السوريون الأشرار، ينشطون لمزيد من العقوبات
دوّن عبد الله الجدعان:
في نهاية عام 2022 زارت سورية المقررة الخاصة المعنية "بالتأثير السلبي للعقوبات أحادية الجانب على التمتع بحقوق الإنسان" الأستاذة الدكتورة ألينا دوهان لتقدم فيما بعد تقريرها الأولي للأمم المتحدة حول ما تسببه هذه الإجراءات من معاناة للشعب السوري،
وفي الجزء المتعلق بالقطاع الصحي تذكر الدكتورة دوهان: "نتيجة لوجود 14.6% من السكان السوريين يعانون من أمراض مزمنة ونادرة، وما يقدر ب 24% معاقون، أشير بقلق إلى التحديات والعقبات في شراء الأدوية المنقذة للحياة وتسليمها مثل أدوية علاج السرطان، وغسيل الكلى والتخدير والتشخصي لجميع أنواع السرطان وغيرها، بسبب انسحاب منتجي الأدوية الأجانب من سورية، وعدم القدرة على استيراد المواد الخام والكواشف المخبرية لإنتاج الأدوية المحلية بسبب التزام الشركات المفرط و/ أو سياسات تجنب المخاطر لدى المصارف".
في الوقت الذي تتحدث فيه مراقِبة أجنبية زارت البلاد لفترة وجيزة عن الأضرار الفادحة للعقوبات هنالك مجموعة من السوريين قد عملوا مؤخراً مع الكونغرس الأمريكي على إعداد قانون عقابي ضد بلدهم الأم تحت مسمى "قانون الكبتاجون 2"، علماً أن هذا القانون هو نسخة أكثر تشدداً وشمولاً لقانون سابق يحمل الاسم "الكبتاجون 1" والذي صدر عام 2022، وبحسب إدعاءات كل من "التحالف الأميركي لأجل سوريا" و "المجلس السوري الأميركي" فإن هذان القانون يستهدفان مكافحة تصنيع وتهريب المخد..رات التي تّتهم بها سورية.
لكن النقاش هنا ليس عن مدى صحة أو بطلان هذه الاتهامات ففي ذلك بحث طويل ومتشعب، بل ما نريده هو الربط بين هذه العقوبات أحادية الجانب والواقع الصحي في سورية، فهذان القانونان ينطويان على حزمة من الإجراءات المشددة التي تستهدف القطاع الصحي في سورية حيث تمنع حصولها على معظم المواد الأولية الداخلة في الصناعات الدوائية مما يضيف المزيد من التردي على الوضع الدوائي في بلد يحتاج أكثر من أي وقت مضى للخدمات العلاجية بسبب ظروف الحرب وما ينتج عنها من تفاقم للإصابات والأمراض والمعاناة للمرضى، وبما أن مصابي السرطان هم من الفئات شديدة الاحتياج لمثل هذه الخدمات فيمكن تخيّل حجم معاناتهم من عقوبات (صُممت لحماية الشعب السوري) كما يسوّق مناصروها ومشرعوها.
وبالعودة إلى الدكتورة دوهان وفي الجزء المخصص لتقييمها شرعية العقوبات الأحادية الجانب تقول: "لأن حالة الطوارئ القومية التي أعلنتها الحكومة الأمريكية في عام 2003 كأساس لفرض عقوبات على سورية، والتي تم تمديدها مؤخراً في 2022 (تم تمديدها مؤخراً أيضاً في 2024 لعام آخر)، لا تتوافق مع مقتضيات المادة 4 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وبموجب القانون الدولي، فإنه لا يجوز اتخاذ تدابير أحادية الجانب بدون تفويض من مجلس للأمن، ويؤدي تهديد الولايات المتحدة للدول والشركات من عواقب التعامل مع سورية إلى انتهاك المبادىء الأساسية للقانون الدولي مثل المساواة في السيادة بين الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتسوية السلمية للقضايا والنزاعات الدولية.
كما تنتهك العقوبات أحادية الجانب الالتزامات الناشئة عن صكوك حقوق الإنسان العالمية والإقليمية. ويترتب على ذلك بأن هذه العقوبات ضد سورية لا تتوافق مع عدد كبير من القواعد القانونية الدولية وإنما يتم فرضها لممارسة الضغط على الدولة"
يجدر التذكير بأن الكيانات "السوريّة" المذكورة نفسها هي من تساهم في استصدار الكثير من القوانين العقابية ضد سورية وأبرزها كان قانون "قيصر" المُسمى على اسم شخصية غامضة تم الاكتفاء بما أدلته بأنه الحقيقة المطلقة لتصميم وتنفيذ واحدة من أشد حزم العقوبات التي تفرضها دولة على أخرى، وكان القطاع الصحي أحد أكبر المتضررين منها.
في الوقت الذي عادةً ما يعمل فيه المغتربون على إعلاء شأن بلادهم والمساهمة في تحقيق الرفاه والتطوّر لها، إلا أنه على المقلب الآخر هنالك مجموعة من دعاة الديمقراطية ممن يعتبرون أن كل من يخالفهم بالرأي السياسي يجب أن يُعاقب ويتحمل تبعات ذلك وحتى وإن كان مريضاً مزمناً.
*الصورة لمجموعة من هؤلاء في مكتب جو ويلسون عضو الكونغرس الأميركي يحتفلون بخطوة شريرة فشلت لاحقاً
عبد الله الجدعان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق