عمّا يحدُث في الشمال السوري


 عمّا يحدُث في الشمال، كتب كيڤورك ألماسيان:

ما يحدث في الشمال السوري يمكن اختصاره بالفلتان الأمني والموضوع متعلق مباشرة بالمحادثات بين دمشق وأنقرة.
في عام 2011 مع بداية ما يسمى بالربيع العربي، بدأت تركيا بتطبيق نظرة داوود أوغلو للمنطقة بحذافيرها. فيكم تقرأوا كتابه "العمق الاستراتيجي" وتتأكدوا من هالشي.
شعرت تركيا بقيادة أردوغان أن الاحتجاجات في سوريا هي فرصة لمد النفوذ التركي إلى بلادنا وتغيير النظام في دمشق اولا بالاختراق الناعم عبر الإخوان المسلمين حيث اتى داوود أوغلو الى دمشق في شهر اب 2011 وعرض على الرئيس الأسد اعطاء ثلث مجلس الوزراء ومجلس الشعب للإخوان المسلمين مقابل العمل على تهدئة الوضع في البلد. وعندما رفض الأسد "العرض" التركي، شكلت كل من أنقرة والدوحة المجلس الوطني السوري والجيش الحر من اجل الضغط عسكريا على دمشق.
وكل ما حدث بعد ذلك هو تدخل المزيد من الدول وانشاء غرف عمليات الموك والموم في تركيا والاردن من اجل إسقاط النظام باعتراف وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم.
دخلت الولايات المتحدة بقوة في خط اسقاط النظام عام 2012 بعد منح أوباما الاستخبارات الأمريكية صلاحيات واسعة لتدريب وتسليح المعارضة السورية التي تحولت لاحقا الى نصرة وداعش وجيش اسلام وأحرار شام وتركستان و و و .. تم الكشف عن هذا البرنامج من قبل إدارة ترامب عام 2018 عندما أمر بوقف تمويل عمليات الاستخبارات الأمريكية في سوريا تحت برنامج Timber Sycamore حيث أنفقت واشنطن مليار دولار في كل سنة على تدريب وتسليح المعارضة بميزانية تعادل واحد على عشرة من ميزانية ال سي اي ايه!
ما رح فوت اليوم بتفاصيل كثيرة بس الدعم الامريكي والخليجي كان الأساس في بداية التمرد المسلح واستمراره في سوريا. لولا هذا الدعم الهائل بعشرات المليارات (أيضا باعتراف حمد بن جاسم) لما استطاعت المعارضة من احتلال الكثير من المواقع والتمسك بها لسنوات عديدة. الدعم الخارجي كان عنصر أساسي في استمرار التمرد.
ولذلك ما نراه اليوم في الشمال هو أمر طبيعي حيث يشعر المسلحين أن توقف الدعم التركي بعد توقف الدعم السعودي والامريكي المباشر، وانسحاب القوات التركية يعني نهاية تمردهم واحتلالهم لهذه المناطق. وبما أن السياسة تحكمها المصالح وليست المشاعر، فإن التركي اليوم مستعد لتقديم بعض التنازلات مقابل حلحلة ملف اللاجئين والمليشيات الكردية (ومصالح متعلقة بالطاقة مع روسيا).
في السنوات الماضية شفنا عشرات الاعتداءات على اللاجئين السوريين والهجمات العنصرية عليهم في تركيا وما تحركت نخوة المسلحين تجاه أهلهم هناك لأن التمويل كان ماشي وكل شي كان تمام. بس اليوم الموضوع مختلف وفجأة صرنا نسمع بحقوق اللاجئين في تركيا.
طبعا الاعتداءات على السوريين في تركيا منظمة وتهدف إلى التهجير القسري الى سوريا. وهذه سياسة حقيرة ومستنكرة بحق أهلنا في تركيا.
انا اعرف ان هناك سوريين في تركيا عقولهم وقلوبهم مع المسلحين ولكن مشكلة السوريين في الداخل لا يجب ان تكون معهم بل مع المسلحين الذين باعوا لهم الاوهام ولم يجلبوا لهم سوى التهجير والفوضى في مناطق سيطرتهم.
وبعرف انه في كثير سوريين في الداخل حابين ينتقموا حتى لو لفظيا ولكن صدقوني اذا بدنا نعتمد على نهج الانتقام ما رح تخلص الحرب. أولوية السوريين لازم تكون المصالحة اولا ومن ثم إعادة البناء. كل امر آخر هو تضييع للوقت النا ولاولادنا. جيلنا خسر بما فيه الكفاية ولازم نعطي بصيص أمل للجيل القادم على الاقل.
انا ضد الانتقام وضد الشماتة. انا مع محاسبة من حمل السلاح وقتل الناس وقتل معه ماضينا وحاضرنا وربما مستقبلنا. خلونا نقبل بالسوري المدني مهما كان موقفه ونحاول نحتوي هذا الموقف الذي من الممكن ان ينفجر في وجوهنا مرة أخرى.
انا مع المصالحة
مع تهدئة النفوس
مع اعادة الاعمار
مع العيش المشترك رغم كل شيء
هذه هي عقلية ومنطق الدولة التي ستعيد السلام وتعيد دوران عجلة البناء. خلونا ما نضيع وقت أكثر من هيك 🇸🇾
Kevork Almassian كيڤورك ألماسيان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق