نقاط جوهريّة لتساؤلات أساسيّة
بالتزامُن مع حالة التضامن الجماعي التي ظهرت خلال الأسابيع الماضية بين السوريين شهدنا عودة الإهتمام بالشأن العام السوري بعد سنوات من الملل والتخلّي، ولمّا كانت عشرات الأسئلة مازالت مفتوحة فإننا نعرضُ هُنا لبعض النقاط التي مازالت موضوع تساؤل وستبقى كذلك ربّما.
* ماهو أثر تعليق بعض العُقوبات على السوريين؟
من الواضح أنّ السوريون باتوا يُدركون خلفيات الأشياء، إنّ تعليق بعض العقوبات الأميركية والأوروبية والبريطانيّة ليعض الوقت لايُلغي أبداً أثرها المباشر وغير المُباشر. نعم لقد كان النافذون في هذه الدول أمام ضغط إنساني أُجبروا معهُ على تعليق بعض العقوبات، وهذه المرّة الأولى التي تعترف فيها هذه الدول بأنّ عقوباتها تعيق حياة وأعمال المدنيين السوريين (أينما كانوا) وخصوصاً خلال الكوارث الطبيعيّة والمصطنعة منذ أكثر من عقد.
عمليّاً ستكون الفائدة من تعليق هذه العقوبات فقط تحرير بعض المعاملات الفرديّة وتحقيق بعض التواصل في مجال العمل الإنساني والإغاثي بشكل أكثر مرونة، أمّا أموال الحكومة (التي هي أموال السوريين) المجمّدة والمؤسسات الحكوميّة (المدنيّة والعسكرية) المُعاقبة والمحظورة فهي بقيت كذلك، كما أنّ الأفراط بالإمتثال من قبل الحكومات والمؤسسات والخوف من المُلاحقة بعد انتهاء المُدّة يجعل العقوبات المُعلّقة محدودة الأثر المُباشر على حياتنا، لكنّها رُبّما تشكّل بعض المرونة تجاه أي عمليّات حوار وثقة قادمة، بالمناسبة فإنّ المُقاطعة العربيّة مستمرّة ولو أدّت بعض الوفود الرسميّة واجباتها الأخلاقيّة والإنسانيّة.
ولأجل هذا تعالوا لانتوقف عن المُطالبة بكل الطرق برفع العقوبات جميعها لأنّ المُطالبة هي أقل ما يُمكن ويجب القيام به!
* أين ذهبت المُساعدات؟
على الرّغم من تعداد المئات من الطائرات والقوافل وبعض السفن إلا أن الإحتياجات أكبر، قد يبدو هذا كلاماً مُبالغاً فيه لكننا فقدنا خلال السنوات الماضية عشرات سيارات الإسعاف مثلاً واستنزفنا كلّ التجهيزات وكثير من هذه المساعدات هي احتياجات أساسيّة، كما أنّ حجم المتضررين ليس بالآلاف بل بمئات الآلاف ولهذا فإن كلّ السكان في هذه المدن منكوبين، هناك الآلاف فعلاً لايعرفون اذا كانت بيوتهم معرّضة للهدم لأن لجان الكشف عليها لم تصل حتى الآن فهناك عشرات الآلاف من البيوت التي عليهم المرور عليها.
علينا التوقف عن قول أنّ المساعدات التي وصلت تكفي لبناء مدن كاملة، خلال الأيام القادمة ستبدأ الأخبار الإعلامية الساذجة (لأنها تعدّ الأطنان فقط دون أن تشرح للناس محتوياتها وكيف تستخدم) حول الطائرات والقوافل بالتلاشي ويبقى السوريون لوحدهم من جديد في مراكز للإقامة المؤقتة أو في خيم ضمن الحدائق العامة أو في ييوتهم الحزينة.
* أين يسكن أهلنا المتضررون؟
هناك تحديث مستمر للاجابة على هذا السؤال، العشرات يعودون لمنازلهم كل عدّة ساعات بالفعل بعد أن تنتهي لجان السلامة من الكشف على بيوتهم وهناك الآلاف سيتمكنون من العودة بعد التدعيم خلال أسابيع وهناك البعض سوف يبقون لفترات أطول ينتظرون الصندوق الموعود من الحكومة الذي قد يقتصر عمله على تصميم بعض الغرف مسبقة الصنع وينتظر البعض مبادرات غرف التجارة والشركات الكبيرة وبعض المحافظات الأخرى لبناء بعض المقاسم السكنيّة على الهيكل وتسليمها للمتضررين.
نعم هناك أزمات معقدة هناك بعض الأحياء العشوائية ليس هناك سجلات عقارية لها وبالتالي سيشكل تعويضهم عقبة كبيرة فالحكومة لاتعترف بالعشوائيات فكيف ستسمح لأهلها بالحصىل على بيوت جديدة أو كيف تعطيهم رخص ترميم لمحاضر ليس لها سجلات عقارية أصلاً؟ هذه المشاكل نتوقع أن تكون موضع نقاش وسيُحاول الجميع كما نأمل تقديم التنازلات كون المسألة أكثر من إنسانية هذه المرة.
* هل انتهت الزلازل؟
هذه الأسئلة لايمكن إيجاد اجابات عنها، لكن تتالي الهزات الضعيفة كما يقول المُطّلعون يعني أن الصفائح ترتّب نفسها من جديد، على الرغم من هذا علينا الانتباه أن الخطر لايُمكن أن يتوقف، وهو لم يكن متوقفاً بالفعل لكننا كنّا مشغولون عنه بأمور أخرى، ننصح بمتابعة المركز الوطني للزلازل فقد بدأ القائمون عليه يفهمون أهميّة أدوارهم بتبليغ الناس عن أي تحديثات.
* نحنُ متضررون نفسيّاً؟
على الأغلب نعم جميعنا كذلك، لهذا كُن أكثر لطفاً مع من أنت مسؤولٌ عنهم، لنحاول أيضاً أن نعالج أنفسنا، البعض يُفضل الروحانيات والطقوس الدينيّة، البعض يفضّل الموسيقى وآخرون القراءة والبعض لعب الورق، لن تستطيع العيادات النفسيّة والفرق المؤهلة معالجتنا أو سماعنا جميعاً، ولهذا دعونا نترك هذه الفرص لمن نعتقد أنهم أكثر احتياجاً.
هناك عشرات الخدمات التي تقدمها المنظمات بشكل مجاني لايعرفُ عنها الناس المستهدفون، ببساطة قد لايكون لديهم حساب على فيسبوك، لنساعدهم بالوصول. لاحاجة لنا للضغط على أنفسنا، قد نحتاج شهور طويلة للخروج من هذه الحالة النفسيّة العامة، الأمر مُقلق نعم، لكنّه يجب أن يكون مفهوماً لنا.
* هل بيوتنا في خطر من زلزال قادم؟
يقول كثير من المهندسين أن كُلّ الأبنيّة المرخصة والمطابقة للمواصفات تتحمّل الهزات والزلازل ضمن الحدود المعروفة، لكنّ هذا متوقف للأسف في بلدنا على مسألة الضمير والفساد والاستهتار، لتكن بأمان أجري الاختبارات التي تسمع عنها وتشاهدها في الانترنت، اسأل خبيراً بشكل غير رسمي، اذا ظهرت تشققات واضحة ولو كانت قديمة سجّل للكشف على منزلك، الكشف مجاني ومتوفر في كلّ المناطق والكشف لن يُعرّضك للمسائلة بل سيكون التقرير الفنّي لحمايتك أنت والعائلة، يجب أن نثق بهذا لنستمرّ في حياة مُطمئنة على الأقل.
* سنعودُ شعباً واحداً من جديد؟
ساهم الزلزال في كسر بعض الخطوط والعُقد، المسألة صعبة لكنها ليست مستحيلة، اليوم أكثر السوريين وأكثر من أيّ وقت مضى بحاجة لبعضهم وعلينا العمل لنعود معاً، لا تُقلّل من أهمية حضورك في أي مكان ولو كان افتراضي لأجل جمع السوريين من جديد، توقف عن متابعة ودعم المتطرّفين لآرائهم ولو كانوا من المقرّبين إليك، العيش معاً من جديد واعمار هذا الخراب يتطلّب مرونة أكبر وتقبل صادق من الجميع ولأجلهم.
كُل هذه النقاط لديكم ما تضيفونه إليها أو ماتختلفون معه فيها، انّها مفتوحة للإضافة والنقاش
مدونة الشأن العام - سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق