يُتابع صلاح موصللي تدويناته في تصنيفنا الجديد #برّا_جوّا*عن حق الوصول للمعلومات، بريد من المجلس المجلّي
استلمتُ في بداية الشهر نسخة من مجلة life in Salford، وهي مجلة مجانية تتم طباعتها وتوزيعها بشكل ربعي وتحصل على التمويل من قبل عدة جهات محلية ومجتمعية، متضمنة جامعة المدينة والمجلس المحلي.
لا تضم المجلة مقالات نوعية وتقارير جذابة، كالتي يمكن رؤيتها في مجلات العناوين البراقة، ولكنها تضم بعض المعلومات التي تهم السكان في المنطقة، كمواعيد وتفاصيل بعض الفعاليات المحلية، وتقارير عن بعض مشاريع المجلس المحلي، إضافة لرسالة من عمدة المدينة (رئيس المجلس المحلي)، والذي كان قم تم انتخابه قبل فترة ليست ببعيدة، وهو يوضح خطة عمل المجلس خلال الفترة القادمة.
يعتبر المجلس المحلي وصولي لهذه المعلومات وقدرتي على التواصل مع المجلس جزئاً من دور المجلس ومصدراً لشرعيته على الأرض، وذلك بوصفي مقيماً في نطاق دائرة المجلس الانتخابية رغم أني لست مشاركاً بانتخاب المجلس على المستوى الشخصي، ويأخذ هذا التواصل أشكالاً متعددة لا تقتصر على فترة الانتخابات. فالمجلس يخضع للمساءلة المحلية بشكل مستمر، ومن حق السكان معرفة مايقوم به أعضاء المجلس، وكيف يتم صرف الموازنة المحلية الممولة من الضرائب (سأتحدث عن هذا الجانب بشكل مفصل في مقال لاحق).
في هذا السياق، لا أحتاج لأن أكون عالماً بالغيب لأتوقع ما يدور بذهن القراء حالياً. في فترة تتحضر فيها البلاد لانتخابات مجلس الشعب، لا بد أن الكثيرين قد بدؤوا بتحليل ومقارنة سلوك الأعضاء المرشحين للانتخابات، وأولئك المنتخبين عن دورات سابقة سواءً كأعضاء لمجلس الشعب أو للمجالس المحلية في المدن السورية. كما لا أحتاج لأن أكون منجماً لأدرك أن الكثيرين يفكرون حالياً بأنهم لا يعرفون بالتحديد من هم هؤلاء، وما اسم أعضاء المجلس المحلي المنتخبين في منطقتهم والممثلين لهم.
في الواقع، فإن انعدام التواصل بين المنتَخبين (بنصب الخاء) والمنتخِبين (بجرها) ليس بالحالة الجديدة، إذ أن انعدام الثقة وانكفاء العموم عن الحياة السياسية والشأن العام قد طبعا واقع المجتمع السوري لعدة عقود لأسباب متعددة، وأصبحت هذه الظاهرة أمراً اعتيادياً في المجتمع.
تتحضر بريطانيا أيضاً لانتخابات لمجلس العموم في الأسبوع القادم، وفيما تمتلئ اللوحات الإعلانية في الطرق السورية بصور وألقاب المرشحين، تمتلئ هنا صناديق البريد ببرامج المرشحين السياسية، ويترافق ذلك مع مناظرات سياسية متلفزة، ولقاءات في الجامعات مع ممثلي الأحزاب المشاركة في الانتخابات، إضافة لحملات انتخابية محلية يلتقي فيها المرشحون مع السكان لمناقشة برامجهم السياسية وموقفهم من قضايا معينة.
من المهم التنويه بأن ما سبق لا يمثل تجربة سياسية مثالية أو حالة من الديمقراطية المطلقة، إذ لا تخلو العملية السياسية من الفضائح والانتهاكات والخطابات الشعبوية، إلا أن دور الإعلام والقضاء كبير في فضح هذه الحالات ومحاسبتها، وهو ما يضع المواطن في المقعد الأول في العملية السياسية، ويفرض على السياسيين المشاركة في السباق للحصول على رضا هذا المواطن.
مع بداية الأحداث الأخيرة في غزة العام الماضي، أرسلت خطاباً إلى عضو مجلس العموم الممثل عن منطقتي، للمطالبة باتخاذ موقف رسمي من قبل الدولة البريطانية. خلال ثلاثة أيام، تلقيت رداً شخصياً منها، توضح موقفها من الأحداث، وما قمت به من محاولات للضغط على الحكومة، إضافة لمداخلتها في مجلس العموم والتي طالبت فيها بفرض وقف لإطلاق النار وغيرها من الإجراءات.
متى كانت أخر مرة خاطبتم بها عضو مجلس الشعب أو المجلس المحلي عن منطقتكم؟ وهل حصلتم على جواب؟ شاركونا
Salah Moussalli - صلاح موصللي
#برّا_جوّا هي سلسلة تدوينات تستعرض تجارب معيشية خارج سوريا، وتقارن القيم المجتمعية وسلوك الأفراد بهدف توليد نقاشات دافعة للتحليل والتغيير. لا تفترض هذه التدوينات تفوق الآخر، ولا تتجاهل الظروف التاريخية والسياسية التي تقف وراء تطور القيم المجتمعية، ولكنها تنظر للتجارب المختلفة على أنها نماذج تستحق المراقبة والنقاش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق