjEyFQCR3V8pl
إيكاد في تويتر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق