أولوياتُنا أيّتُها الحكومة الجديدة.. نحنُ الشباب.. وسيم السخلة


 أولوياتُنا أيّتُها الحكومة الجديدة.. نحنُ الشباب

لأنّني أعلم أنّ كثيراً من الأشياء التي سأذكُرها هُنا يتمُّ مواربتها بشكل مستمر وتجاوزها، ولأنّني أعلمُ أن بعض الوزراء غير قادرين على الإعتراف ببعض الهزائم في مستويات مُتعددة أدوّن بعض عذه النُقاط علّها تُلحظ في البيان الحكومي الذي لم يُراجعهُ أحد مرّة واحدة، على الأقل منذ خلقت قبل 30 عاماً.
استعادةُ الهويّة
هذا ليس عنواناً للفت النظر، الهويّة السورية تمزّقت وتلاشت في بعض السياقات، من مسؤوليات الحكومة الجديدة استعادتها، ليس بشكلها القديم، فهي تغيّرت، بل بشكلها المُرتجى، الاستعادة هذه ليست عمليّة بسيطة صوريّة من خلال اجتماعات لخبراء أو أكاديميين، إنها اعترافٌ بالحال وابتعادٌ عن المُحال، لنصنع الهويّة من جديد، بعيداً عن القوالب الجاهزة والإدعاءات المُرضية، لنستمع للأصوات الأخرى لأنّ هذه الهويّة يحملها الملايين وعليهم أن يعيشوها من وسط العاصمة وحتّى أبعد مخيّم ومهجر يعيش فيه سوري.
نطلبُ الاحترام
هل يبدو هذا بسيطاً؟ إنّهُ معقد جداً، يعاني الشباب في سورية من قلّة الاحترام، فالتلاعُبُ بأحلامهم قلبها أوهام، يكفينا استغلالاً لهذا المفهوم، الشباب مازالوا بعيدين عن مطارح صُنع القرار، ومازالت القوانين تُفرّغُ من مضامينها، ومازالت الكلمةُ شطّاطة ومطّاطة، نضيّقُ عُمر الشباب لأجل أحدهم ونوسعهُ لأجل الآخر، الشباب لايريدون معاملة تفضيليّة بل معاملة مواطنيّة، ولايريدون زجّهم بكلّ تصريح ودعاية حكوميّة، بل يحتاجون لخطوات عمليّة، نحنُ أجيال البرامج الزمنيّة والغايات المُحققة والأهداف الذكيّة لا أجيال الشعارات الكبيرة المستهلكة.
التفكير بالتنظيمات
في سورية تنظيمات عدّة ترعى (من المفروض ذلك) مصالح الشباب، لكنّها أشبهُ بمؤسسات رسميّة عجوزة أحياناً لاتعني للشباب شيئاً، وفي سورية مئات التنظيمات من مؤسسات غير حكوميّة يقودها الشباب ويعملون فيها في ظروف أقلّ ما يُقال عنها أنها معقّدة، تخيّل جهد اليافعين والشباب في أخذ موافقة لتنفيذ نشاط ما ولو كان حملة نظافة قرب منازلهم، نريدُ مستوى آخر من التعاطي، نريدُ قيادات وموظفين يستطيعون فهم ما يتحدثُ به الشباب اليوم، واغناءه وليس تعطيله، وتوسيعه وليس تقزيمه، فلنُعد صياغة المستقبل ولنبدأ من هُنا، فلا نترك أحداً خلفنا.
الخدمةُ الوطنيّة
هذا الأمر الذي يُشكل مقدّساً لايجوز الاقتراب منه للكثيرين هو عُقدةُ العُقد هذه الأيام، الدستور يفرضُ علينا خدمة العلم نعم، هذا أمر هام لكن كيف نستثمره؟ يُمكننا الاستثمار بطاقات الشباب فليعمل أصحابُ المهن في الخدمة العامّة، والأكاديميون في الجامعات والمقاتلين في العمليات العسكريّة والتقنيين في الإدارات التقنيّة ولتكن المؤسسة العسكريّة أكثر رشاقة وانتاجيّة، ولنبتعد عن جعل خدمة العلم كابوس طويل مظلم، ولتكن مرحلة لتختبر فيه المؤسسات الحكوميّة مهارات الشباب فتوظفهم أو تتعاقد معهم بعدها، علينا التفكير من جديد هل الخدمة فقط بدلة عسكريّة وحقل رمي وحياة قاسية وغربة واجازات متباعدة؟ لماذا لاتكون مختلفة؟
القادةُ المحليّون
لسنوات طويلة كان الأمرُ عشوائياً صرفاً، اليوم صارت الحياة أسرع وأدقّ، والدول باتت تُركز على برامج مُكثفة وأخرى مديدة لإعداد القادة، فلا تنتظرُ فلاناً لخمسة عقود حتّى يشغل مسؤوليّة حكوميّة، انها ببساطة تصنعُه، أما نحنُ فنقسو كثيراً، يهجُرنا الشباب ليقودوا مشاريعاً في دول أخرى، فيبقى معنا أصحابُ الفُرص الأقل والتعليم المُغلق والأفكار المكرورة. لقد تخلّت الدولة عن منظماتها التقليديّة وباتت هذه المنظمات هائمة بين ماض كبير وحاضر مشوّه ومستقبل مجهول، علينا تأسيس مراكز وأكاديميات لإعداد القادة ولتكن قيادتها وادارتها مختلفة وذكيّة تفكّر بالمستقبل لا تخافُه.
تأميمُ المخاوف
لسنوات طويلة اُمّمت الأحلام والأعمال والأموال في سورية، حان الوقت لتأميم المخاوف والتحديات، لماذا لايُفكّر كلّ مسؤول بمخاوف الشباب كما يُفكر بمخاوف أبناءه وبناته، ولماذا يُتركُ الشباب لقلقهم وحيدين، لماذا لاتحملُ الحكومة همّاً واحداً، تؤمن السكن بشروط انسانيّة مُمكنة مثلاً، هل هذه وظيفةُ الحكومة؟ نعم، فالمطلوب ليس سكناً مجانياً ولكن ممكناً، والمطلوب ليس سيارات يتمّ توزيعها بل نقلاً عاماً محترماً، والمطلوب ليش استيعاباً جامعياً (راقبوا بشاعة الكلمة استيعاب) بل استثماراً جامعياً، والمطلوب ليس وظائف جاهزة بل وظائف كريمة، والمطلوب كثير!
خطٌّ اقتصادي
ألم يشتهر خلال السنوات الماضية مصطلح خطّ عسكري؟ تعالوا نُنشئ خطّاً / مساراً اقتصادياً للشباب، فلايمُرّون فيه على تعقيدات الماليّة والضرائب، ولايُراجعون عشرات المؤسسات، ولا تلزمهم مُراجعات أمنيّة ليؤسسوا مشروعاً صغيراً ومتوسطاً، تعالوا نُنشئ نافذةً اقتصاديّة يُطلّ منها الشباب على الفرص فلا يذهبون ببعض أموالهم وارثِ عائلاتهم لتأسيس شركات (خلال دقائق) في دول أخرى بل يُمارسون هذا في بلدهم، ولايخافون بيع الخدمات للخارج بالعملات الأجنبيّة بل يسعون لذلك بشفافيّة، ولايقلقون من الربح والمُحاصصة بل يسعون للمنافسة، هل يُمكننا؟
لنُرحّب بالعائدين
نعم هرب الشباب خلال السنوات الماضية لأسباب كثيرة، لكنّ أهمّها أنّ الحكومة فشلت بإدارة كلّ ما سبق من الأولويات، اليوم قد يرجعُ الكثيرون لظروف مختلفة، فلنحسن استقبالهم، من ابتسامة موظف الهجرة على الحدود وحتى انجاز معاملة التجنيد، علينا خلقُ فرص استثماريّة ليس للمستثمرين بل لجذب الشباب الأذكياء والحرفيين، مُدن ذكيّة تقنيّة، عروض خاصّة على الاستثمار الزراعي، معادلات جامعيّة للشهادات أبسط، فضاءات لمشاركة الخبرات أوسع. لنُنشئ في جامعاتنا مراكز التعليم المستمر لمن فاتهم التعليم ولنُخصص تذاكر طيران ونقل بأسعار مخفّضة ومراكز رياضة وترفيه أيضاً.
صندوق وشرعة وطنيّة
نطلبُ إعادة صياغة وقوننة مفهوم الشباب في سورية، وليكُن ذلك عبر شرعة وطنيّة وحزمة قوانين تصيغُ الحاضر والمستقبل، ولنؤسس صندوقاً وطنياً لتمويل المشاريع المخصصة للشباب، والمشاريع التي يقودها الشباب وليكن صندوقاً مفتوحاً للمساهمة من المغتربين، عائداتهُ الأساسيّة من مشاريع رياديّة، ولتكن
سياحيّة وثقافيّة وبيئيّة وزراعيّة وتقنيّة، ولتكن الشرعة وطنيّة بالخالص لامستوردة يُشارك بها السوريون من كلّ مكان فلا يضعُها من جرّبناهم ومن يئسنا منهم، ولنتعلّم من تجارب الآخرين بشجاعة بدلاً من الحديث دوماً عن خصوصية مجتمعنا فبعضُها أوهام.
العملُ لأجلنا
فلينطلق كُلّ دبلوماسيّ سوري لاستحضار الفرص للشباب السوري، فلتعمل كلّ مؤسسة على مراسلة المنظمات والجامعات والمنتديات، فلنفتح برامج ثقافيّة وتبادل طلابي، ليذهب الشباب السوري في برامج مشتركة وليتعلّم من الشعوب الأخرى وليستحضر نماذج عملها، والا ماذا تعني عبارات الدول الصديقة؟ هل هي صديقة سيئة؟ أم أننا لم نُحسن رسم العلاقة معها؟ لقد صار بيننا وبين العالم فجوة ولو تُركت فهي تزيدُ كلّ يوم وتتعقّد، من المهم ألا نبقى منفصلين ومُنفصمين عن العالم، فلتبدأ كلّ سفارة وقنصليّة وملحقيّة ببحث الفرص حيثُ هي، ولنضع هدفاً وطنياً للتعرّف على الآخر ومبادلتهُ الفائدة.
هذه الأولويات التي شاركتها مطلوبة من الحكومة نعم ولكن بمشاركتنا ودعمنا، وهي أولويات شبابيّة لم أُضف لها أولويات العائلات والفئات الأخرى، أما نحنُ فلو شرعت الحكومة في هذه الأولويات فنعرفُ ما هو مطلوب منّنا، ونحنُ قادرون بالفعل، لكنّ أحدا لم يلتفت إلينا بشكل حقيقي وليس صوري، أيتها الحكومة منكِ الاهتمام والرعاية ومنّا العمل والاجتهاد الكثير.
وسيم السخلة Waseem Al Sakhleh
25/09/2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق