من وقت لآخر يُطلّ بعض التافهين للقول أن العقوبات لا تؤثر على السوريين ولاتستهدفهم


 من وقت لآخر يُطلّ بعض التافهين للقول أن العقوبات لا تؤثر على السوريين ولاتستهدفهم، لاتضيّعوا وقتكم ولكن لتعرفوا بعض الاجابات المفيدة عن تساؤلات قد تفكرون بها أو تسمعونها من وقت لآخر ندعوكم إلى قراءة خلاصة تقرير ألينا دوهان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بإعداد تقرير خاص حول العقوبات والتي زارت سورية خلال الشهور الماضية، الخلاصات مفيدة والتقرير متوفر بالعربية والانكليزية سنتركه لكم في آخر المنشور.

‎الخلاصة
‎أدت العقوبات الأحادية الجانب الأولية والثانوية والتهديدات بالعقوبات وسياسات تجنب المخاطر والامتثال المفرط لها إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في سورية، والتي تأثرت بالفعل باثني عشرـ عاماً من النزاع والأعمال الإرهابية، وتدمير البنية التحتية، ووباء كوفيد 19، إلى أزمة اقتصادية متنامية في المنطقة، وملايين النازحين الداخليين واللاجئين.
‎أرى، مع الأسف، وعلى الرغم من التقارير المتعددة من قبل
هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية حول الوضع الإنساني البائس في سورية والتأثير السلبي الهائل للتدابير القسرية أحادية الجانب، أنّ هذه التقارير والدعوات لم يتم إيلاءها الأهمية اللازمة.
‎إنّ العقوبات على المصرف المركزي، وإقصاء
‎المصارف السورية عن نظام سويفت المصرفي، والعقوبات على قطاعات النفط والكهرباء والتجارة والطيران المدني والمعلومات والاتصالات والبناء والهندسة، وعلى الأفراد والشركات، وحظر تقديم القروض والامتيازات والمنح، بما في ذلك عبر المشاركة في المنظمات الدولية؛ والعقوبات الثانوية والإفراط في الامتثال لها من قبل المصارف والمنتجين هي ما يمنع الحكومة السورية من الحصول على الموارد واستخدامها لاستعادة البنى التحتية الأساسية وصيانتها، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والإسكان والطرق والطيران المدني وإمدادات الكهرباء والمياه، وكثير غيرها.
‎فهذه العقوبات الأحادية الجانب تعيق توفير الخدمات الحيوية بما في ذلك المياه والكهرباء والتدفئة والنقل والمأوى والتعليم وإعادة اللاجئين السوريين والنازحين وتأمين اللقاحات، مما أدى إلى انخفاض برامج الدعم الاجتماعي، وإزدياد التلوث البيئي والقطع العشوائي للأشجار لاستخدامها للتدفئة. العقوبات الأحادية الجانب تمنع تنفيذ المشاريع الأكاديمية والثقافية والبيئية وصيانة التراث المادي واللامادي للشعب السوري وترميمه، وبالتالي يكون لها تأثير مدمر على السكان ككل وعلى أداء المجتمع الأهلي.
‎كما أنّ للعقوبات تأثير مدمر على جميع فئات
‎حقوق الإنسان تقريباً، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحق في الصحة والغذاء والسكن اللائق والمستوى المعيشي اللائق، والحق في المياه النظيفة والصرف الصحي، والحق في بيئة مواتية، والحق في الوصول إلى الانترنت، والحق في الحياة.
‎يرزح جميع السكان تحت ظروف تهدد حياتهم مع نقص حاد في مياه الشرب ومياه الري ومرافق الصرف الصحي والكهرباء ووقود الطهي والتدفئة والنقل والأنشطة الزراعية، وكذلك نقص الغذاء (بما في ذلك حليب الأطفال) ونقص المرافق الصحية والمعدات الطبية والأدوية، ومرافق العمل والتعليم، مما يجعل البلاد وضع شديد الهشاشة وفي حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
‎أقدر الدعم الإنساني الذي يقدم للشعب السوري من جميع المانحين وأثمن جهود وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية والمنظمات غير الحكومية المحلية لتقديم المساعدات الإنسانية، والتي ساعدت في بعض مشاريع ترميم البنية التحتية.
وعلى الرغم من ذلك، فإنني ألاحظ للأسف تعثر جهودهم للقيام بالتحويلات المصرفية ولإيصال المساعدات الإنسانية بسبب الإفراط في الامتثال بين المصارف والناقلين وشركات التأمين، وبسبب الحاجة إلى الاستثناءات المتعددة في كثير من الأحيان أو الحاجة المتكررة إلى التحقق من الإعفاءات. مما جعل عمليات التسليم مكلفة وطويلة ومعقدة وبيروقراطية، ومما اضطر الجهات الفاعلة الإنسانية إلى البحث عن بدائل وتحميل هذه الجهات عبء إثبات الطبيعة الإنسانية البحتة لعمليات التسليم.
‎كما أرحب بالجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية المحلية والجهات الإنسانية الفاعلة الأخرى لتقديم المساعدة الاجتماعية والإنسانية للأشخاص الذين يعانون من أوضاع هشة. ونظراً للنطاق المحدود لمشاريعهم، وعدم توفر المساعدة القانونية والتقنية، والعقبات اللغوية، فهم غير قادرين على الحصول على إعفاءات بسهولة، كما أنهم محرومون من إمكانية القيام بجمع التبرعات وتلقي المدفوعات عبر التحويلات المصرفية أو منصات جمع التبرعات، مما يضطرهم إلى استخدام السلع والخدمات من السوق السوداء.
‎إنّ الاستعداد الصريح والتهديدات المعلنة لفرض
‎عقوبات ثانوية وعقوبات جنائية ومدنية ضد الأفراد والشركات التي تحاول الالتفاف على العقوبات الأحادية، فضلاً عن سياسات تجنب المخاطرة والامتثال المفرط من قبل مصارف دول ثالثة وشركات خاصة، صعبت تحويل أو تلقي الأموال بما في ذلك التبرعات والتحويلات، مما يؤدي إلى تأخير كبير جداً في عمليات الشراء، وإلى استغلال هذا الوضع من قبل أطراف ثالثة، وتسليم مواد منخفضة الجودة أو مزيفة، ومواد طبية تحليلية كاشفة وأدوية، إضافة إلى التهريب والفساد وتطور عمل السوق السوداء.
‎وأؤكد أن انخفاض عائدات الصادرات وتدني الرواتب وتدهور الاقتصاد والتضخم المفرط قد قلل من قدرة الحكومة على الحفاظ على الدعم الاجتماعي الذي كانت تمارسه في مجالات الغذاء والصحة والإسكان، مما يؤثر على الحق في الغذاء وعلى التحرر من الفقر،والحق في الصحة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق في حياة كريمة، ومما أدى أيضاً إلى إعاقة تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
‎أدى رفض كل من المصارف ومنتجي الأدوية والمواد الخام والمعدات الطبية، وكذلك رفض منتجي قطع الغيار والبرمجيات واللقاحات الموافقة على التحويلات المصرفية إلى سورية أو من و إلى المستفيدين السوريين دون أي خطابات طمأنة، إلى نقص كبير في الأدوية والمعدات الطبية في المستشفيات السورية والصيدليات، وقوض حسن سير صناعة الأدوية السورية.
ونجم عن ذلك تزايد معدل الوفيات الموثقة؛ وزيادة عمليات التسليم واستخدام الأدوية والمعدات الطبية منخفضة الجودة؛ مما تسبب في تدهور الصحة، لا سيما للأشخاص ذوي الإعاقة، وقلل من متوسط العمر المتوقع، وزاد من المعاناة النفسية، وسبب الاكتئاب واليأس، وسمح بانتشار الأمراض، وانتهاك الحق في الصحة، وكذلك قضى على جودة الحياة، و أدى إلى انتهاك حق العيش بكرامة، وكذلك الحق في الحياة.
‎يتردد الشركاء الأجانب في التعاون مع نظرائهم من الشركاء السوريين في مجالات التعليم والثقافة والرياضة بسبب صعوبات تحويل الأموال، وتكاليف وتعقيدات الحصول على التأشيرات، واستحالة حجز الرحلات والفنادق، وتعليق المنح البحثية والمنح الدراسية، والخوف من العواقب السلبية في بلدانهم الأصلية بسبب التعاون مع سورية أو زيارتها. ويقلل هذا من الخبرة الأكاديمية والمهنية، ويعيق الوصول إلى المعرفة، ويشكل ممارسة التمييز على أساس الجنسية، ويؤثر على الحق في التعليم وكذلك الحق التعاون الأكاديمي والرياضي والثقافي الدولي والابتكار والحريات الأكاديمية والحقوق الثقافية، مما يمنع التعاون والحوار في جميع المجالات المذكورة أعلاه.
‎تعيق استحالة التحويلات المصرفية دفع رسوم العضوية للمنظمات الدولية، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي وقواعد البيانات العامة من أرقام الهواتف أو عناوين بروتوكول الانترنت السورية، وعزل سورية والمواطنين السوريين عن التعاون الدولي، ومنع ممارسة الحق في التنمية والوصول إلى المعلومات وحرية التعبير.
‎تساهم جميع المشاكل الناجمة عن تدهور الوضع الاقتصادي وتزايد الأمية بين النازحين بسبب النزاع والفقر وانعدام الأمن الغذائي ومحدودية الوصول إلى الخدمات الصحية في زيادة الجريمة وتعاطي المخدرات، وزيادة عدد أطفال الشوارع، والتهريب، والبغاء، والاستغلال الجنسي، والمشاركة في الأنشطة الإرهابية، مما يؤدي إلى انعدام الأمن المدني وأمن عبر الحدود، وفقدان الأمل وزيادة الهجرة في كثير من الأحيان عن طريق وسائل غير قانونية أو غير آمنة والاتجار بالبشر.
‎تؤثر الهجرة الهائلة للسوريين (التي تفيد التقارير أنها تصل إلى 6.8 مليون) نتيجة الفقر واليأس ونقص كافة الاحتياجات المذكورة أعلاه بشكل كبيرعلى حقوق الإنسان لشعوب البلدان المجاورة التي يجب أن تتعامل مع تدفقات اللاجئين الهائلة بينما هم عرضة للأوضاع الاقتصادية الحرجة الخاصة بهم.
إنّ حماية حقوق الإنسان في سورية غير ممكنة دون إعادة بناء جميع البنى التحتية والخدمات الحيوية بالتعاون مع منظمات ووكالات الأمم المتحدة وبمساعدة إنسانية مستمرة وغير مشروطة. قد يرقى الاستمرار في فرض العقوبات أحادية الجانب في ظل الوضع الكارثي الحالي في سورية، والذي ما يزال يتدهور، إلى جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري كله.
للوصول إلى التقرير كاملاً باللغتين:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق