دمشق قريباً جداً.. فاقدة للحيوية وللاستدامة وللحياة
القصة المثيرة للجدل التي تحكي بفصول ..اسرار صمود المصور التنظيمي "التوجيهي" لدمشق لعام 1968 وباعجوبة..
بقائه حياً نافذاً يتحكم باسس التخطيط والتطوير للمدينة بالرؤية المستقبلية الموضوعة لها الجامدة والمحنطة.. لمدة تزيد عن 50 عام منذ التصديق له اي بتجاوز مدة 30 عام عن العمر الفني المقدر له 20 عام .. وعن 45 عام عن العمر الفني مقدر له اذا أخذنا بالاعتبار انه خلال 5 سنوات من التصديق له..
ومن المباشرة بوضع المصورات التفصيلية تم اكتشاف جملة من التعديات والكوارث على الاستدامة للمدينة وخاصة على استدامة الارثين الطبيعي والتاريخي وعلى الهوية التاريخية والثقافية وعلى الاصالة والانتماء.
فيعتبر ان المصور التنظيمي قد أمضى 45 عام دون اي تعديل او تجديد..وبما يجعله مرشحاً بان يدخل -موسوعة غينيس- كاطول عمر سجله مصور تنظيمي مع مدينة تعتبر ارث حضاري وانساني ومن اهم مدن العالم التاريخية التي بقيت حية ومستدامة.
وبذلك تتبلور الحقيقة.. بان دمشق ستكون قريباً جداً ..مدينة فاقدة للحيوية وللاستدامة وللحياة .. اذا لم يوقف المصور التنظيمي المحنط.. واذا لم تحظَ باقرب وقت بحقها بمصور تنظيمي لها ولمحيطها الحيوي وباعتبارها ضمن منطقة دمشق الكبرى..وانها ترتبط تنظيمياً بالخطة الاقليمية التي لم تصدر بعد عن هيئة التخطيط الاقليمي لاسباب غير مفهومة.
سيتم رواية القصة المثيرة للجدل بالفصلين التاليين:
الفصل الاول : قصص وسرديات في الفترة الواقعة بين زمن الاستقلال وبين زمن بدايات الستينات ..حين المباشرة بوضع الدراسة للمصور التنظيمي وحتى التصديق له عام 1968.
والوقوعات الخطيرة بالتعرية لدمشق من المعالم والمواقع التاريخية ومن المشاهد الطبيعية وبكل مايهدد الصورة للمدينة والهوية الحضارية..اضافة لتفاقم الهجرة السكانية من المدينة القديمة والانفجار السكاني لاضعاف مضاعفة ..والتردي بالحياة وبالبنية التحتية لها..والتداعيات من حرب عام 1967 المؤثرة سلباً على الموارد البشرية والطبيعية وعلى قدرة الاستيعاب للسكن من المهجرين.
الفصل الثاني:المفاجأة من جراء قيام الحركة التصحيحية عام 1970 واستجابتها الفورية لحالة الصدمة والقلق على التراث العمراني والطبيعي لدى المجتمع المحلي الدمشقي..التي سرعان ما تُرجمت باصدار العديد من الأوامر الادارية والقرارات للحد من التوسع العمراني على المناطق الزراعية والخضراء.. ومن استنزاف الموارد الطبيعية على جميع الأراضي للجمهورية العربية السورية..
وهي صادرة من رئاسة مجلس الوزراء بتوجيه مباشر من القصر وبعضها يأمر وزير الادارة المحلية بالتدقيق لكافة المصورات التنظيمية للمدن السورية.. والتأكيد بانها تلتزم بالحماية للموارد الطبيعية والزراعية ..وان كافة الخطط تلتزم بالرؤية المستقبلية الاستراتيجية للحماية للمناطق الخضراء لدمشق ولكل سورية.
ذلك الموقف الاستراتيجي في اواخر السبعينات من القرن العشرين من اعلى سلطة تنفيذية كان لفترة محدودة ..من اهم المعطلات لتنفيذ المصور التنظيمي والمهددات لاستمراريته.
ولكن.. وللاسف بآخر المطاف حال دون تعطيل المصور التنظيمي.. اكتشاف التنسيق والتعاون الممنهج وبخطة طويلة الامد موضوعة منذ الستينات من القرن العشرين.. بين الجهات الأكاديمية والحكومية والجهات الخاصة المستثمرة على حساب الموارد الطبيعية واتضاح ان جميع هذه الأطراف كانت مؤيدة بلا تحفظات للتنفيذ للمصور التنظيمي لعام 1968..
كما هو وبكل ما يسببه من التهديدات ومن المخاطر الكارثية على المدينة..وبدون اي ايقاف له.. ولو بشكل مؤقت للمراجعة وللتقييم له والحد من السلبيات منه على استدامة المكون الطبيعي والمكون الثقافي والمكون الاقتصادي والاجتماعي للمدينة .. تبين بوضوح انهم مجتمعين لهم موقف موحد متماسك وسلبي أدى لاستمرارية المصور التنظيمي بمخاطره الكارثية حتى اليوم..
وبتعزيز صموده وبالتحصين له.
وبحيث وخلال خمسة عقود كانوا الضامن بان لا يجرؤ اي رئيس للوزراء بعد عبد الرحمن خليفاوي ولا اي وزير للادارة المحلية بعد طه الخيرات.. ولا اي محافظ منذ ياسين الاسطة.. ولا اي انسان كائن من كان..على المساس ببقاءه المصور التنظيمي الوحيد لدمشق الذي يتابع تنفيذ حكم إعدام المدينة بتقطيع الاوصال وباختناقات حتى الموت المحقق .
وكانه قد اكتسب القدسية..ولم يعد متاحا لاحد حتى ولو كان اكاديمياً حيادياً منصفاً..ان يتجرأ ويوجه للمصور اي رؤية علمية نقدية تحليله بمخرجات بحثية تشير الى ما اصاب دمشق بالمقتل في الاستدامة والهوية والاصالة.. وذلك التدهور المريع في النظم البيئية وفي عموم الحياة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية.
ظلماً..لقد تم حرمان دمشق من حقها:
* بالاستمرارية كما كانت لقرون عدة المدينة التاريخية العاصمية الصامدة بالق بدور سياسي واقتصادي وحضاري متميز..
*باستحقاقها ان تواكب حركة التقدم والرقي والتنافسية المستدامة بالحياة المعاصرة والمزدهرة وبان تسير قُدماً نحو المستقبل الافضل.
المهندس خالد الفحام
خبير بالعمارة وبالتخطيط العمراني
دمشق في 07/07/2024 - جمعية سوريون من أجل التراث العمراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق