مدارسنا كعوائد للإستثمار، كتبت آلاء العظم:
ضجّ المجتمع السوري بكل شرائحه ومختلف قطاعاته بعد فاجعة الزلزال بموضوع رفع العقوبات وأثرها السلبي على وصول الإعانات، حوالات المغتربين إلى ذويهم، توافر الوقود والكهرباء، استيراد مواد البناء وآليات رفع الأنقاض.
ليطلق مؤخراً سعادة الدكتور طلال أبو غزالة مشكوراً مبادرةً تدعو إلى رفع العقوبات عن قطاع التعليم في سورية لما له من آثار سلبية على جيل كامل لا ذنب له في أي صراع جيوسياسي.
وعلينا ألا ننسى أن الحرب في سورية أيضاً تسببت في خسائر فادحة في القطاع التعليمي لتترك أكثر من 7000 مدرسة متضررة أو مدمرة وحوالي 2 مليون طفل خارج المدرسة (اليونيسف). هذه الأعداد ستتصاعد بالتأكيد بعد فاجعة الزلزال وتزيد العبء الاستثماري على الحكومة.
لذا وفي ظلّ هذه الظروف، لا يمكن لوزارة التربية الجلوس مكتوفة الأيدي بانتظار أن تتعطف علينا الدول الغربية برفع العقوبات أو أن تُخصّص تمويلات لإعادة إعمار المدارس عن طريق المنظمات الدولية. كلّ ذلك سيأخذ سنوات طويلة من النقاش والحشد والصراع التي سيضيع خلالها أجيال من الأطفال واليافعين وتضيع معهم فرصة تأهيلهم لدخول سوق العمل ومشاركتهم الفعّالة في بناء المجتمع.
من جهة أخرى، أظهرت هذه الفاجعة لحمة المجتمع السوري وقدرته على التعاون بكل قطاعاته بما يخدم المصلحة العامة. ورغم إقصاء القطاع الخاص من تجّار وصناعيين وشركات في الفترة الأخيرة وتقويد عمله بكثير من القرارات والممارسات، إلا أنه كان لاعباً أساسياً في توفير المعونات وشريكاً استراتيجياً مع الجهات الحكومية والجمعيات.
فلماذا لا نستثمر ذلك لبناء شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والقطاع التعليمي بما يخدم مصلحة أطفالنا؟ اليوم معظم المدارس السورية الحكومية التي في الخدمة تمتلك بنية تحتية تضمّ ملاعباً، قاعات رياضية، مخابراً ومكتبات. يمكن استثمارها من قبل القطاع الخاص خارج أوقات الدوام لتوفير نشاطات رياضية، وثقافية، وعلمية للأطفال واليافعين.
ولتعود هذه العلاقة بالنفع على كل الأطراف:
يشترط على القطاع الخاص تطوير البنية التحتية لهذه المرافق والحمامات والمشارب مقابل استثمارها خارج أوقات الدوام الرسمي وخلال العطل الأسبوعية والموسمية. كما يمكن لطلاب المدرسة استخدامها بوجود موظف من طرف المستثمر للحرص على عدم إساءة استخدامها.
في المقابل تحصل وزارة التربية على عائد استثماري ممكن استخدامه لتطوير بنية المدارس ومعداتها وترميم المدارس المتصدعة وإعادة بناء المهدمة منها.
الأمر الثالث، لا يمكن تطوير الرياضة السورية بلا ملاعب ونحن نعاني من قلة الملاعب والقاعات الرياضية مقارنةً بعدد الأطفال واليافعين. وهذه التشاركية ستوفّر ملاعباً وقاعات مؤهلة تسهّل علينا اكتشاف المواهب والاستثمار فيها.
اليوم، نحن جميعاً وخصوصاً القطاع الحكومي بحاجة للخروج من صندوق العمل المنفرد ونتوقف عن إعادة اختراع الدولاب، فالقطاع الخاص هو شريك حقيقي وداعم للمجتمع، تتوافر لديه الكثير من الحلول، وأهم مصدر للضرائب وفرص العمل ويجب أن يكون لاعباً استراتيجياً في بناء اقتصاد الوطن.
@alaa alazem آلاء العظم
*الصورة لمدرسة مزرعة الحسينية المرمّمة مؤخراً في جنوب شوق حلب بالتعاون مع منظمات غير حكومية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق