عن السياسات التعليمية في سورية


 عن السياسات التعليمية في سورية كتب حسين حميدي:

تقوم وزارة التربية السورية منذ سنوات طويلة بتدريس طلابها في المدارس الحكومية اللغة الأجنبية من الصفوف الأولى و تتعداها إلى لغتين في المرحلة الإعدادية والثانوية
تنطلق الكوادر التعليمية بتدريس اللغة الانكليزية بشكل إلزامي في التعليم الأساسي حيث كونها اللغة العالمية الاكثر انتشاراً خارج مواطنها في بريطانيا و أمريكا و هي لغة العصر بكل تأكيد و فرضت سطوتها على عالم اليوم ، بينما كانت الأحوال في تسعينات القرن الماضي اختيارية إذ يختار الطالب الفرنسية أو الانكليزية.
و في المرحلة الإعدادية كانت حتى وقت قريب اللغة الفرنسية هي اللغة الأجنبية الثانية مع الانكليزية بشكل إلزامي إلى أن أدخلت الوزارة اللغة الروسية إلى المناهج الدراسية و أصبح بإمكان الطلاب التفاضل بين اللغة الفرنسية و اللغة الروسية لتكون لغتهم الأجنبية الثانية مع الإبقاء على إلزامية اللغة الانكليزية
إلا أن هذا النموذج من الصفوف الدراسية يحرم طلابنا من إتقان اللغات الأجنبية بالشكل الأمثل لعلل كثيرة أذكر منها:
-كثافة عدد الطلاب في الصف الواحد :
1- بناء مدارس صغيرة في مناطق ذات معدل ولادات مرتفع
2- التأخر في بناء مدارس ضمن الحي ما يضغط على مدارس الأحياء الملاصقة
3- حالة النزوح و التجاور في حي جديد لأسباب مختلفة
- الوقت المخصص لتدريس اللغة الأجنبية و علومها :
1- عكس اللغة العربية الأم التي ينطق بها الطالب و يفهمها منذ الولادة فأن إمكانية تدريسها و استيعابها تزيد بسرعة حتى لو لم يلجأ المعلم في الصف إلى لهجته العامية لتبسيط المعلومات لأنه أصلا يتلقى جزءاً من قواعدها "باللاوعي" عبر أناشيد الأطفال و قنوات برامجهم المترجمة و الأصيلة
2- الوقت المتاح في الحصة الدراسية قليل ولا يكفي 50-60 طالباً ضمن الصف الواحد ليأخذوا فرصتهم في تلقي اللغة صوتياً و سمعياً فلو أخذ كل طالب دقيقة واحدة فقط بعد تقسيمهم على 4 حصص أسبوعيا ، فأن كل حصة ستفقد 25-35٪ من الوقت المخصص حسب موقعها من اليوم الدراسي لا سيما في مدارس ذات فوجين حيث دقائق الحصص غير ثابتة بين الأولى و السادسة ، دون الحديث عن دقة الوقت في ضبط بدء و نهاية الحصة أصلا ! أو انضباط الحالة الطلابية في الصف دون ضوضاء الطلاب على الأقل
ولا مجال للجزم لكن من الواضح أن نسبة جيدة من الطلاب في المراحل المدرسية و إن كانت تتقن ترجمة ما تقرأ شكلاً ، إلا أنها فقدت الهدف الأساسي من تعليم اللغات وهو التواصل و التخاطب ، فاللغات التي تُكتب .. تُنقل إلى الجيل التالي مع أحداث آنية و معاصرة للسابقين لتُخبر عنهم ، بينما تواجه صعوبات في فهم اللغة ذاتها إن نطق بها أحد مواطنيها ، سواء كانت باللغة الرسمية (الانكليزية مثلاً) أو ما يتفرع عنها من لهجات (كالانقسام البريطاني الأمريكي)
و المشكلة ملموسة و محسوسة على نطاق التعليم العالي باختيار لغة التفاضل لطلاب الثالث الثانوي في الناتج العام ولأن الأرقام الدقيقة لا تتوفر فاعتمادي على ما عاينته و سمعته من اعتماد شريحة كبيرة منهم على اختيار الانكليزية كونها الأعلى تحصيلاً في الامتحانات العامة
وأيضاً بدأت كلية الآداب قسم اللغتين الانكليزية و الفرنسية تلزم المتقدمين لها باختبار أساسا بسبب الأعداد الكبيرة للمتقدمين و انخفاض جودة تعليمهم اللغوي، و الطلب عليها مرتفع على عكس اللغات الأخرى لضعف الرغبة فيها و عدم وجود أساسات ابتدائية أصلا، و لانملك قاعدة بيانات أو دراسات عن عدد المتقدمين الذين خرجوا من أقسام اللغات أو واجهوا صعوبات إضافية في فهم المحاضرات الجامعية كونها تقدم باللغة المدروسة نطقاً و كم منهم أستمر إلى النهاية بسببها.!
التوصيات و المقترحات :
تخيير الطالب بلغة واحدة يرغب بدراستها خلال المرحلة الإعدادية و الثانوبة، و تخصص الحصص الدراسية تحت عنوان اللغة الأجنبية و بالتالي تزيد عدد دقائق تلقي اللغة الأجنبية و الاستماع إليها و إتاحة الفرصة للمعلم بدعم نشاطات الحوار و المحادثات الفورية المباشرة مع تفعيل دور قاعة المختبر العلمي بتوفير مضخم صوتي أو عدد مناسب من السماعات للاستفادة من ملفات القرص المدمج الملحق بمناهجنا وهو ما تتجاوزه المدارس كافة تقريباً.
إدخال لغات إضافية إلى المناهج الدراسية انطلاقاً من مراكز المدن الكبرى كدمشق و حلب ، اللغة الاسبانية مثالاً على اللغات الأجنبية فهي لغة لقرابة 20 دولة و 540 مليون ناطق و متحدث أي أنها توازي اللغة العربية، و تنتشر في أمريكا اللاتينية كلغة أم في أغلب بلدانها، و أيضا الصينية الماندرينية لأربعة دول و 800 مليون ناطق، و تعتبر كلاهما سوقاً اقتصادية و كتلة سكانية هائلة عالمياً ولا يمكن أن يتم تجاهلها أكثر
رفع الحد الأدنى للنجاح في اللغة العربية من 50 إلى 70٪ كونها اللغة الرسمية و تعتبر حاضنة العلوم و الآداب و حمايتها واجب و ركن أساسي من أركان تقدم الدولة و المجتمع
كذلك أن تُراعى وجود حصة نصف شهرية أو شهرية معنية بتعريف الطلاب على اللغات المتداولة بين شرائح المجتمع كالأرمنية و التركية و الكردية و السريانية دون أن تدخل في محصلة الناتج التعليمي و تعتبر في خانة النشاط (الفنون/الموسيقى/الرياضة)
تستغل وزارة التربية الحصص الإضافية عن تفريغ اللغة الأجنبية الثانية، باستحداث مواد ذات ضرورة كالجغرافية لطلاب الثالث الثانوي العلمي ولا أجد مبرراً لحصرها بالتعليم الأدبي للحصول على الشهادة!
أيضا المعلوماتية تستحق أن تدرج كمادة شهادة في الثالث الثانوي العلمي (البكالوريا) و أيضا التعليم الأساسي (التاسع) فلا مواكبة لتطورات العصر دونها بل باتت الحروب تخاض بأدوات التقانة و تقانات البرمجة و الليزر الموجه بالذكاء الصنعي و غيرها
والطلاب الخريجون من المركز الوطني للمتميزين يتقدمون إلى الامتحانات مع مادة المعلوماتية بشكل إجباري مع حصولهم على الشهادة الثانوية الخاصة بهم المعادلة للشهادة الثانوية العامة
يُلاحظ في المركز الوطني للمتميزين تخصيص عدد حصص لغوية في العربية مساوٍ لنظيراتها الانكليزية والفرنسية، و ذلك لتوفر الوقت و عدد الطلاب المناسب جداً، بينما هذه الرفاهية لا تتوفر إلا في مدارس القرى البعيدة عن مراكز المدن الريفية حتى!
هُناك CD قرص صوتي غير مستفاد منه رغم أنه متاح ضمن الكتب المدرسية الحكومية أساسا
*الصورة من الخطة الدرسية للصف الثالث الثانوي بحسب المركز الوطني للمتميزين.
حسين حميدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق