يُدوّن محمد مكيّس عن مراكز الابتكار ومختبرات التصنيع ومسرعات الأعمال كمحفزات للابتكار الذي يقوده الشباب:
لماذا علينا توفير مراكز ابتكار ومختبرات للتصنيع ومساحة للعمل في كل المحافظات والجامعات السورية؟
لنساعد الشباب في العمل على مشاريعهم لبناء مجتمع المعرفة القائمة على المشاركة واستثمار الطاقات والمواهب الموجودة لدى الشباب من صناع المحتوى ورواد الأعمال إلى المستقلين الذين يعتمدون نموذج العمل عن بعد إلى الطلاب و الأكاديميين الذين لا تتوفر لهم بيئة تساعدهم ببناء نماذج لتجاربهم واختبارها مما يؤدي إلى خسارة هذه الفئات بسبب ضعف البنية التحتية في بلدنا.
تميل مساحات العمل إلى أن تحمل أسماء فريدة بناءً على الغرض والموقع المساحة إلا أن كل من هذه المساحات تساهم في ثورة رقمية جديدة وتمنح الناس بيئة حيث يمكنهم التواصل مع المبتكرين والمصممين والصناع الآخرين ومناقشة أفكارهم ونماذجها الأولية واختبار جدواها.
إن مفهوم تعزيز الابتكار وريادة الأعمال بين الشباب ليس جديدًا. ومع ذلك، فإن النهج المنظم لمراكز الابتكار ومختبرات التصنيع Fablab ومسرعات الأعمال ظاهرة حديثة نسبيًا.
في عام 2010 كنت محتضناً في حاضنة الأعمال لدى مركز الأعمال والمؤسسات السوري وأتذكر كم كان لدينا فرص متاحة من مسابقات دولية لريادة الأعمال ونشاطات تشبيكية مع مستثمرين وجهات فاعلة من كل القطاعات وكم كان يوجد تسهيلات تساعد رواد الأعمال الشباب.
وفي ذلك الوقت أتذكر وجود حاضنة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دمشق التي كانت نتيجة تعاون جامعة دمشق والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية وكان من المقرر أن يتم افتتاح حاضنات جديدة في عدة محافظات ومن بينها حلب وإلى الآن لم ترى النور!!
كان هناك العديد من المبادرات لإنشاء حاضنات أعمال ومسرعات أعمال خاصة ولكن اصطدمت بالعديد من التحديات والبيروقراطية المعقدة والإجراءات الطويلة غير الواضحة للحصول على التراخيص وغياب التشريعات والبيئة القانونية الداعمة لريادة الأعمال والتي تضمن حقوق المستثمرين ورواد الأعمال.
لذلك وخلال تطوير القوانين والإجراءات والعمل على تطوير نظام بيئي حيوي لريادة الأعمال يجب أن نبدأ في تعزيز الابتكار ومساحات العمل ومختبرات التصنيع لتكون حجر أساس في دعم الشباب، في عام 2023 انطلقت حاضنة نمو التقنية ضمن جامعة دمشق بالشراكة مع الأمانة السورية للتنمية وهذا مبشر للعديد من التجارب لتشمل جميع المحافظات السورية.
كان نيل جيرشنفيلد، أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، رائدًا في مفهوم مختبرات التصنيع. في عام 2001، أسس جيرشنفيلد وفريقه أول مختبر تصنيع في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وكان الهدف هو جعل تكنولوجيا التصنيع الرقمي أكثر سهولة في الوصول إليها وتمكين الأفراد من أن يصبحوا صناعًا ومبتكرين.
تعَد مختبرات التصنيع FABLAB ومراكز الابتكار ورشة عمل مجتمعية مجهزة بأدوات تصنيع رقمية والالكترونية. تتيح هذه الأدوات، مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد وقواطع الليزر وقواطع الفينيل، للأفراد تصميم وإنشاء أشياء مادية.
بالإضافة إلى مساحات عمل إبداعية وتسريع توليد الأفكار وتجريبها صُممت مختبرات التصنيع لتكون في متناول الأشخاص من جميع الأعمار والخلفيات، مما يعزز الإبداع والابتكار والتعليم.
تخدم مختبرات التصنيع ومراكز الابتكار مجموعة واسعة من الأغراض، من التعليم والبحث إلى النماذج الأولية وتطوير المنتجات.
في مجال التعليم: تُستخدم مختبرات التصنيع والابتكار في المدارس والجامعات لتعليم الطلاب التصميم وتقديم ورش العمل والندوات وبرامج التدريب لتطوير مهارات الابتكار والمعرفة. التواصل والتعاون: خلق الفرص للأفراد والمنظمات للتواصل وتبادل الأفكار.
وفي الهندسة والتكنولوجيا يمكن للطلاب تجربة تقنيات تصنيع مختلفة وتطوير مهارات حل المشكلات.
بينما في مجال الأبحاث: يستخدم الباحثون المختبرات لإنشاء نماذج أولية لمنتجات جديدة واختبار التصميمات وإنشاء أدوات مخصصة لتجاربهم لتسهيل مشاريع البحث والتعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعة.
وفي ريادة الأعمال: يمكن لرجال الأعمال استخدام المختبرات لتطوير وتصنيع منتجاتهم. إن التكلفة المنخفضة للدخول والوصول إلى المعدات تجعل من السهل على الشركات الناشئة تنفيذ أفكارها كما تساهم في تقديم الدعم للشركات الناشئة والشركات في المراحل المبكرة من خلال الإرشاد والتمويل ومساحة العمل من خلال الاحتضان والتسريع.
إن تأثير هذه المراكز متعدد الأوجه:
- النمو الاقتصادي: من خلال تعزيز ريادة الأعمال، تساهم مراكز الابتكار في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية.
- التأثير الاجتماعي: تعالج العديد من الشركات الناشئة التحديات الاجتماعية والبيئية، مما يخلق تغييرًا إيجابيًا.
تنمية المواهب: تساعد هذه المنصات الشباب على تطوير المهارات الأساسية للقرن الحادي والعشرين.
- بناء المجتمع: يمكن أن تصبح مراكز الابتكار مراكز للمشاركة المجتمعية والتعاون وتحسين النظام البيئي.
لتعظيم تأثير مراكز الابتكار والحاضنات، يمكن تنفيذ العديد من الاستراتيجيات:
- الدعم الحكومي: يمكن للحكومات أن تلعب دورًا حيويًا من خلال توفير الأماكن المناسبة، ووضع سياسات مواتية لإنشاء مسرعات ومراكز ابتكار خاصة لتشجيع الابتكار والاستثمار.
- الشراكات بين القطاعين العام والخاص والقطاع الثالث: يمكن للتعاون بين الحكومة والشركات والأوساط الأكاديمية أن يعزز تبادل الموارد والخبرة بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات المنظمات الدولية والجمعيات المحلية للمساهمة في تمويل المراكز وتشغيلها لتكون حجر أساس للانطلاق.
- البنية الأساسية الرقمية: يعد الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة والأدوات الرقمية أمرًا ضروريًا للابتكار.
- الإرشاد والتدريب: يعد الاستثمار في برامج الإرشاد ومبادرات تطوير المهارات أمرًا بالغ الأهمية.
- الوصول إلى الأسواق: يعد مساعدة المبتكرين ورواد الأعمال الشباب لتصدير منتجاتهم وخدماتهم والتواصل مع العملاء المحتملين أمرًا حيويًا لنجاحهم واستمراريتهم.
بالنهاية يمكن لمختبرات التصنيع ومراكز الابتكار أن تساعد على الوصول إلى تكنولوجيا التصنيع الرقمية، وتمكين الأفراد من أن يصبحوا صناعًا ومبتكرين، وهي ضرورية لتنمية الإبداع والتعاون وتطوير الأفكار الجديدة، لتكون عبارة عن ورش عمل مجتمعية لمشاركة الأفكار وتعلم مهارات جديدة والعمل على مشاريع مشتركة بحيث توفر الوصول إلى أدوات التصنيع الرقمية والالكترونية.
ويبقى التأثير الإيجابي على المجتمع هو تمكين الأفراد وتعزيز الابتكار بين الشباب ليكونوا منتجين ومبدعين، فهذه المراكز تلعب دورًا أساسياً في تعزيز التنمية الاقتصادية والتعليم والإدماج الاجتماعي.
مارأيكم، هل نحنُ اليوم بحاجة خطّة وطنيّة للمضي بهذه الفضاءات؟ وهل نتعلّم من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين؟
محمد مكيّس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق