شاركتنا
بتول الملبنجي عن واقع المرأة السورية اليوم،-ماذا حصل؟
في السنوات الأخيرة ضاقت الحال في البلاد وصارَ من الصعب التعايش وسطَ الضغوط الماليّة الكبيرة لعدم الاكتفاء بالراتب الشهريّ مهما بلغ وبالتالي لم يعد كافيًا أن يعمل الرجل فقط، فمصاريف (المنزل، المدرسة، الأمور الطبية، الجامعة..)وكلّ ذلك هو أساس الحياة قد صار تأمينهُ مريرٌ جدًا.
هذا الحال أجبرَ المرأة السورية أن تعمل رغمَ الأعباء التي تعيشها في منزلها من(تحمّل مسؤولية المنزل والأولاد، وإعالة الرجل على الضغوطات النفسيّة والمعيشيّة فقد باتت منفسًا سلبيًا يحطُّ فوق عاتقها حمل ثقيل مثل التعنيف الجسدي واللفظي والجنسي، والمشاكل العائليّة) ومع كلّ هذا فهي مجبرة لأن تشارك الرجل في تأمين المال لإتمام حياةٍ مستورةٍ كريمةٍ نوعًا ما.
وإن لم يتواجد الرجل لعدّةِ حالاتٍ إمّا فقدانهِ أو وفاتهِ أو غربتهِ مُخلّفًا أولادًا، هُنا تصبح مسؤوليةَ المرأة أضعافًا مضاعفة تأخذُ فيها دور الأب والأمّ معًا وسطَ صعوبات التربية التي يواجهها الأهالي في وقتنا الحاليّ.
حتى المرأة غير المتزوجة لم تسلم؛ فلن تعتمد على من يمنحها مصروفها وسطَ الغلاء الفاحش وكل أسرة يكفيها ما يكفيها؛ لذا مجبرة لأن تعيل ذاتها رغم ما تعانيه.
ماذا تواجه المرأة السورية؟
-الوقوف بينَ عشرات الرجال على أنّها منهم في(طوابير الخبز والغاز وفي المؤسسات والعمل..)
-تعرّضها للضغط النفسيّ مما يودي بها لنسيان أنّ وجهها جميل، والعيش في توترٍ دائم ممن يحيط بها من زملاء العمل أو المدراء، والخوف المتغلّل من تحرّشاتٍ غادرة، والقسوة والحدّة في شخصيتها مما يجعل رقّتها تخفُّ لدرجةٍ تأسفُ على حالها، وتعرّضها لحالاتٍ عصبية وعند عودتها إلى المنزل تصيرغير قادرة على منح أولادها الإحتواء الذي يفتقدونهُ، والتقصير في الأمور المنزليّة، والاضطرابات النفسيّة بسبب تغيّر هرموناتها الجسديّة.
-ضريبة العمل بأعراض قاسية في جسدها بين(التهاب أعصاب، الديسك، آلام المفاصل، الضغط، السكر..)هذا يعني أنّ أكثر من ربع راتبها هوَ تكاليفُ أدويةٍ وأطباء.
-عدم تمكّنها في غالب الأحيان بالتّحكم في المال خصيصًا إذا كانت تحتَ سلطة الرجل( زوج، أب، أخ، ابن..)
-استسلامها لوظيفةٍ لا تليق بأنوثتها لشدّة الحاجة الماليّة وعدم التكافؤ العلميّ.
-الخضوع لأوامر صاحب العمل بطريقةٍ مذلّة أو تلقّيها كلمات جارحة ممن حولها وتحمّل تصرفات العنصريّة، أو التعالي والإنقاص من قيمتها مهما حاولت، وتعرّضها لمكائد كي يفشل عملها وعدم تقديرها من أيّ جهة.
كيف نساعد المرأة في هذهِ الظروف؟
-الدعم النفسيّ والعاطفيّ(الرأفة بها وعدم الضغط عليها وتقدير جهودها التي تبذلها وإن كانت بنظرنا ليست كافية، والأهم هوَ تذكيرها بأنّها ما زالت جميلة، الإستماع إلى ما تشعر بهِ أو ما يمرّ معها في يومها مهما تكرر الكلام مئات المرات)
-مساعدتها في المهام المنزليّة والتغاضي عن موضوع الطبيخ في بعض الأحيان.
-إعالة أبنائها في الأمور المدرسيّة والتعليميّة.
-تقديم المساعدات الماديّة أو المواد المنزليّة من (مواد غذائية، طبيّة، كهربائية..)إن أتاحت لنا الفرص.
-منحها مساحتها الخاصة وقت القدوم إلى المنزل( تهيئة الجوّ للنوم أو أخذ استراحة كافية دونَ ضجيج أو دونَ أن يلحّ عليها أحد ولو لساعة واحدة كي تعيد شتاتها وقوّتها)
-إمضاء وقت ممتع في وقت الإجازات (المشي في مكانٍ طبيعيّ، جولة مع الصديقات، زيارة لمعالجة نفسيّة، جلسة مساج في مراكز رياضيّة ولو زيارة واحدة كي يرتاح جسدها..)
-أمّا إذا أردنا أن نتحدّث عن بيئات العمل فجميع المدراء على دراية تامّة بما تمرّ بهِ المرأة، ومع كلّ هذا يمارسونَ عليها الإستغلال لأنَّ أجورها أقلُّ من الرجل لذا يكون الضغط فوقها كثيف، وأمّا عن المواقف البشعة التي تحصل معها أثناء العمل- للأسف -ولو وُجِدَ القانون إلى أنَّ المرأة في بعض الأحيان مضطرة إلى السكوت والتنازل عن حقّها ليس لأنّها ضعيفة بل لأنّ ذلك سيؤثر عليها بطريقةٍ سلبيّة يجعها بتراجع وبالتالي هيَ تريدُ أن تلحقَ المالَ لتعيش لذا لا ينقصها أن تقحم نفسها في الأمور القانونيّة ومسألةُ الوقت والمحاكم فلهذا تستسلم وتغادرمكان العمل ثمَّ البحث عن وظيفةٍ جديدةٍ للمرة العاشرة!
ختاماً
المرأةُ السوريّة أثبتت جدارتها وقوّتها وكانت ابنةُُ بلدٍ صامدةٌ تعاني معهُ ما يعانيه، تصمتُ على جرحٍ عميق وتأنُّ على وجعٍ مرير، لقد ساندت نفسها والرجل وأولادها وأهلها بطريقةٍ عظيمة يشهدُ لها كلُّ حجرٍ مشت فوقهُ في كلِّ مكانِ عملٍ، فهوَ مع كلّ بشاعتهِ وقلّةِ شأنهِ وماديّتهِ إلى أنّهُ يبني البلد وخدمة المجتمع، لكن يبقى تساؤلٌ واحد..
-إلى متى نساؤنا ستبقى على هذا الحال المقيت، ألا يوجدُ ما يخفّفُ عنهم ما يقاسينهُ؟!