ثقافة المستفيد في الشركات الناشئة السورية
لا يخفى على احد أن أكثر من عشرة أعوام من الصراع كان لها أثر كبير على اقتصاد البلاد، وانعكست على العمالة وثقافة العمل السورية بشكل كبير.
لعل واحدة من أكثر المجموعات تاثراً بهذا الواقع هي فئة الشباب، الذين وجدوا نفسهم فجأة خارج الجامعات والعمل ومنغمسة في النشاط التطوعي والإغاثي والمجتمعي، وربما يتذكر الكثيرون مثلي كيف بدأت هذه المرحلة على شكل نشاط تطوعي عشوائي وغير منظم، لتأخذ مع الوقت شكل مبادرات وتجمعات وتصبح لاحقاً وظائف مأجورة وغالباً بأجور تفوق بأضعاف أجور العمل الربحي.
ورغم الإغراءات المادية العالية التي قدمتها المؤسسات غير الربحية، إلا أن شغف التغيير كان محركاً للكثير من الشباب التوجه نحو ريادة الأعمال، بحيث يندر اليوم أن نجد مشروعاً ناشئاً لشباب لم يعملوا سابقاً في العمل الإنساني. ينطبق الأمر أيضاً على فرق العمل والتي جلدت غالباً من الخلفية المهنية ذاتها.
الجميل في هذا الجانب أن هذه المؤسسات أصبحت في كثير من الأحيان تولي اهتماماً كبيراً بمسؤوليتها المجتمعية والقيمة المضافة التي تقدمها للمجتمع وأفراده، أما التحدي فهو بكم في عقلية التعاطي مع العملاء.
في المؤسسات غير الربحية، يدرج اسم "المستفيد" لتوصيف من تُوجه له الخدمات، فنقول لدينا ٢٠ مستفيداً من النشاط الأول و٣٠ من الثاني وهكذا. وقد يبدو من الجيد انتقال هذه التسمية إلى الشركات الناشئة، إذ من المبدأ أن التعامل الجيد مع المستفيد يتطلب تطوير الخدمة بحيث تكون مرضية لاستخدامه، ما يؤدي لرفع جودة الخدمات وتحسين التعامل مع العملاء.
أما ما جرى في الواقع، هو اعتبار المستفيد كأنه متلق لخدمة مجانية، لا يحق له إبداء الرأي او تقييم المنتجات، ولا دور له في العملية سوى الاستلام. بشكل ما، أصبح الشركة الناشئة هي وحدها من يدرك ما هو الصحيح، أما المستفيدون فعليهم القبول بما يقدم لهم او الرحيل.
من الواضح أن طريقة التعامل هذه توسس لنشاط تجاري هش للغاية، فالشركات الناشئة تحديداً يجب أن تبنى على توقعات ومتطلبات العملاء، والكثير من أطر العمل تضع اليوم دراسة العملاء وتحليل أنماطهم الشخصية في الصدارة على حساب أطر تقليدية كدراسات الجدوى الاقتصادية وخطط العمل.
خلاطة القول أننا نحتاج اليوم لإعادة النظر الى العميل على أنه أساس النشاط التجاري، وليس مجرد مستفيد.
صلاح موصللي