عن الجمال المعماري المتواري في سورية

 

عن الجمال المعماري المتواري في سورية،
كتبت يارا المصطفى
منذ أيام قليلة نشر الفنان إياد الريماوي عرضاً بديعاً لمجموعة من مقطوعاته داخل محطة الحجاز في دمشق، والمحطة جوهرة معمارية تم استخدامها ما بين عامي 1913 و1920 فقط، أغلقت بعدها عن أعين العامة واستخدامهم اليومي، جوهرة لم يطالها "البلدوزر" بعد, وهي تبدو وسط دمشق كمزهرية ضائعة، طرازها المعماري مماثل لعديد من محطات القطار التي بنيت في هذا الوقت ( أحد المراجع يذكره ك آرت نوفو مشرقي، وآخر يعطي أمثلة عن محطات في إسبانيا بنيت في هذا الوقت بعد أن بدأ استخدام الهياكل المعدنية ومجازاتها الجديدة) ورغم اتباعه للقواعد المتبعة في بناء المحطات المذكورة الا أن معمارها الاسباني فراناندو دي أراندا (من المعماريين الذين لم يخذلوا سوريا في نتاجهم الفني الرفيع) صممها ضمن مفردات مشرقية متميزة.
أرفق في التعليقات بعض الصور من عرض الريماوي،
يليها صورة لما كان يحيط بالمحطة في وقت بنائها وكيف أن التخطيط العمراني تكامل مع التصميم المعماري لينتج لنا فضاءً متناغماً يبرز بعضه البعض ويشعر الانسان المار أمامه انه جزء من هذه السمفونية. علينا أن نلاحظ هذه المساحة التي تتقدم المبنى وتؤدي إليه كأنها من تصميمه.
المصور في فيديو الريماوي يكتفي باللقطات المقربة جداً لواجهة المبنى المتآكلة، ومقطعاً قصيراً ليلياً للمجال أمام المبنى لأن الشارع الوقح في عرضه و الزاخر بالسيارات اليوم سيمحو كل تناغم، سيُسكت أصوات المحطة القادمة من القرن الماضي، سيسكت المدى.
ولو سألنا عن البوليفارد الأنيق أمامه لرأيناه اليوم مهلهل المظهر مقطوع الأوصال جافاً تهيمن عليه الأبنية الصماء المبعثرة و جسور الخرسانة.
لا تكفي الأبنية التي تقدم لنا وظيفتها ضمن قالب عشوائي من الخطوط والاشكال او انعدامه ولا يكفي الشارع الذي يعمل كخط اتصال بين نقطتين وحسب، صنع الجمال المعماري هو صنع القيمة وصنع للثروة وصنع للإلهام الذي بدوره من سيعطينا أشخاصاً ملهمين.
من حقنا في بلد كان يزخر بالجمال ظاهراً ومتوارياً أن نعيده كذلك! إلى سارقي الجمال سنعرف من أنتم و يا أصدقاء لا تقبلوا بالعمارة القبيحة تحت أي ذريعة. استمتعوا بالجمال الذي اختاره اليوم الريماوي وسطاً لموسيقاه.
يارا المصطفى

مزيد من الصور في التعليقات هنا:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق