مئوية أول جمعية ثقافية سورية والتي انطلقت من حلب
بدأت الجمعية في البداية باسم «جمعية أصدقاء القلعة »، حيث كان السبب المباشر لنشوئها آثر قيام رئيس الحامية الفرنسية الجنرال فيغان بفك محراب خشبي يُعتبر آية فريدة في الجمال موجود في جامع إبراهيم الخليل داخل قلعة حلب يعود تاريخه إلى الفترة الزنكية ولا شبيه له سوى محراب واحد موجود في المدرسة الحلوية في المدينة القديمة (مجهول الحال اليوم).
نتيجة لسلب هذا المحراب والذي لم يعثر عليه حتى يومنا، تداعى مجموعة من المثقفين في المدينة من مختلف الخلفيات السياسية والاجتماعية بتأسيس جمعية هدفها صيانة الآثار والأوابد الأثرية والتعامل مع التراث بشكل عام، والتي انطلقت رسمياً في يوم الجمعة الثاني من شهر آب عام 1924 م. وقد استمرت الجمعية بالعمل تحت هذا الاسم وكان لها مساهمة في إنشاء متحف حلب فيما بعد وعدل اسمها إلى جمعية أصدقاء القلعة والمتحف
كانت هذه الجمعية الأولى في سوريا تعمل في هذا المجال منطلقة من حلب تحت الاسم المذكور؛ إلا أن هذا الاسم تغير بعد تطور الجمعية. ففي مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين رغب أعضاء الجمعية بتغيير الاسم وجعله أكثر عمومية، ليشمل الأهداف التي كانت تعمل الجمعية عليها، فتمّت تسميتها بـ«جمعية العاديَّات»، حيث هذه الياء للنسبة، فمفرد كلمة «عاديّات» هي «عاديّ»، والتي تعبر عن ما ينتسب إلى «عاد» أي الموغل في القدم، وقد كانت هذه الكلمة «العاديّـات» مستخدمةً على نطاق واسع في المنشورات الأدبية آنذاك.
أما البيان الأول للجمعية آنذاك فقد تعلَّق بالحفاظ على الثقافة الأثرية وزيارة الآثار والسياحة إلى الآثار وما إلى ذلك. والمقصود بالتراث فهو المادي وغير المادي؛ حيث يشمل التراثُ المادي الآثارَ والأوابد التاريخية الموجودة في المدينة، أما غير المادي فهو العادات والتقاليد والطقوس والعلوم والتعامل مع الطبيعة والطبخ وتقاليد الأعراس، وكل ما هو منقول من ممارسات وعادات غير ملموسة بما يبدو أقرب إلى مفهوم التراث.
كان المؤسسون الأوائل يمثلون التنوع الثقافي والاجتماعي في حلب، فكانت الجمعية تضم شيوخاً وعلماء كبار مثل الشيخ راغب الطباخ والشيخ كامل الغزي والمؤرخ خير الدين الأسدي كما كانت تضم أباءً مثل الأب جبرائيل رباط، بالإضافة إلى أناس مثل مرعي باشا الملاح وأدولف بوخا المواطن النمساوي الذي استقرت عائلته في سوريا منذ أجيال
تملك الجمعية اليوم عدداً من الفروع حول البلاد من مركزها الأم في حلب إلى فرع اللاذقية ومصياف وحتى فرع ديرالزور الذي أفتتح مؤخراً من جديد
من أهم مساهماتها أنها قد دفعت عن حلب القديمة خطر الاندثار أثر المشروع الفوضوي المسمى (مشروع باب الفرج) إذ هدمت العديد من أحياء حلب القديمة حينها ما دعاهم إلى الاتصال برئيس الجمهورية حافظ الأسد والمطالبة بوقف الأعمال الجارية ومن ثم العمل على دخول الشهباء إلى لائحة التراث العالمي وذلك 1986، كما مدت الجمعية يديها في فترة رئيسها المؤرخ الحلبي الراحل محمد قجة لتظهر عروس الشام البيضاء بأبهى حلة أثر اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية وذلك عام 2006.
حسين حميدي
في التعليق الأول واحدة من الصور النادرة لمحراب ابراهيم الخليل المسلوب من القلعة
*الصورة المرافقة لمبنى جمعية العاديات في شارع اسكندرون بالجميلية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق