عن المشكلات السوريّة التي لايعرفُها أهل العاصمة


عن المشكلات السوريّة التي لايعرفُها أهل العاصمة
تُسيطرُ هموم ومشكلات العاصمة والمدن الكُبرى على المساحات السورية في وسائل التواصل الإجتماعي، فمع ضعف المشاركة العامّة وقصور العمل النقابي والبلدي والإعلامي الإستقصائي في مُجاراة المشكلات اليوميّة المتجددة بقيت وسائل التواصل الإجتماعي الوسط الممكن لعموم السوريين.
جيّدٌ أنّ الصفحات العامّة والمجموعات بدأت تمارسُ ضغوطاً معقولة (ولو كانت غير كافية) على المؤسسات والجهات الحكوميّة فدفعتها بالفعل لاصدار توضيحات أو تعديل قرارات، وفي الحدّ الأدنى جعلتها تشعر بالمسؤوليّة أكثر عن صورتها الافتراضيّة أمام العامة، مثلاً اذا جرّبنا الدخول إلى صفحة أي مؤسسة عامّة وقارنّاها بما كانت عليه قبل عدّة سنوات فقط، حين كانت وسائل التواصل مجرّد أدوات تآمريّة بالنسبة للحكومة، سنرى فرقاً، وهو بالتأكيد ليس مُرضياً تماماً.
لكنّ المؤسف أنّ هموم المحليّات لاتظهر كثيراً، وغالباً ما يتمّ اختصار المشاكل السوريّة بمشاكل أهل العاصمة وربّما حلب وبعض المدن الكبرى، ففي القرى والبلدات في الأرياف ثمّة تجارب محليّة ونجاحات قلّما يتمّ الإضاءة عليها، أيضاً هناك مشكلات معقّدة حيث يُعاني الناس من هموم أُخرى ويجدون لها حلولهم، فهموم الزراعة والمحاصيل والحرائق المحتملة ماذا يعرف عنها أهالي المدن؟ ومشاكل النقل للمواطنين والبضائع المستعصية بين الأرياف ومشاكل مياه الشرب الملوّثة والضائعة والسقاية..والمشاكل الصحيّة والتعليميّة والخدميّة..
إنّ الكهرباء قد لاتكون في سلّم الأولويّات، ثمّة بلدات جهزت نفسها للعيش بدون كهرباء تماماً، مشاكلُ التغطية الخلويّة التي لايعرفها أهالي المدن، مأساةُ غياب البدائل الفظيعة التي قد تجعل تأخر شاحنة طحين أزمة رهيبة حيث يتوقف الفرن وتعجز القرية عن فعل أي شيء، فلا طحين ولاخبز سياحي ولا فرن آخر.
ناهيك عن المشكلات المحليّة العاديّة بين مختاري القرية مثلا وما يتبعها من مشكلات تؤثر على السكان أو مشكلات البيروقراطيّة والمركزيّة الرهيبة التي تجعل من حاجتهم للوصول إلى ورقة حكوميّة تستهلك ربع انتاجه الزراعي بالنقل والاقامة لليلة واحدة في واحد من فنادق العاصمة ولو المتدنّية.
إنّ إعادة التفكير بتصدير القضايا المحليّة السوريّة على وسائل التواصل الإجتماعي يجب أن يُشكّل أولويّة للمهتمّين بالشؤون العامّة، ففي ظلّ تردّي وضعف في تواصل الحكومة مع الناس (أي أن تقوم بأعمالها فحسب) على المجتمع الناشط أن يُركّز أكثر على القضايا المحليّة التي تُلامس عشرات الآلاف وليس فقط على هموم مدينيّة تختصر المشاكل السوريّة في وسائل التواصل الإجتماعي.
هذه ليست دعوة لإيقاف الحديث عن مشكلات المدن الكبرى بل هي دعوة للانتباه ماذا تركنا خلفنا نحنُ من ندّعي النشاط في الشأن العام السوري.
وسيم السخلة
*صورة من ريف حماة - صيف 2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق