وزير التربية د.عامر مارديني يُدوّن عن التنمر والسخرية ويدعو لحملة توعية يُسهم فيها الجميع!


 وزير التربية د.عامر مارديني يُدوّن عن التنمر والسخرية ويدعو لحملة توعية يُسهم فيها الجميع!

الكلمة الطيّبة
يجتاز المرء خلال حياته الكثيرَ من المواقف الإيجابيّة والسّلبيّة، الّتي تترك أثرها في شخصيّته وتلعب دوراً فاعلاً في كيفيّة تعامُله مع مشكلاته، وشكل علاقاته مع محيطه،
ولكن ماأكثر تلك المواقف تأثيراً؟
وكيف يتصرّف حيالها؟
بالعودة إلى الذّاكرة، قد يجد كلٌّ منّا مواقف سلبيّة معيّنة -خاصّة في الطفولة والمرحلة العمريّة المبكرة- تركت أثرها في شخصيّته وأفكاره ونظرته للحياة كالسّخرية والاستهزاء وماشابه، وهو ما اصطُلِح على تسميته"التّنمّر".
يمكن القول إنّ التّنمّر شكل من أشكال التعنيف النّفسيّ الذي يمارسه الأفراد على أحدهم فيستخدمون الألفاظ القاسية أو خدش المشاعر والسّخرية منه شكلاً ربّما أو مضموناً، وبالتّالي تعريضه لأذىً معنويّ كبير.
وهذه السّلوكيّات المقيتة بدأت تنمو وتتكاثر كالطفيليّات في المدارس أو ضمن الأسَر أو أماكن العمل والمجتمع بشكل عامٍّ، ممّا يؤدّي الى تدهور العلاقات المجتمعيّة، وزيادة التشنّج فيما بينها وانعدام الثقة بين النّاس، وتقويض مفاهيم الاحترام والمحبّة والتّعاون والعطف والإخاء وغيرها من القيم البنّاءة.
ومع تطوّر الوسائل التقنيّة والتكنولوجيّة أخذ التّنمّر أشكالاً مختلفة فانتقل ليصبح في الفضاء الالكترونيّ عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ، وبدأ يتوسّع ليشمل البعيد قبل القريب، من نعرفه ومن لا نعرفه!
فظهر التنمّر على الشّكل الخارجيّ لأشخاص عاديّين لم يسبق للمتنمّر ذاته أن التقاهم أو تعرّف إليهم، ليمتدّ ويشمل أفكاراً ومواقف يبديها جمهور المتفاعلين والنّاشطين وسواهم في المنشورات الالكترونيّة، وتكبر الأمور ككرة الثلج دون التأكّد أصلاً من حقيقة ما يُنشر ومن يَنشر من خلف الشاشات، ليصل ذلك كلُّه إلى تشويه عمل المؤسّسات ضمن المجتمع لمجرد رغبة آنيّة بالغضب أو الانتقام حيناً، وللتّنفيث عن عقدٍ نفسيّة لدى المتنمّر حيناً آخر.
لا شكّ أنّ التّعبير عن الرّأي حقٌّ مصون لكلِّ انسان، لكنّه لن يكون منطقيّاً وواقعيّاً ما لم يرتبط بالاحترام والمصداقيّة والقدرة على عرض المشكلة بهدف حلِّها وليس للتّشهير بأحد أطرافها.
لقد وجد المتنمرّون في وسائل التواصل الاجتماعيّ فضاء واسعاً لنشر الشائعات والتّعليقات السّلبيّة بسهولة ومن دون رادع أو خشية من كشف هويّتهم، ذلك أنّهم غالباً ما يتخفّون وراء أسماء مستعارة،
ولكن؛
ماذا لو توقّفنا للحظة ووضع الواحد منّا نفسه موضع الاتّهام أو السّخرية أو التّنمّر لسبب أو لآخر، فكيف ستكون والحال هذه ردّة فعله؟
وما تقييمه لذلك الأذى وكيف سيتعامل معه؟
وكيف يمكن للشّخص أيضاً أن يشهّر بمؤسّسته التي عمل فيها(بذريعة النّقد!)؟ فهل يكسر الإنسان إناءً أكل منه، ويتجرّع السّمّ الذي التقطه ممّا يسمّى وسائل التواصل الاجتماعي؟!
لابدّ أنّنا اليوم في أمسِّ الحاجة إلى حملة توعية يسهم فيها الجميع بهدف ابراز الآثار السّلبية لذلك السّلوك البشع المرفوض، والتّأكيد على عدم الانجرار وراء التّعليقات التي تهدم الثقة بالنّفس والآخرين، والتوجّه إلى تعزيز مفاهيم الايجابيّة والعمل الجادّ، ولنعرف أنّ لكلِّ مقام مقالاً ولكلِّ منزل بابه الذي ينبغي لنا طرقه لا اقتحامه،
وليكن كلامنا الطيّب بذرةً تؤتي ثمارها في المجتمع محبّةً وأملاً وخيراً وبناء.
د. محمد عامر مارديني
عبر صفحته الشخصيّة
*الصورة لغلاف أول كُتيّب سوري حاول تفكيك التنمّر والتعامل معهُ، من البعبع / Bogeyman وهي مبادرة مدعومة من صندوق الأُمم المتحدة للسكان في سورية، يُمكنكم تحميل الكُتيّب من هنا:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق