شوقي بغدادي ♥️ أيقونات سوريّة


 شوقي بغدادي

♥️ أيقونات سوريّة
يقول شوقي بغدادي: على الرغم من أنني ابن الساحل السوري لكن لا أدري لماذا سحرتني دمشق منذ مطلع عام 1946، حين انتقلت الأسرة بأكملها إلى العاصمة. حضرت هناك أول عيد للجلاء، بعد رحيل المستعمرين الفرنسيين على ضفاف نهر صاخب (كان صاخبا حافلا حينها) اسمه نهر بردى عند مدخل المدينة وقتها أو في المكان المسمى الآن «جسر فيكتوريا».
شاهدت مع معظم سكان المدينة الذين هبوا منذ الصباح الباكر إلى ذلك المكان حيث العرض العسكري والشعبي الذي خلب ألبابنا وصار عيدنا الأكبر كل عام في السابع عشر من نيسان/أبريل.
كنت في المدن الصغرى الساحلية مجرد غلام صغير، وإذا بي أمام مدينة عريقة كبيرة خارقة الحسن والجمال، وعلى الأخص مدينتها القديمة بآثارها الجليلة وأزقتها الملتوية ومساجدها الواسعة العريقة وغوطتها التي تحيط بها كحزام أخضر على خصر عذراء فاتنة.
في دمشق عرفت حبي الأول كانت زميلة لي في كلية الآداب اسمها «مديحة». لم أستطع الزواج منها لأن أحد الوزراء خطفها مني وأنا مشغول بتأسيس أول رابطة للكتاب السوريين والعرب في ذاك العهد. ثم أحببت أخرى اسمها «إحسان» الذي خطفها كان الموت هذه المرة، حينما اكتشفنا إصابتها بالسل كان قد فات الأوان.
وفي دمشق اعتقلت في سجن المزة العسكري لأول مرة في حياتي أيام الحكم الناصري لمدة تسعة أشهر عام 1959. ماذا أروي لكم عن الأحداث التي مرت بي في هذه المدينة الطيبة القاسية وصنعت مجرى حياتي بين الفرح والألم، بين نشوة عشق المرأة وتراجيديا الموت المبكر، بين مشاهدة التاريخ العريق والأحياء الجديدة المغرية التي ليس لها طابع الأصالة التاريخية التي عرفت بها أقدم عاصمة في التاريخ، ثم ملاحقة التغييرات التي بدأت تشوه المنظر المألوف للمدينة القديمة وللغوطة التي بدأت تغزوها المعامل الصناعية الكبرى والمداخن والغبار والمخالفات السكنية المسكوت عنها. مما دفعني في ما بعد لنظم ديواني المسمى «البحث عن دمشق» الذي أثار اهتمام الكثيرين ليس بموضوعه الجديد فقط، بل بإسلوبه المبتكر أيضاً.
هذه هي دمشق وهذا أنا الشاعر الذي شاخ ولكنه ما يزال يعزي نفسه بأن دمشق ما تزال باقية وما يحدث فيها الآن لن يستطيع القضاء عليها وذلك لأنها معتادة منذ قديم الزمن على النكبات والغزوات والخراب ثم العودة إلى الحياة من جديد مثل طائر الفينيق الأسطوري.
رحل الشاعر والقاص شوقي بغدادي الذي وافته المنية عن ناهز 94 عاما. ولد في 26 تموز عام 1928 في بانياس ونشأ فيها، وفي طرابلس واللاذقية. انهى تعليمه العالي في كلية الآداب في جامعة دمشق وفي كلية التربية معاً عام 1951، عمل مدرساً للغة العربية وآدابها في المدارس السورية وفي الجزائر ضمن كلية التعريب التي كانت قد نشطت هناك بعد الاستقلال عن فرنسا.
عاد إلى دمشق عام 1972، شارك في تأسيس رابطة الكتاب السوريين عام 1951 وفي تأسيس اتحاد الكتاب العرب عام 1969.
نشر بغدادي العديد من المجموعات الشعرية والقصصية التي تركت أثراً مهماً في الأدب العربي منها: أكثر من قلب واحد 1955، لكل حب قصة 1962، أشجار لا تحب 1968، بين الوسادة والعنق 1974، ليلى بلا عشاق 1979، قصص شعرية قصيرة جداً 1981، عودة الطفل الجميل 1985، رؤيا يوحنا الدمشقي 1991، شيء يخص الروح 1996، البحث عن دمشق 2002 وغيرها من الأعمال الأدبية.
عن مصادر متعددة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق