كتب عبد الفتاح عوض: النجاح أو النجاة
أحد مدربي التنمية البشرية قال إن العقل البشري غير مصمم للنجاح إنما مصمم فقط للبقاء على قيد الحياة. لا أريد أن أقلل من موضة دروس التنمية البشرية وتلك الدروس المكررة والنصائح المعادة وتقديم الحياة كما لو أنها فيلم سينمائي!! بين كلمة النجاح وكلمة النجاة اختلاف بحرف واحد لكن بين مفهوم النجاح ومفهوم النجاة حقول شاسعة من التفكير والسلوك. الشيء المؤكد بالنسبة لي أن العقل البشري مصمم للنجاح وأن كل ما يقوم به الإنسان كي يصل إلى تلك المرحلة التي يرضى فيها عن نفسه ويخوض الكثير من التجارب الصعبة وأحياناً تأخذه الرغبة بالنجاح إلى القيام بمغامرات غير مأمونة ويدفع ثمناً باهظاً جداً في الطريق إلى النجاح.
فيما أولئك الذين عاشوا حياتهم في ظل طلب النجاة فقط هم مرضى أو ضحايا لحالات شديدة من الإحباط جعلتهم يتخلون عن الحلم ويزهدون بالنجاح. من الصعب أن تجد شخصاً لا يبحث عن النجاح وإن وجدته فعليك أن تفتش عن السبب وراء ذلك، ربما حاول ولم ينجح فاكتفى بالتخلي عن الحلم. أقول ذلك وأعرف كم يوجد الآن من السوريين الذين يطمحون فقط بالنجاة من مصاعب الحياة ومن وطأة العيش. لكن بالمقابل فإن ما نراه أن السوريين لم يتخلوا عن أحلامهم بالنجاح والكثير غامر بكل ما تعني الكلمة كي يلاحق حلمه.
ما نلمسه من ميل الكثير من السوريين لنعية أحلامهم ووجود تعابير اليأس في كلماتهم إنما هو حالة ناتجة عن ويلات الحرب وآثارها ولا غرابة في ذلك فحتى ازدهار حركات الزاهدين وانتشار مدارس التصوف كان في مراحل تعاني فيها البلاد مشاكل اقتصادية واجتماعية.
و رغم ما يعاني منه السوريون إلا أن اهتماماتهم بالقضايا العامة لم ينقطع ومشاعرهم القومية ما زالت ساخنة وفي أعماق كل سوري حلم يبحث عنه ولا يوجد مبالغة في قولنا إن جينات السوريين مؤهلة للنجاح فرغم الصعوبات الكثيرة ما زال لدينا قصص نجاح سورية ربما معظمها في هذه الفترة خارج سورية لكنها تؤكد براعة السوريين في حياكة الأمل وصناعة النجاح.
السؤال المؤلم لماذا لا نجد الناجحين في مراكز صناعة القرار؟ ولماذا يهرب الناجحون من الخدمة العامة ولا يشارك معظمهم في العمل العام والانتخابات؟
هذا السؤال المؤلم يفتح عشاً من أسئلة أخرى كلها تدور حول فكرة أن البيئة السورية حالياً طاردة للنجاح.
اقتراحي هنا أن يتم تشكيل حاضنة نجاح تستقطب العقول وتقدم لهم ما يحتاجونه للعمل سواء في الخدمة العامة أم في القطاع الخاص لأن من يتقدم لشغل منصب مدير عام وراتبه 300 ألف ليرة سورية سيكون من غير المنطقي الثقة بقدراته إن لم نقل بنياته.
أقوال:
– ما يدركه ويؤمن به عقل الإنسان يمكن أن يتحقق.
– ينقسم الفاشلون إلى نصفين: هؤلاء الذين يفكرون ولا يعملون، وهؤلاء الذين يعملون ولا يفكرون أبداً.
– قد يتقبل الكثيرون النصح، لكن الحكماء فقط هم الذين يستفيدون منه.
جريدة الوطن | عبد الفتاح العوض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق