هل هناك إنصاف حقيقي في وضع رواتب وأجور الخدمات التعليمية في سوريا؟ التدريس على وجه الخصوص؟


تتابع فاطمة فرواتي سلسة تدويناتها التي تتناول واقع التعليم في سورية:
هل هناك إنصاف حقيقي في وضع رواتب وأجور الخدمات التعليمية في سوريا؟ التدريس على وجه الخصوص؟
إحدى نتائج عزل مهارات عالم الأعمال عن التعليم، العزل الممنهج في معظم الحالات_باستثناء النماذج القدوة_ هي عدم وجود ثقافة عمل احترافية حقيقية ضمن الجهات التي تقدم الخدمات التعليمية في كثير من الجوانب، وعلى وجه الخصوص الجانب المالي وتبني إستراتيجيات تقديم أجور الخدمات بشكل منصف، لدرجة أن القائمين على وضع سلم الرواتب ضمن الجهات التي تقدم تلك الخدمات، وخصوصاً في المؤسسات الخاصة والجمعيات والمنظمات تتناسى أنه من أساسيات العمل المهني هو وضع سلم رواتب منصف!
ولعل الذي يلمس الواقع بتجاربه يعرف جيداً تلك السياسات التي تتبع في تقديم الأجور للموظفين والتي تستغل غياب التوعية الحقيقية عن كيفية تسعير الخدمات الغير ملموسة في عالم الأعمال على وجه العموم، والخدمات التعليمية كالتدريس على وجه الخصوص.
إلا أننا ورغم كل هذا لا ولن ننسى أن التعليم حاجة أساسية في التعريف الأول وركن البناء الذي يعول عليه، فكرياً وروحياً وثقافياً..وعلى طرفي نقيض، نعرف عدد المتعدين على المهنة بلا سبب ولا حق، وكأنه "مين ماكان بيقدر يصير مدرس ومدرب لغة ويدعي الإختصاص!" نعرف شرعنة وجودهم تبعاً لسياسة اختيار الأقل تكلفة على حساب الكفاءة والجودة والقيمة المضافة، نعرفها جيداً...
ونعرف كيف هي النظرة الاجتماعية "لمهنة الأنبياء"!
وكيف يكون عمل المعلم، المعلم الذي يحمل القضية بحب ليقود التغييرالإيجابي وهو بمعظم الأحيان بلا مساحة عمل أو غرفة بخدمات حقيقية له، بلا تدريبات، بلا حتى مواصلات مؤمنة!
هل علينا أن نكرر لمعظم أصحاب القرار في الجهات التي تدعي الاحترافية وتحمل شعارات الإنسانية والقيمة المضافة في العمل الخاص والتنموي، ما يعرفونه وما تدربوا عليه بأن: الخدمة الغير ملموسة تتأثر 'بمقدمها'!
وعليه، هل يظنون أنه من الممكن أن يبقى اسم مكان لا ينصف، هل سيتوسع ...من لا يحافظ ويطور وينمو وينمي رأس ماله البشري؟ من سيوقف استنزاف رأس المال البشري حين يصير الحل الوحيد هو مغادرة الأماكن التي لا تنصف ولاتعطي المعلم الكفؤ والمحترف حقه؟
لأخبرك بالحقيقة الصعبة..نعم، في الغالب، يتم وضع موازنات هائلة لمعظم التفاصيل ضمن خطط العمل والمشاريع، وعندما يصل الأمر للخدمة التعليمية الغير ملموسة ينتقصون من تعب مقدمها، وكأن الأمر لا يكلفه سوى أجرة المواصلات وحديث من بين شفتيه، ترى هل ينسون أن مهنة التدريس مصنفة من أصعب المهن عالمياً..؟
هل نحن مدركون لخطورة الأمر...وأثره، أثره العميق...العميق، إن بقي معدل اتخاذ قرار المغادرة من قبل المعلمين الأكفاء لوظائفهم أو تغيير مهنتهم ضمن مسارهم المهني في هذا التزايد المحزن؟!
نهاية، ولأن الأجوبة تعاش..يبقى السؤال:
ترى متى ...متى ننتقل من الدوائر المفرغة هذه..من العقليات التي تعيد البدايات إلى ذات النهايات ثم تتذرع بأن هذا الحل هو الحل الوحيد المتاح؛ إلى الامتلاء...إلى نهايات تحملنا لبدايات جديدة إلى حلول من عقليات تعرف كيف تقع في حب القضية وتأخذ بأرواحنا للوقوع في حبها أيضاً والاستمرار في حبها حد الإغداق ...عقليات تحملنا لبدايات تفيض بصناعة أثر ملموس وملهم وحقيقي..؟
فاطمة فرواتي
Fatima D. Farwati
*الصورة: من أعمال للفنان السوري عبد الرحمن موقت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق