كتب بسام العايش: قسيمة الخبز السوريّة
بمناسبة الإعلان منذ فترة عن ربط الحصول على الخبز بالبطاقة الذكية، و من ثم الإعلان عن توطين الخبز في دمشق اعتباراً من بداية شهر 12
احببت المشاركة بهذا الطابع القسيمة ، والذي كان يطلق عليه (قسيمة الخبز) و هو عبارة عن قسيمة صادرة عن محافظة دمشق الممتازة بتحديد كمية مطلوبين خبز لصاحب البطاقة عن شهر كانون الاول سنة 1941
والتنويه في ذلك العام و ما تلاه ولغاية 1944 ، ونتيجة الحرب العالمية الثانية ومصادرة قوات الاحتلال الفرنسي للقمح من سورية لإطعام جيشها ،اصبح هناك نقص حاد في الطحين مما أدى إلى أزمة كبيرة في الخبز و هو الطعام الأساسي للسوريين
مما حدا بالحكومة السورية آنذاك و لتخفيف حدة الأزمة و تأمين حصول كل مواطن على الحد الأدنى من الخبز اليومي
إلى إصدار هذه البطاقات و التي اصبحت تعرف (بقسيمة الخبز) و ذلك وفق شروط تختلف باختلاف عدد أفراد العائلة ... إلى آخره من الشروط.
وستشهد سورية تطورا جديداً مع قدوم الحرب العالمية الثانية، التي فرضت معطيات جديدة على دول الحلفاء، كان أهمها كيفية تأمين الطعام في ظل ازدياد الطلب عليه، ضمن البلاد التي اشتعلت فيها الحرب، وأيضا دول المشرق، التي وإن لم تشارك في الحرب إلا اسميا، إلا أنها شاهدت الآخرين يقتتلون على أراضيها، وفي ظل هذه الظروف المستجدة، قام البريطانيون والأمريكيون في نيسان/إبريل عام 1941 بإنشاء هيئة للتموين والإمداد دعوها «مركز التموين للشرق الأوسط» وقد لعبت في البداية دور الاستشاري،
ولاحقاً أتيح لهذا المركز لعب دور في تنظيم اقتصاد الحرب للحلفاء، بهدف سد حاجات قواتهم المحاربة من الطعام، وأيضا لدرء أي تهديد لخطوطهم الخلفية، يمكن أن يحدث جراء احتمال انتشار المجاعة في وسط بشري معاد لهم أصلا، ومستعد لتقبل دعايات دول المحول لينتفض ضد الحلفاء. وقد عرف القائمون على نشاطات هذا المركز بقناعاتهم، بأن الدولة تشكل عموما عاملا مهما في تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن عليها أن توفر الأمن الاجتماعي للبشر الذين يخضعون لها، ما يخدم في نهاية الأمر مجهودهم الحربي.
وانطلاقاً من هذه الخلفية، سيتدخل مركز التموين في سوريا، في ظل تراجع النفوذ الفرنسي بعد غزو ألمانيا لباريس، بداية من خلال إنتاج وتوزيع المحاصيل الزراعية، وأيضا عبر ضبط أثمانها، وهكذا كان المركز حسب الدكتور الصالح يعمل عن غير قصد على التأطير لمنظور آخر حول دور الدولة (الدور الموجه) كعامل بديل لإرساء ونشر العدالة، وحل التناقضات الاجتماعية، دون الحاجة للمرور أولا عبر النخب البورجوازية، كما في نظام اقتصاد السوق الحر، الذي اعتمدته السلطات الانتدابية الفرنسية، ولذلك قام عام1942 بتأسيس «مكتب الحبوب الصالحة للخبز» بإدارة فرنسية وبريطانية مشتركة، للحد من الاحتكار والمضاربة، ومنع تخزين القمح، وعدم حجبها عن الأسواق عشوائيا.
ما أشبه اليوم بالبارحة!
بسام العايش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق