عن اختيار موضوعات الأطروحات العلميّة في سورية، كتب عبد الرزاق معاذ


 عن اختيار موضوعات الأطروحات العلميّة في سورية،

كتب عبد الرزاق معاذ:
البارحة راجعتني طالبة تحضر ماجستير من جامعة دمشق، تطلب مساعدة ومعلومات حول موضوعها.
، وهذا يحدث بشكل دائم واحاول قدر الامكان الا ابخل بمساعدة ان كان الطلب منطقيا والصيغة لائقة ومهذبة.
لكن الذي يدمي القلب ان صح التعبير هو كثرة المواضيع التي لا تصلح والتي تعطى لطلاب الماجستير والدكتوراة وكأن الاستاذ المشرف لا يعرف كيف يجب ان يتم اختيار موضوع لاطروحة ماجستير ودكتوراة ..
…هناك موضوعات غير واقعية وليس لها فائدة
وهناك موضوعات واسعة جدا يمكن ان يكتب عنها مجلدات ولكن ليس اطروحة ماجستير كما هو الحال مع الطالبة بالامس..
هذا مع الأخذ بعين الاعتبار شح المراجع في دمشق وخاصة الاجنبية وضعف لغة الطلاب الاجنبية وفقر المكتبات وسياسة مكتبة الاسد التعجيزية في العمل.
لقد حالفني الحظ في الثمانينات في جامعة دمشق حين كنت طالبا فيها ان اتعرف على اساتذة عندنا قد درسوا في كبرى الجامعات في العالم ويحضرني مرة اني حضرت مناقشة لاطروحة ماجستير وكان المشرف باحثا مخضرما يحمل دكتوراة دولة من السوربون وكان احد المناقشين يحمل دكتوراة من احدى الجامعات البريطانية العريقة وكانت متعة وفائدة ان تستمع للنقاشات بينهما خلال مناقشة الاطروحة…
فالمدرسة الفرنسية المتأثرة بالمنهج الموسوعي للدكتوراة الدولة التي تقتضي ان يقول الباحث فيها الكلمة الاخيرة في موضوع بشكلٍ يغلق مجال البحث فيه لعدة عقود ويغطيه من جميع الجوانب وقد تم الغاء هذه الدكتوراة التي كانت تستغرق احيانا عشر سنوات او اكثر وتخرج احيانا في الف صفحة.. وتحضرني امثلة عديدة هنا..
وفضلت المدرسة الفرنسية استبدالها بدكتوراة هي اقرب للدكتوراة البريطانية الامريكية PhD
ولكن ظل هناك اختلاف في تحديد مفهوم الاطروحة وهدفها..
المدرسة البريطانية الامريكية تعتبر الاطروحة وظيفة يؤديها الطالب لينال درجة علمية تثبت مقدرته على البحث وتبنى الاطروحة على فكرة او سؤال محدد تحاول الاطروحة الاجابة عليه مثلا انا في اطروحتي للدكتوراة انطلقت من سؤال هل كان للمدارس شكل محدد في العالم الاسلامي في العصور الوسطى؟
وانا دائما أتهم (بالضمة) رغم اني قدمت هذه الاطروحة في جامعة فرنسية بأني متأثر بالمدرسة البريطانية الامريكية وفي مناقشة اطروحة في جامعة باريس الاولى كنت فيها مناقشا قالت لي استاذة فرنسية ذلك بصراحة ..
ومازلت اعتقد بأن الاطروحة ليست عملا موسوعيا كما كانت اطروحة دكتوراة الدولة الفرنسية التي الغيت ..
لكن عبثية الموضوعات التي تعطى احيانا تجعلني اشفق على الطلاب المساكين وهذه الموضوعات ورطات حقيقية
هذا بغض النظر أداب العلم والمتعلم وكيفية السؤال للحصول على المعلومة الضعيفة جدا عندنا وتشعر احيانا ان الطالب يريد ان تعطيه كل شيء جاهزا ليصبه في الاطروحة ويخلص..
وتأتيك طالبة على المسنجر تقول: "مرحبا استاذ سمعنا انك من سكان ساروجا ياريت تعطيني شو عندك مواد عم هل الحي انا عم ساوي ماجستير عنو"
او ان يعطى موضوع اطروحة ماجستير في نظريات وتاريخ العمارة عن خزان العفيف فهذه مهزلة ولا يقل عنها مهزلة اطروحة دكتوراة عن تصوير الآلات الموسيقية في الرسومات العباسية الطالبة ليس عندها امكانية لرؤية جميع المراجع التي تناولت الموضوع بكل اللغات بسبب فقر المكتبات وعدم توفر هذه المراجع في سورية !
فاذا كان الاستاذ بالاصل لم يتقن منهجية البحث العلمي وكيفية اختيار موضوع اطروحة فلاعتب على التلامذة ! عجبي
عبد الرزاق معاذ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق