من أين يبدأ التغيير؟ 3







دوّن لنا هُمام دوبا: من أين يبدأ التغيير 3

أظهرت الحرب الدائرة في سورية، علاقةً جديدة بين المواطنين والمؤسسات عموماً، ومجلس الشعب خصوصاً بوصفه "الهاتف" الذي ينقل صوت الشعب للحكومة، و"الآلة الكاتبة" التي يَكتب من خلالها المواطنون تشريعهم وقوانينهم، فلاحظنا تطوراً في هذه العلاقة التي كانت مهملةً وهامشيةً إلى حدّ كبير قبل الأحداث الدائرة في سوريا، علاقةٌ أصبح المواطنون يشكّلون ضغطاً أكبر نسبياً على مؤسسة مجلس الشعب و أعضاءها ضمناً.

وتطبيقاً لمثل نصف الكأس الملئان، فللحرب نصفها الملئان أيضاً فيما يتعلّق بوعي الشعب لدور مجلس الشعب وأعضائه، وكما أسلفنا سابقاً بالتدوينة الأولى( من أين يبدأ التغيير؟) عن علاقة البنى التحتية مع البنى الفوقية، وأكملنا في التدوينة التانية(كيف نصنع التغيير؟) الحديث عن التحولات الكمية في البنى التحتية وكيف تؤدي إلى تغيرات كيفية في البنى الفوقية وإسقاط هذه القوانين الماركسية على مجلس الشعب السوري وعلاقة المواطنين به، نتابع اليوم لنناقش ونُسقط قانون صراع المتناقضات الماركسي وفق فهمي له على ذات السياق

إنّ قانون صراع ووحدة المتناقضات وفق لينين:"مستقر في أسس العلاقات المتبادلة بين محتوى الشيء، وشكله، بين الجوهر والظاهرة، بين العفوية والضرورة" ويكمن جوهر مجلس الشعب في حاجة الناس إلى فعاليته، وفقاً لأنظمة وقوانين دستور البلاد الذي يشرّع له صلاحيات هي الأكبر في البلاد من مسائلة ودفاع عن حقوق المواطنين وتشريع قوانين تنظّم المجتمع و و و..الخ،

بينما يقف شكله وظاهرة، عاجز عن تلبية حاجات المجتمع، وبالتالي وحدة شكل المجلس وظاهره(حالة العطالة الأنية) مع جوهره(حاجات المجتمع وما يمتلك من صلاحيات لتلبيتها) غير موجودة وإنّما العكس، فهي في حالة صراع فيما بينهما

وفي الحرب وإرهاصاتها الاقتصادية والاجتماعية ضمناً، بحث الناس بشكل تلقائي انطلاقاً مما تقدّم، عن الأدوات والسبل الواجب إتّباعها للحصول على حقوقهم، لإيصال صوتهم، ولتفعيل دورهم ك مجتمع، وكان مجلس الشعب، أحد أهم هذه الأدوات، فشكّلت الحرب قفزةً نوعيةً في وعي الناس إلى دور المجلس فبدأوا يشكّلون ضغطاً أكبر على الأعضاء، ينتظرون فاعلية أكبر، فهم الأن بحاجته فعّالاً أكثر من أيّ وقت مضى، ومع تعاظم هذه الحاجة، وتناقضها مع عطالة دوره الحاليّ، أشتدّ الصراع بين المكوّنين المنتمين لوحدة واحدة(المجتمع ومجلس الشعب)

حسناً وماذا يعني اشتداد هذا الصراع؟ وما علاقة قانون ماركسيّ بكل هذا!؟

إنّ ماتكلمنا عنه سابقاً، تحوّل الكم إلى كيف، يستند على قانون وحدة وصراع التناقضات استناداً مفصلياً، فالكم المتجدد(ارتفاع درجة حرارة الماء)، يصارع الكيف الثابت(حالة الماء السائلة) حتى يؤدّي إلى تغيّر الكيف في نقطة ما(الغليان _التبخر)

سوريا اليوم، تودّع مرحلة الحرب، وتمئسس لمرحلة مابعد الحرب، مرحلة تحتاج أن يكون للشعب من يمثّله، فكما زادت الحرب من صراعنا مع أداتنا الأولى(مجلس الشعب)، على المرحلة القادمة أن تزيد الصراع، وكلمة صراع التي استخدمت في هذا المنشور، ليست صراعاً بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنّما الفلسفيّ، هذا الصراع يتمظهر في اختيارنا أشخاصاً جديرين، في اطّلاعنا على النظام الداخلي للمجلس وصلاحياته، في مقاطعتنا ل المرشحين الذين لايقدمون بياناً انتخابياً، في ضغطنا على الأعضاء الناجحين ومسائلتهم عمّا أنجزوه من بيانهم الانتخابي، بذلك ووفقاّ للقانون

"إنّ التناقض بين المحتوى الجديد(حاجة ووعي المجتمع) والشكل القديم(عطالة المجلس) يستدعي صراعا بينهما، هذا الصراع هو من أهم مظاهر مفعول قانون صراع المتناقضات في المجتمع والتفكير، وهذا الصراع لا يتوقف ما لم يستبدل الشكل القديم، بآخر جديد، يتلائم والمحتوى المتبدل"

لربما من يتابع سلسلة نقاشات في الشأن العام، يجد أنّ المنشورات تشابه بعضها قليلاً، فهي تخوض في شأن واحد، وقوانين الديالكتيك الماركسية، ليست قوانيناً منفصلة، بل متصلة مستندة على بعضها لتشكّل وحدة واحدة، تتمفصل حولها الأشياء، لنصل إلى نتيجتنا المرجوة وهي مجلس شعب فعّال

همام دوبا
Homam Douba

#نقاشات_في_الشأن_العام #غيّر_2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق