مشاهدات من حلب بعد أسبوع مُرهق!
ربّما تعتقد أنني سأذكر بعض الأرقام عن هول الفاجعة وآلاف الضحايا الذين مسّهم الزلزال قبل أسبوع، هذه الأرقام تجدها في أي مكان، سأحكي مشاهدات أخرى نسيها الآخرون أو انشغلوا عنها ربّما!
صبرٌ جميل
أهالي المدينة جميعهم متضررون حتى أولئك الذين نجت منازلهم، لكنّ جميع من قابلتهم في حلب يحملون مدينتهم بين عيونهم المُتعبَة، الناس صابرون، بعضهم يشعر بالعجز للحظات ثمّ يقول لك الحمد لله، الله نجانا وكلشي حجر بيتعوّض.
خليّة النحل مفهوم حقيقي
تعلّمنا في برامج الكرتون أنّ مجتمع النحل يتعاون في بناء المملكة دون كَلل، لكنني أعتقد أنه من المهم استبدال هذا المفهوم بتعاون الحلبيون هُنا، المدينة خليّة نحل كبيرة، نعم هناك بعض العفوية والعشوائية لكنّ الناس هُنا عجيبة حيويتهم!
أمامنا عملٌ شاق!
هناك أسابيع طويلة مطلوبة من العمل لأجل اعتبار المدينة آمنة المساكن من جديد، هُناك جهد جبار يقوم به المهندسون، عليهم زيارة آلاف المنازل لفحصها، هذه اللجان، لجان السلامة ينتظرها الآلاف ليعرفون مصير بيوتهم، الضغط كبير جداً لكنّ الهمم عالية أيضاً.
اختلطت الشارات
في كل موقع عمل أو استجابة ستجد القائمين متنوعين، يُشارك في هذه الجهود جنسيات مختلفة، عسكريين ومدنيين، متطوعين وموظفين، أهالي ومسؤولين، الأرض هذه المرّة أرض الجميع، لكلّ دوره حتى الأطفال الذين يبحثون عن الحطب لتدفأة أهلهم المنتظرين في حديقة أو أرض زراعيّة.
عملٌ كبير اُنجز، وبقي الكثير الكثير
بينما نحنُ في بيوتنا نتعاطف أو ندعم وتحت ضغط نفسي تمّ هدم عشرات الأبنية الخطرة ويجري ترحيل أنقاضها، مئات مراكز الإيواء في مدارس ومساجد وأديرة وملاعب ومعامل وورشات التجأ إليها الناس ويجري تزويدها بمختلف المُتطلبات ولم يتمّ تلبية جميعها حتى الآن بالطبع لكنهم يعملون لأجل ذلك.
الآلاف سيعودون لمنازلهم
إن هذه الأعداد الكبيرة في مراكز الإيواء سيعود أغلبها لمنازلهم بعد تأكيد سلامتها، قد يطولُ هذا لأسابيع ولكنّ ليست كلّ الأبنية متضررة ضرراً كبيراً بالفعل.
حال المدينة
مع كُلّ هذا الألم تُحافظ المؤسسات الحكوميّة على أدوارها، الخبز يوزع للجميع وبكميات مناسبة، الشرطة منتشرة بكل استطاعتها ولم تسجل حوادث نهب تُذكر، عُمال النظافة مازالوا يقومون بأدوارهم، هناك توريد جيد للمواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق ولم تفقد أي مادة استهلاكية أساسيّة. وضع الكهرباء تعرفونه تماماً للأسف!
التحدي هو الغد
الحلبيون أقوياء، لكنّ هذه الإطراءات لاتكفي، المدينة تحتاج لاستراتيجيّة متكاملة لمسألة الإسكان وبناء وحدات سكنية جديدة، هناك حاجة لتعزيز تشارك المعلومات وتوحيدها، أيضاً هُناك حاجة لاستدامة الدعم والتبرعات خلال الشهور القادمة على الأقل فلا تتوقفوا.
الأرقام مُتبدّلة
كُلّ الأرقام متغيرة، الضحايا والمصابون والذين تركو بيوتهم والذين عادوا إليها، والأبنية المهدمة والمتصدعة والمتضررة، مع كلّ هزّة ارتدادية تتغيّر الأرقام ويهلعُ الناس من جديد، هذا يشكّل ضغطاً كبيراً قد يستمر لأيام أخرى.
المساعدات من كُلّ مكان
قد تتفاجئ أن المساعدات الأكبر ليست تلك المساعدات الدوليّة، بل تلك القوافل المحمّلة من كُلّ الأرياف والمدن والبلدات السوريّة، من دول مختلفة يأتي متطوعون على حسابهم للدعم والمساندة، هناك فريق صيني من المتطوعين مدرّبين للبحث عن الضحايا تحت الأنقاض حضرو على حسابهم. اللهجات تختلط عربيّة وفارسيّة، الكُل يساعد ويحاول. انتبه الحاجة مازالت متصاعدة!
المنظمات تحت تأثير الصدمة
على عكس المنطق، تبقى استجابة الناس أسرع من استجابة المنظمات الأممية والدولية، التي مازالت تُفكّر وتُخطط، وكأنّ البيروقراطيّة جعلت من هذه المنظمات الإنسانيّة عاجزة عن مواكبة الحدث.
البالُ مشغول
عجباً كيف ترى بعض الناس يسألون عمّا حلّ بالسوريين في مناطق مختلفة في ذات اللحظة التي يتمّ بها هدمُ منزلهم المتصدع! غضب رجل كان يسوّي خيمة من بعض الشوادر عندما علم بأن قوافل المساعدات إلى أهلنا في الشمال أُغلقت أمامها المعابر، وحزن لما حلّ بأهل جبلة، قال لي الله يعين الناس، وكأنهُ لم يترك منزله ولمّا يعود إليه.
تعالوا نستمرّ
لنستطيع ترميم مجتمعنا بشراً وحجراً علينا الإستمرار بحالة التضامن التي نعيشها منذ أيام، هناك الكثير من المهاترات التي لاتعني الناس المتضررين، المهم أن نستمرّ في معركة ردّ عدوان العقوبات، وأن نستمر في تقديم العون المادّي والمعنوي والنفسي.
بالمناسبة لم تتغيّر أشياء كثيرة، أول ما استقبلتني به حلبٌ كما دوماً: مية السلامة
وسيم السخلة
مدونة الشأن العام - سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق