عن جبر ضرر السوريين، كتب عبد الله الجدعان


 عن جبر ضرر السوريين، كتب عبد الله الجدعان

ورد مصطلح "جبر الضرر" ضمن أوراق العمل الدولية المتعلقة بالحل السياسي في سورية إلا أنه لم يعرف طريقه إلى الترجمة العملية من الخارج الدولي والإقليمي إلى الداخل السوري، إلى أن جاءت كارثة الزلزال لتحرض على تجربة هذا المفهوم ولكن بشكل محلي محض حيث أخذ أشكالاً عدة بدايتها كانت مع الاستجابة الأولى المجتمعية السريعة والتي وحدت كل الجهود في سبيل إنقاذ العالقين تحت الأنقاض وتأمين الناجين و الشروع بإغاثة المهجرين.
ما حصل يجب قراءته من منظور مختلف بعيد عن العواطف المرافقة له فإنه في كل ما أنجز وما يزال مستمر حتى اللحظة يشير إلى مدى قدرة هذه البلاد على ترميم نفسها لو ترك الأمر لها، والدليل على ذلك بأنه ليس قليلاً أن يكون لدى هذا الشعب بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب الرغبة في التكافل مع الآخر والتخفيف من مصابه وجبر ضرره، لا سيما وأن من يقدم الخدمة هو أيضاً متضرر ووضعه ليس بأفضل.
من جهة ثانية يجب مقاربة فجوة الثقة الواضحة بين الجهاز الحكومي والمجتمع الأهلي، فالأخير فضَل وضع خطة استجابته وتنفيذها بنفسه وعدم التعويل على التدخل الرسمي في مناطق الكارثة الذي جاء أصلاً متأخراً ودون مستوى التوقعات مع الأخذ بعين الاعتبار قلة الإمكانات بفعل الحرب.
هكذا كان زلزال السادس من شباط محطة كاشفة أخرى بأننا كسوريين رسمياً وشعبياً ما زال يجب علينا التعلّم من دروس الحرب بشكل أكثر فاعلية وأن ينعكس ذلك على العلاقة بين مختلف الأطراف الفاعلة في الداخل وبما أنه لا يمكن الحديث عن أية خطوة مستقبلية جديّة نحو الاستقرار في سوريّة وبناء السلام والتعافي من الحرب دون اعتراف جميع الأطراف بدايةً بأنهم شركاء بالخسارة وبالحل، وأن تكون جهود السلطة السياسية موجهة نحو إعادة استقطاب كل السوريين كما أن توجهات الحكومات القادمة يجب أن تنصب على بناء الثقة مع الفاعلين المجتمعيين وتوفير البيئة العامة للنشاط المدني اللازم للتعافي والتنمية،
ويمكن ربط ما سبق بالمناخ السياسي المستجد في المنطقة وبين سورية والأطراف العربية حيث ان تقاربات من هذا النوع قادرة على حل أجزاء من القضية السوريّة فيما قضايا أخرى أكثر جوهرية تبقى شأناً داخلياً سورياً - سورياً ولكن ما زال الغموض يلف التوجهات المُعلنة للأطراف في هذا المجال ومدى الجديّة في العمل على مشروع وطني مشترك نحتاجه أكثر من أي وقت مضى وحانت لحظته بشكل لا يقبل التأجيل، ويمكن أن يكون القرار السوري الأخير بتمديد السماح بدخول المساعدات الإنشانية عبر الحدود التركية مثالاً عن القدرة على اتخاذ قرارت داخلية محضة تبني الثقة وتدفع عجلة الحلول وتجبر ضرر السوريين في إدلب وريف حلب الشمالي كما في دمشق.
Abdullah AL Jaddan عبد الله الجدعان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق