عن أحوال مرضى التلاسيميا هذه الأيام..
العيادات الشاملة في الزاهرة (او مركز التلاسيميا) كما هو متعارف عليها، حالها حال المؤسسات السورية، قبل عام 2011 كان متوافر فيها وبكثرة وحدات نقل الدم، المواد اللازمة لتحضير اكياس الدم (من مواد تصالب ومواد لازمة لاجراء تحاليل روتينية) وادوية خالبة للحديد وكل ما هو لازم لعلاج مريض التلاسيميا وبالمجان، وكادر طبي من أطباء متمرنين وممرضات ومخبريين، أيضاً المركز كان مجهز بطريقة جيدة من أسرّة ومقاعد طبية وغيرها.
في الحرب تدهور حال مركز التلاسيميا فأصبح الحصول على وحدات الدم مرهون باحضار متبرع، ومريض التلاسيميا ذو الصحة الجيدة يحتاج ما يقارب وحدتين دم في الشهر اي ما يقارب 24 شخص في السنة… بالاضافة الى حملات التبرع التي كان يقوم بها مرضى التلاسيميا واصدقائهم من منطلق (بحصة بتسند جرة) وهنا يجب التنويه باننا نتحدث عن اكثر من 8000 مريض مسجل فقط في دمشق!
وكلما علت اصوات المرضى كان الجواب دائماً بترتيب الاولويات، وكأن مرضى التلاسيميا هم مجرد ارقام لا معنى لها في سجلات وزارة الصحة. ومع فرض العقوبات الاوروبية على السوريين انقطع خالب الحديد من المركز واضطرت الدولة لأحضار (البديل الايراني) مع بعض المرضى كان له اثر جيد لا بل اثر ممتاز والبعض الآخر اوصلهم الى شفير الموت بسبب اعراضه الجانبية.. فلم يكن حل جذري لانقطاع خالب الحديد، مع التنويه ان هذا النوع من الادوية مكلف جداً وهو من الادوية الدائمة. حيث لا يستطيع مريض التلاسيميا ولو كان ميسور الحال احتمال هذه التكلفة الشهرية.
هذا كله ادى الى تدهور حال العديد من مرضى التلاسيميا وارتفاع نسبة الوفيات بينهم. لن ندخل في تفاصيل طبية لكن عدم نقل الدم في اوقات محددة والحفاظ على خضاب جيد وارتفاع نسبة الحديد في الدم و أعضاء الجسم يؤدي الى مضاعفات خطيرة ومميتة.
اليوم نحن مرضى التلاسيميا في سورية في اسوء حالة تمر علينا.. مرضى تعود الى منازلها خالية اليدين لم تحصل على قطرة دم واحدة مع خضاب يتجاوز 4 و 5، مخابر تخلو من مواد التصالب (عدم القيام بالتحاليل اللازمة لفحص الدم من الامراض المتعارف عليها كالتهاب الكبد AوB والايدز والعامل الاسترالي ومطابقته مع دم المريض)، صيدليات تصفر رفوفها حتى من ابسط الادوية اللازمة لاجراء عملية نقل دم، مستودع لم يبق فيه قثاطر ولا إبر، كادر طبي محدود
بعض مرضى التلاسيميا الميسورة احوالهم (هنا نتحدث عن نسبة تقل عن 0,01٪) يُضطرّون لاجراء عملية نقل الدم في مشافي خاصة يتلقون فيها عناية فائقة من تحاليل قبل وبعد نقل الدم والحصول على الادوية اللازمة بعد النقل (خوالب حديد وريدية) واذا اضطر الامر ابر تحسس خلال النقل.
وكما يقول المثل (كلشي بحقو) حيث ان النقلة الواحد باتت تكلّف أكثر من مليون ومئة الف ليرة سورية .
أرجو أن بصل صوتنا
من مريضة تلاسيميا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق