لِمَ لا؟ عن نقل بسطات الكتب لموقع جديد وتنظيمها


 لِمَ لا؟ 

عن نقل بسطات الكتب لموقع جديد وتنظيمها، شاركنا ضياء البصير:

مارست مهنة بيع الكتب لمدّة ٧ سنوات من عمري، ما أريد أن أقوله بدايةً: أنني سأتكلّم بأمر لا أغرف فيه بما لا أعرف.

ضجّت الميديا مؤخراً بحشود من المعترضين على قرار الدولة بإزالة كل "بسطات الكتب" تحت جسر الرئيس، الكل قال أنّه يحتاجها، ولا يجوز إغلاق شريان معرفي أخير في دمشق!

أحب أن أردّ على هذه الحجة المعقولة بظل تناقص مكتبات دمشق بشكل متسارع بالشكل التالي:

- هذه البسطات أعرفها شبر شبر، قلت لكم مهنتي الكتب وأستطيع أن أقول أنّها لا تحمل أي وزن معرفي يُذكر، معظمها تراثي بحت، لا يمكن أن تجد بها الجديد من طروحات العالم، ولذلك هي تدور كلها، بين الديني والفلسفي والروائي، ما أقصده أنها ليست مكتبات يمكن أن يعتمد عليها المثقف فعلاً بتطوير مساره الفكري (ولهذا الكثير ممن يرتادها لا يستغني عن الكتب الإلكترونية). 

- الكلام عن هذه البسطات أكثر من الشراء، يعني هناك رومانسية شامية انتجتها المسلسلات السورية الحنونة ربما اتجاه المستعمل من الكتب، مشاهد أثّرت بوعينا، الورق الأصفر الذي فيه تَعَب، ولذلك أرى أن السوريين أمثالي غيورين على الحالة التي يعيشونها مع هذه البسطات أكثر من الحاجة التي تؤمنها فعلاً هذه البسطات، واسألوا أصحابها، إنهم فقراء ويعانون من قلة الطلب ما يعني أنّ المعترضين من أهلي هم في دفاع عاطفي لا حقيقي نابع من حاجة حقيقية. 

- هذه البسطات تعطي رسائل تدمّرنا برأيي، بأن المثقف من الضروري أن يكون فقير ويلتقط الكتب على الأرض كالكمأة وأن الآخرين لهم المولات والمكتبات الجميلة. وهذا ليس صحيح، يجب على المثقف أن يكون أوّل من له اليد العليا في البلاد بسبب ما استفاده من ثقافته، فالمعرفة قوّة بعرف فرانسيس بيكون وهذا فعلاً ما أراه في حياتي من القراءة، وبالتالي مبدئياً يمكننا كمثقفين اختراع طرق أنظف لتداول الكتب: 

كتطوير جهود معارض وزارة الثقافة الدوريّة التي لا تُزار وهي بأرباع الأثمان وبكتب نوعية أو بأي طرق أفضل وأرقى، السوشال ميديا مثلاً إن عجزنا، في أن يدعم كل مثقف من يعمل في هذه المهن. 

- هذه الكتب بمعظمها مسروق ومصوّر، وكل مسروق لا يورث طبعاً إلا مزيد من الفقر، تعالوا نراقب أحوال من يتداولون هذه الكتب، السرقة تُنقِص أموالنا، عملت في هذه المهنة مدة طويلة ولم أجد مرة مثقف معتاد على المقرصن واستطاع أن يقفز بدخله فوق عتبة ال ٣٠٠$! 

- وأخيراً كأهم معلومة: أصدرت المحافظة قرار (لم تُحسن تسويقه والاعلان عنه) بنقل هذه المستوعبات الثقافية لخلف وكالة سانا، هنا عندي عتب على عدم تفاعلنا مع توفيق الحكومة بين غايتها الجمالية وغايتنا الحضارية، وهذا العتب نابع من أنني أخاف أن نقع بفخ قصدية التعاسة، أن نتقصّد تداول الأخبار المُحزنة لنا.

فلِمَ لا؟

ضياء البصير Diaa Albasser

#نقاشات_في_الشأن_العام 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق