تعرّف إلى اللوكيميا وعلاجها في سورية
أعلنت رئاسة الجمهوريّة اليوم عن تشخيص السيدة الأولى أسماء الأسد عافاها الله بمرض الإبيضاض النقويّ الحاد (لوكيميا)، نُحاول هُنا الإضاءة على اللوكيميا وعلاجها في سورية
تعود كلمة لوكيميا إلى اللغة اليونانية بمعنى الدم الأبيض وقد أطلق عليه اصطلاحاً ابيضاض الدم، يعتبر ابيضاض الدم أحد السرطانات التي تنشأ على حساب النسيج النقوي وهو المكان الرئيسي لتشكل الخلايا الدموية إذ تتكاثر الخلايا المكونة لعناصر الدم بشكل غير مضبوط مما يؤدي إلى تراكمها وإعاقتها لوظيفة النقي.
لا يزال السبب الرئيسي لحدوث ابيضاض الدم غير واضح بشكل دقيق حتى الآن ولكن يُعتقد أن مجموعة من الطفرات تصيب جينوم الخلايا المكونة لعناصر الدم وتعمل على إيقاف تمايز هذه الخلايا قبل نضجها مسببة تكاثرها بشكل عشوائي وذاتي خارج سيطرة ضوابط الانقسام الخلوي ومن ثم انتشارها إلى الدوران وأعضاء أخرى من الجسم.
تصنف ابيضاضات الدم إلى حادة ومزمنة وتبعاً لمكان سيطرة المرض إلى نقويّة ولمفاوية ويكون التمييز بين النوعين بشكل سهل أحياناً وفق الصفات الشكلية الخلايا لكن قد يتطلب التشخيص في حالات كثيرة إجراء الفحوص النوعية كالتلوينات والتنميط المناعي الخلوي.
يصيب الابيضاض النقوي الحاد الفئات العمرية كافة مع ميل للإصابة عند الذكور ومع التقدم بالعمر ويشكل 85٪ من الابيضاضات الحادة التي تصيب الكبار و 20٪ عند الأطفال. وقد يكون الابيضاض الحاد أولياً أي حدوثه عند أشخاص لم يصابوا من قبل بأمراض دموية أو ثانوياً عند مرضى كانوا قد أصيبوا سابقاً باضطرابات دموية أو قد تلقوا علاجاً لإحدى الأورام.
تعتبر الأدوية السرطانية بما فيها المواد المؤلكلة من العوامل الخطرة في إحداث الابيضاض النقوي الحاد كما يزيد التعرض للإشعاعات في سياق العلاجات الطبية أو الفحوص المتممة بالإضافة إلى التدخين من خطر الإصابة.
علاج اللوكيميا في سورية
في الحقيقة قطع علاج اللوكيميا لدينا في الفترة الأخيرة شوطاً مهماً وخاصة بعد توافر العلاجات الكيميائية وطرق التشخيص والمتابعة المتطورة مما ساهم في رفع معدلات البقيا وفرص الشفاء ولكن ظروف الحرب قد أتت على كثير من مفاصل قطاع السرطان وعلى رأسها استيراد الأدوية الورمية النوعية.
فور تشخيص الإصابة يجب البدء بالعلاج ويقسم إلى طورين:
- الطور الأول لتحقيق الاستجابة ويشمل المعالجة الكيميائية التقليدية الهجومية وفيه يتلقى المريض الجرعات الكيميائية ضمن المشفى بشكل مكثف لمدة قد تصل إلى عشرة أيام متتالية، ويحصل في هذه المرحلة تثبيط لنقي العظم تثبيطاً تاماً وعندها يجب أن يتم عزل المصابين وفق معايير صارمة تضمن عدم الاختلاط والتباعد الاجتماعي لتحقيق الراحة ومنعاً لحدوث الإنتانات الانتهازية.
قد يحتاج المريض في هذا الطور إلى نقل مشتقات الدم بشكل متكرر للوقاية من النزف وتقوم بنوك الدم التابعة لإدارة الخدمات الطبية العسكرية لدينا بتأمينها لمرضى السرطان بشكل مجاني.
- الطور الثاني يُسمى طور متابعة الاستجابة وفيه تختلف شدّة البروتوكولات العلاجية وذلك للمحافظة على استجابة المريض وتعزيزها.
يُعد زراعة النقي الغيري أو الذاتي مع جرعات مكثفة من العلاجات الكيميائية أيضاً من ضمن البرامج العلاجية الهادفة إلى المحافظة على الهدأة الورمية و توفر الدولة السورية خدمة زراعة النقي في كل من مستشفى تشرين العسكري و المركز الوطني للخلايا الجذعية (حياة) في مستشفى الأطفال الجامعي في دمشق والذي يشكل أملاً للكثيرين من المصابين بهذا المرض.
مؤخراً قامت اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان وبأياد وخبرات وطنية بإصدار المرشدات العلاجية الخاصة بسرطانات الدم وذلك وفقاً لأحدث المراجع العالمية والأبحاث الطبية ليتم اعتمادها وبشكل موحد في كل مراكز علاج الأورام في سورية وبشكل يؤهل الفرق الطبية العاملة في هذا المجال ويضعها على درجة عالية من المسؤولية بدءاً بالتشخيص الدقيق ومن ثم المراقبة اللصيقة أثناء العلاج وإجراء الفحوصات الدورية في مرحلة المتابعة وصولاً لتحقيق الشفاء.
د. يزن نوفل معمار
معيد في قسم طب الأورام، مستشفى تشرين الجامعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق