ذكرى إعلان المملكة العربية السورية 8 آذار 1920
في يوم الاثنين 8 مارس 1920، زيّنت دمشق، ووضعت على الأبنية أعلام المملكة العربية السورية، وفي صدر دار البلدية خصصت مقاعد للملك والحاشية؛ وإلى اليمين من صدر القاعة أعضاء الحكومة والدبلوماسيين باستثناء ممثلي بريطانيا الذين غادروا دمشق إلى حيفا ولم يحضروا الحفل، وقاضي العاصمة ومفتي المملكة ونقيب الأشراف والبطاركة وأساقفة العاصمة وحاخامها، وإلى اليسار أعضاء المؤتمر السوري العام وممثلين من العراق وخصص في القاعة أماكن للوجهاء ورجال الصحافة
في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر، وصل الملك فيصل مع الحاشية، وبدأ الحفل بالهتاف بحياة المملكة العربية السورية المستقلة والملك، ثم تلا أمين سر المؤتمر محمد عزة دروزة قرار المؤتمر بالاستقلال والتتويج من على شرفة المبنى أمام الحشود في ساحة المرجة؛[4] تلاه بيان غريغوريوس حداد بطريرك الروم الأرثوذكس، باسم الطوائف المسيحية واليهودية حول النقاط السبعة المتفق عليها مع الملك وهي:
طاعة الله واحترام الأديان.
الحكم بالشورى وفق القوانين والأنظمة التي ستوضع.
المساواة في الحقوق والواجبات.
توطيد الأمن.
تعميم المعارف.
إسناد المناصب والوظائف إلى أكفائها.
بعد الكلمة رفع العلم الجديد وتعالت الهتافات، بينما أطلقت المدفعية مائة طلقة وطلقة وتلقى فيصل التهاني، وتشكلت في أعقاب الإعلان حكومة جديدة.
إعلان استقلال سوريا، في تاريخ سوريا الحديث، تلحظ مناسبين أعلن فيهما عن سوريا مستقلة. الأولى من قبل المؤتمر السوري العام يوم 8 مارس 1920 بعيد سقوط الدولة العثمانية، وتمت خلالها مبايعة فيصل بن الحسين ملكًا وإعلان المملكة السورية العربية بشكل رسمي. والثانية، تمت يوم 28 سبتمبر 1941 بعد استعادة الحلفاء سيطرتهم على سوريا خلال الحرب العالمية الثانية، وأعلن في إثرها تاج الدين الحسني "كأول رئيس لسوريا المستقلة".
خلافًا للإستقلال الأول، فإن الاستقلال الثاني استقبل ببرود في سوريا، لاسيّما مع استمرار قسط وافر من الأجهزة تابعًا للمفوضية الفرنسية، وقد صرّح رجال المفوضية "بعدم وجود أية نية لتغير فعلي قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية". لا يعتبر إعلان الاستقلال عطلة رسمية أو اليوم الوطني لسوريا، بل إن تمام جلاء القوات الفرنسية عن سوريا، بعيد انتفاضة الاستقلال في 17 أبريل 1946، يعتبر عيد الجلاء واليوم الوطني السوري.
بحلول نهاية سبتمبر 1920 انسحبت الدولة العثمانية من سوريا بشكل نهائي، وقامت حكومة وطنية مؤقتة؛ ولعب الأمير فيصل بن الحسني دورًا بارزًا في العمل السياسي السوري، كما تشكل في يونيو 1919 المؤتمر السوري العام كهيئة تأسيسية - تشريعية "للأمة السورية" انتخبها ناخبو الدرجة الأولى في أغلب المناطق ووقعت عرائض انتخابية في بعض المناطق الأخرى. كان العمل يرتكز على وحدة البلاد السورية وتكاملها مع العراق والحجاز واستقلالها، غير أنه في وقت لاحق قبل اتفاق فيصل كليمنصو بمبدأ الانتداب الفرنسي.
أواخر فبراير 1920 دعت الحكومة المؤتمر السوري العام للانعقاد والبت في القضايا العالقة وحالة المراوحة السياسية بانتظار مؤتمر الصلح، غلب الرأي القائل بأن إعلان الاستقلال يضغط على مؤتمر الصلح ويحمي مصالح السوريين، وقد استشار فيصل ضباطًا فرنسيين وإنكليز في دمشق ولم يبدو ممانعتهم للأمر.
وفي 6 مارس 1920 خطب فيصل في المؤتمر السوري العام حول "استحقاق الحرية والاستقلال"، وفي اليوم التالي، 7 مارس، قرر المؤتمر بالإجماع "استقلال سوريا بحدودها الطبيعية استقلالاً تامًا مع الاحتفاظ بالحكم الذاتي للبنان"؛ واعتماد اللامركزية الإدارية،و العمل على صياغة دستور للبلاد على قاعدة الملكية الدستورية ومبايعة فيصل بن الحسين ملكًا، وإعلان الاستقلال في دار البلدية في ساحة المرجة يوم 8 مارس 1920.
سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994
*الصورة لطابع ذكرى الإستقلال الأول من مقتنيات السيد بسام القدسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق