دوّن همام دوبا:
عقدة الغرب، والعلمانية التي نريد
عندما تسأل أيّ أحد، ماهو وضع كذا، يجيبك (سيء، أيمت رح نصير متل الغرب؟)، لتكتشف أنّ الغرب استاطع أن يصدّر لنا عقدةً تجعلنا نراه مثالياً، وعلى جميع سكّان الأرض أن تّتبع نهجه الاقتصادي والسياسي وأفكاره ونظمه الاجتماعية، استطاع من خلال الإعلام والأفلام وجميع الوسائل المتاحة له، أن يصدّر هذه الصورة عنه، ويزرع في عقول الجميع، أفكاره،
حتى أصبحت أيّ مشكلة في دول العالم النامي، تناقشُ وتقارن بتلك الدول الغربية وبحلولها للمشكلة دون النظر إلى الموارد والوضع الدولي وعدّة متعلقات أخرى منها التجربة الاجتماعية!
لو وقف الأمر هنا، لكان بسيطاً، إلّا أنّ الأمر وصل حدّ أن يصيب عقولنا بعطالة في التفكير، فكل الحلول مستوردة، كل المفاهيم التي نحلم بها، مستوردة، قوالب جاهزة أنتجتها مجتمعات معينة، نريد أن نطبقها في مجتمعاتنا ومؤسساتنا و علاقتنا، الديموقراطية و العلمانية و... الخ،
لم ننتج حتى اليوم ديموقراطيتنا التي نريدها، على سبيل المفهوم، ولم نستطع خلق علمانية خاصة بمجتمعنا، وإنّما قمنا باستيراد هذه المفاهيم، ونحاول اليوم أن نَحشر المجتمع في هذه القوالب التي بقيت شعوب أخرى تطوّر في هذه المفاهيم سنينا، وقروناً حتّى انتجت هذه المفاهيم الخاصة بها، التي تناسبها، التي تعبّر عن تجاربها وعنها!
نطالب بالديموقراطية، لكن ماهو نوع هذه الديموقراطية التي نريدها؟، كيف هو شكلها، ما هي قواعدها، وهل سنقبل نحن دعاة الديموقراطية اختيار الشارع حتّى لو لم يناسبنا !؟
هل المُشكلة في قوّة تأثير الغرب وعولمته التي تسيّدت العالم!؟ أم أنّ المشكلة تكمن في أنّنا لا نحاول التفكير؟ لا ندرس مجتمعنا؟
مثلاً ينادي اليوم الكثير من الأشخاص وأنا منهم إلى العلمانية في سوريا، علمانية مطلقة في الدستور والقوانين والأنظمة كلّها، علمانيةٌ تضمن مساواةً بين جميع أفراد المجتمع، بأديانه وأجناسهِ وأطيافه، لكن هل أخذنا بعين الاعتبار مكونات الشارع السوري كلها؟، هل درسنا النسبة التي تريد هذه العلمانية؟ لو قام اليوم استفتاء لتحويل الدولة إلى دولة علمانية بالمطلق، فما
هي نتيجة هذا الاستفتاء!؟
نستذكر أيَّ حدثٍ، تمثال عشتار تحت جسر الرئيس على سبيل المثال، هل تعاملنا نحن، كعلمانيين ودعاة للعلمنة بشكل علماني؟ أم أننا تحوّلنا إلى متطرفين نريد الإقصاء!؟
كيف علينا نحن، كدعاة للعلمانية في أن نراكم ثقةً مع الأخر؟ معرفةً من واجبنا أن ننشرها في المجتمع؟
هذا ما اقصده بإنتاج المفاهيم، لا استيرادها وحشرها، فعندها حتّى المؤمنين بها، سيكونون ضعافاً، متشددين، متطرفين، لأنّهم لم يبنو هذا المفهوم، لهذا المجتمع!
كيف نستطيع أن نكوّن تجربةً علمانية تناسب الشارع السوري ككل!؟، ربّما أنّ نغيّر من اسمها، ليصبح أيّ شيء أخر عدا العلمانية!
والأهم، كيف يمكننا، بالترافق مع نشر المعرفة في المجتمع لا زيادة كرهه وتشنجه من المفهوم، أن نستخدم الطُرق الدستورية؟
من منّا سينظر إلى برامج الانتخاب الخاصة بمرشحي مجلس الشعب، ليرى إن كان في خطّته السعيَ إلى علمانية سورية!؟
علينا أن نوقف حالة العطالة في التفكير، والاستيراد المطلق للمفاهيم، دون أن نعرف المجتمع، ف المساكنة على سبيل المثال، تنجح في مجتمعات أوروبا لأسباب ما، لظروف اجتماعية واقتصادية و و و، هل نمتلكها حتى ندعوا لها؟
أم أننا فقط مندفعون لفكرة غربية نجحت في الغرب، فنريد حشر المجتمع في قالبها دون أن ندرس إن كانت ستنجح هنا أم لا!؟
هل لم نستطع على مدار عقود أن نكون كمجتمعات تجاربنا الخاصة، لماذا!؟
هل علينا أن ندمّر كل قواعد المجتمع؟، أم الاستثمار فيها وتطويرها!؟
هل تعرف أحداً من السوريين، كتب أو نظّر في الديموقراطية أو العلمانية أو ..الخ وربطه بالمجتمع السوري!؟
هي مجموعة من الأسئلة التي لطالما فكّرت بها وددت أن أتشاركها معكم، وعلّنا نجد الجواب سويّةً
Homam Douba
*اللوحة " تأمل ودهشة وانكسار " للفنان التشكيلي السوري جورج عشي
عقدة الغرب، والعلمانية التي نريد
عندما تسأل أيّ أحد، ماهو وضع كذا، يجيبك (سيء، أيمت رح نصير متل الغرب؟)، لتكتشف أنّ الغرب استاطع أن يصدّر لنا عقدةً تجعلنا نراه مثالياً، وعلى جميع سكّان الأرض أن تّتبع نهجه الاقتصادي والسياسي وأفكاره ونظمه الاجتماعية، استطاع من خلال الإعلام والأفلام وجميع الوسائل المتاحة له، أن يصدّر هذه الصورة عنه، ويزرع في عقول الجميع، أفكاره،
حتى أصبحت أيّ مشكلة في دول العالم النامي، تناقشُ وتقارن بتلك الدول الغربية وبحلولها للمشكلة دون النظر إلى الموارد والوضع الدولي وعدّة متعلقات أخرى منها التجربة الاجتماعية!
لو وقف الأمر هنا، لكان بسيطاً، إلّا أنّ الأمر وصل حدّ أن يصيب عقولنا بعطالة في التفكير، فكل الحلول مستوردة، كل المفاهيم التي نحلم بها، مستوردة، قوالب جاهزة أنتجتها مجتمعات معينة، نريد أن نطبقها في مجتمعاتنا ومؤسساتنا و علاقتنا، الديموقراطية و العلمانية و... الخ،
لم ننتج حتى اليوم ديموقراطيتنا التي نريدها، على سبيل المفهوم، ولم نستطع خلق علمانية خاصة بمجتمعنا، وإنّما قمنا باستيراد هذه المفاهيم، ونحاول اليوم أن نَحشر المجتمع في هذه القوالب التي بقيت شعوب أخرى تطوّر في هذه المفاهيم سنينا، وقروناً حتّى انتجت هذه المفاهيم الخاصة بها، التي تناسبها، التي تعبّر عن تجاربها وعنها!
نطالب بالديموقراطية، لكن ماهو نوع هذه الديموقراطية التي نريدها؟، كيف هو شكلها، ما هي قواعدها، وهل سنقبل نحن دعاة الديموقراطية اختيار الشارع حتّى لو لم يناسبنا !؟
هل المُشكلة في قوّة تأثير الغرب وعولمته التي تسيّدت العالم!؟ أم أنّ المشكلة تكمن في أنّنا لا نحاول التفكير؟ لا ندرس مجتمعنا؟
مثلاً ينادي اليوم الكثير من الأشخاص وأنا منهم إلى العلمانية في سوريا، علمانية مطلقة في الدستور والقوانين والأنظمة كلّها، علمانيةٌ تضمن مساواةً بين جميع أفراد المجتمع، بأديانه وأجناسهِ وأطيافه، لكن هل أخذنا بعين الاعتبار مكونات الشارع السوري كلها؟، هل درسنا النسبة التي تريد هذه العلمانية؟ لو قام اليوم استفتاء لتحويل الدولة إلى دولة علمانية بالمطلق، فما
هي نتيجة هذا الاستفتاء!؟
نستذكر أيَّ حدثٍ، تمثال عشتار تحت جسر الرئيس على سبيل المثال، هل تعاملنا نحن، كعلمانيين ودعاة للعلمنة بشكل علماني؟ أم أننا تحوّلنا إلى متطرفين نريد الإقصاء!؟
كيف علينا نحن، كدعاة للعلمانية في أن نراكم ثقةً مع الأخر؟ معرفةً من واجبنا أن ننشرها في المجتمع؟
هذا ما اقصده بإنتاج المفاهيم، لا استيرادها وحشرها، فعندها حتّى المؤمنين بها، سيكونون ضعافاً، متشددين، متطرفين، لأنّهم لم يبنو هذا المفهوم، لهذا المجتمع!
كيف نستطيع أن نكوّن تجربةً علمانية تناسب الشارع السوري ككل!؟، ربّما أنّ نغيّر من اسمها، ليصبح أيّ شيء أخر عدا العلمانية!
والأهم، كيف يمكننا، بالترافق مع نشر المعرفة في المجتمع لا زيادة كرهه وتشنجه من المفهوم، أن نستخدم الطُرق الدستورية؟
من منّا سينظر إلى برامج الانتخاب الخاصة بمرشحي مجلس الشعب، ليرى إن كان في خطّته السعيَ إلى علمانية سورية!؟
علينا أن نوقف حالة العطالة في التفكير، والاستيراد المطلق للمفاهيم، دون أن نعرف المجتمع، ف المساكنة على سبيل المثال، تنجح في مجتمعات أوروبا لأسباب ما، لظروف اجتماعية واقتصادية و و و، هل نمتلكها حتى ندعوا لها؟
أم أننا فقط مندفعون لفكرة غربية نجحت في الغرب، فنريد حشر المجتمع في قالبها دون أن ندرس إن كانت ستنجح هنا أم لا!؟
هل لم نستطع على مدار عقود أن نكون كمجتمعات تجاربنا الخاصة، لماذا!؟
هل علينا أن ندمّر كل قواعد المجتمع؟، أم الاستثمار فيها وتطويرها!؟
هل تعرف أحداً من السوريين، كتب أو نظّر في الديموقراطية أو العلمانية أو ..الخ وربطه بالمجتمع السوري!؟
هي مجموعة من الأسئلة التي لطالما فكّرت بها وددت أن أتشاركها معكم، وعلّنا نجد الجواب سويّةً
Homam Douba
*اللوحة " تأمل ودهشة وانكسار " للفنان التشكيلي السوري جورج عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق