ريادة الأعمال في سورية موضة ام ثقافة ؟؟



دوّن غيث عبيدي:
ريادة الأعمال في سورية موضة ام ثقافة ؟؟

ريادة، رائد أعمال وريادة أعمال، كلها مصطلحات بِتنا نسمعها يومياً على مواقع التواصل الإجتماعي او ضمن احاديث ونقاشات.
هذه المصطلحات منتشرة ومعروفة جداً في الدول الغربية منذ خمسينيات القرن الماضي؛ حيث أحدثت الشركات الريادية طفرة في اقتصاد تلك الدول، بينما لم تكن هذه المصطلحات سائدة او معروفة في سوريا قبل العام 2010 تقريبا .

وارتبط انتشار مفهوم ريادة الأعمال في سوريا بالحرب التي نمر بها, علما ان هذا الإنتشار لم يُشعر بوجوده إلا في الأعوام السابقة

تعرف ريادة الأعمال بأنها إنشاء عمل/أعمال جديدة أو الاستجابة لفرص جديدة، ويطلق على مؤسس المشروع وصف ريادي لما يتحمله من مخاطرة ومغامرة نتيجة تأسيسه مشروعاً أو شركة غير معروف فرص نجاحها أو فشلها؛ حيث تصل نسبة فشل المشاريع الريادية إلى 90% حسب دراسة لمجلة فوربس الشهيرة عام 2015، وفي أفضل الأحوال وصلت نسبة النجاح إلى 60% فقط، طبعاً تختلف النسبة من طبيعة مشروع إلى مشروع ومن دولة إلى دولة؛ حيث تزيد نسبة النجاح في الدول الغربية عنها في العربية، وهنا تكمن القضية.

نجح رواد الأعمال في الدول الغربية و العربية وتميزوا عنا نحن السوريين بشكل لافت منذ عقود ولحد الآن ليس لأنهم أذكى منا والدليل على ذلك تصدر رواد أعمال سوريين المسابقات العالمية، ولكن النجاح يرجع إلى ثقافة ريادة الأعمال المترسخة منذ عقود في تلك الدول.

عند الحديث عن ثقافة ريادة الأعمال في دولة ما فلا نعني فقط رواد الأعمال، بل نعني بالأساس صناع القرار والحكومات في تلك الدول.
ترسيخ الثقافة في مجتمع ما يتم من أعلى إلى أسفل؛ لذلك نجد في الدول الغربية اهتماماً حكومياً كبيراً في مجال ريادة الأعمال؛ حيث أقرت قوانين خاصة تنظم وتسهل افتتاح وتأسيس المشاريع وهي قوانين مرنة قابلة للتعديل والتطوير حسب البيئة المحيطة.

كما تحرص تلك الدول على تعديل مناهجها التعليمية وإضافة مواد دراسية خاصة بريادة الأعمال، إضافة إلى ذلك أنشئت كليات خاصة بريادة الأعمال.
كما سهلت عملية تسجيل الشركات الجديدة في الجهات الحكومية المختصة وأقرت قوانين خاصة تتعلق بسياسة الإقراض والتمويل لهذه المشاريع، بل تعدى الأمر موضوع التسهيلات والتعليم، حيث أنشئت مدن مخصصة بالكامل للمشاريع الريادية مثل وادي السيلكون في أميركا وغيرها من المدن "الذكية" في عدة دول.

في المقابل نرى ثقافة ريادة أعمال شبه معدومة ومتخبطة في سوريا ، حتّى الآن لا توجد تشريعات خاصة، ومفهوم الريادة معدوم في معظم المناهج التعليمية حتى في المراحل الجامعية العليا.
ومن يقوم على التدريب والاحتضان للمشاريع الريادية جهات خاصة أو مبادرات فردية وجامعات وليست جهات حكومية في كل الحالات.

ناهيك عن التعقيدات غير المعقولة لإستخراج التصاريح الرسمية والرخص وغيرها من المعاملات التي تقف حائلاً كبيراً أمام تأسيس كثير من المشاريع والشركات.
ولا ننسى أن آليات التمويل وطرق الدفع الإلكترونية من العقبات أمام نجاح واستمرار المشاريع الريادية.

مع كل ما سبق، نرى الإعلام مسلطاً بشكل واسع على هذه المشاريع والتجارب، لكن دون أن يكون هناك جهد حقيقي موجه تجاه الجهات المسؤولة لتذليل العقبات.

كما نجد أن كثيراً ممن يتصدرون عمليات التدريب والتوجيه في مجال ريادة الأعمال ليس لهم علاقة بهذا المجال من حيث الممارسة؛ حيث إنهم لم يؤسسوا أي مشروع في حياتهم حتى ولو كان تجربة فاشلة.

ومن هنا أعيد طرح التساؤل: هل ريادة الأعمال في سوريا موضة أم ثقافة؟

غيث عبيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق