من أخذ فترة الخطوبة إلى هنا؟


 من أخذ فترة الخطوبة إلى هنا؟

دونت على صفحتي الشخصيّة منذ فترة قريبة، ومن واقع التجربة العملية في مختلف المحاكم السوريّة، بأن أساس الزواج الناجح هو فترة الخطوبة الناجحة، وبأن فترة الخطوبة مرحلة دقيقة وكل زواج يؤسس على فترة خطوبة حقيقية بيومياتها وتفاصيلها يُبعد عن المحاكم دعوى تفريق وطلاق حتمية.
تلقيت، كما جرت العادة، الكثير من الإتصالات، وبعض التعليقات، وأكثر الرسائل وجميعها تجد أن الكلام في منتهى الدقة. تماماً كما تلقيت مثل ذلك وأكثر بأن الكلام يجافي الصواب والواقع مختلف عن ذلك "اختلاف البياض عن السواد"!
لنعد إلى أصل الموضوع، فترة الخطوبة اليوم تم تفريغها من معناها ووظيفتها الأساسية، فحلت المجاملة بديلاً عن المصارحة، والتغاضي عن الأخطاء بدلاً عن التعاطي معها ونقاشها بين الطرفين، وتحولت فترة الخطوبة لفترة نزهة بدلاً من أن تكون مرحلة عمل! إلى جانب النزهة لا بأس.
من واقع هذا الحال ازدادت قناعة الناس بأن فترة الخطوبة غير كافية وأن عند الزواج "يكرم المرء أو يهان"! ولكن إذا ماعادت الخطوبة لمهمتها الأساسية كمرحلة يدرس فيها الأطراف مختلف الجوانب ويتفقون على معظم التفاصيل دون أن تأخذهم دهشة الارتباط فإن ذلك كفيل بحماية الزواج إن تم، وكذلك فإنه كفيل بعدم إتمام الزواج منذ البداية والدخول بنفق مظلم من الخلافات والتداعيات "ويادار ما دخلك شر". يجب ألا ننسى أننا في الاقدام على فكرة الزواج فإننا مقدمين على الاندماج بشخص آخر والاحتكاك بعائلة مختلفة ومن المحتمل جدا أن يكون الإختلاف كبير.
ماذا عن الإحصائيات؟
في الواقع لانملك احصائيات دقيقة ولكن الأرقام تشير إلى أن ثلث حالات الزواج المسجلة في المحاكم السوريّة تنتهي بالطلاق، وهذه الأرقام تزيد سنة عن سنة! ومن الممكن القول أن نسبة الطلاق ترتفع بما يزيد عن 10٪ كل عام، دمشق وحلب في الصدارة، بالتأكيد لا تتحمل فترة الخطوبة الفاشلة كل هذه الأرقام والنسب فهناك عشرات الأسباب الأخرى ولكن لمرحلة الخطوبة الفاشلة دور كبير فيها لا سيما وأن معظم هذه الحالات تتمحور حول الأوضاع المادية أو الشقاق والخلاف وسوء الأخلاق وكثرة الخلاف فأين كنا في فترة الخطوبة يا أزواج؟!
بماذا نوصي؟
أولاً فإننا لا ندون هنا بقصد إثارة الرعب في قلوب المخطوبين أو من ينتوي القيام بذلك، ولكننا نرغب فقط في إعادة فترة الخطوبة لمكانها الصحيح.
أما ثانياً فإننا نوصي بالجمع في فترة الخطوبة بين الفرح بها وبطقوسها وأيامها وبين المزيد من النقاشات الصريحة والواضحة بحد أعلى من اللابقة واللياقة والأدب والتفهم، كما أننا نوصي جميع الأطراف بعدم "التضحية".. بمعنى؟ اذا وجدنا أنفسنا أمام فروقات كبيرة بالأفكار والمعتقدات ووجهات النظر فلا داع للتضحية بتمرير كل ذلك لان انتهاء دهشة البدايات ستكون كفيلة بإنهاء هذا التمرير والوقوع في مآزق عديدة لا يوجد لها حل إلا أبغض الحلال وهو "الطلاق".
وأما نحنُ فيحدونا الأمل بأن نغلق قسم القضايا الشرعية في مكتبنا، أو نختصر ما أمكن من كوادره، بسبب انتهاء أو تراجع الخلافات الزوجية ولكن ذلك لا يبدو قريباً!
المحامي عبد الفتاح الدايه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق