عن إعادة الاعتبار للمناطق المهمّشة في سورية من بوابة الثقافة والفنون هذه المرّة، كتب جوان ملا:
منذ مدة ليست بالبعيدة كُرِّمَت النجمة شكران مرتجى في مهرجان إيمدغاسن السينمائي الدولي في الجزائر، وهو مُقام في مدينة باتنا التي تتوسط شرق الجزائر وهي ليست بالمدينة السياحية الأكثر زيارة في البلاد، لكن القائم على المهرجان غامرَ بإحيائه فيها لجذب المشاهير والسبونسرات إليه ولو ببطء،
الأمر نفسه حصل في مهرجان الجونة السينمائي في مصر الذي بات الأكثر شعبية في السنوات الماضية بغض النظر إن اتفقنا مع محتواه أم لا، لكنه استقطب فنانو العرب والعالم إلى منطقة مهمَّشة سياحياً في البلاد مقارنةً بغيرها وجعلها الأكثر حديثاً عبر وسائل التواصل
..
ومع بدء شبه تحسُّن سياسي في سوريا والذي بطبيعة الحال سيؤثر على باقي مفاصل الحياة فإنني آثرتُ أن أفكّر معكم بصوتٍ عالٍ وأتساءل لِمَ لا يكون في السنوات القادمة مع تحسن الأوضاع الأمنية إن شاء الله مهرجانات سينمائية أو درامية في مدنٍ سورية تستقطب المشاهير من العرب والعالم ولا تكون في دمشق أو حلب أو اللاذقية أو حمص أو حتى حماة،
بل تخيلوا لو قررت إحدى القطاعات الخاصة أو حتى الحكومية إقامة مهرجان الرقة السينمائي الدولي، أو مهرجان إدلب للدراما العربية، أو مهرجان الحسكة للمسرح العربي، أو مهرجان درعا للمسرح الراقص!؟
..
فلو أعطينا هذه المدن حقها والإضاءة عليها في المرحلة القادمة بعد ما عانته في الحرب فلربما تجذب عدداً كبيراً من السياح والفنانين إلى بلدنا ليعرفوا كم هي جميلة وغنية بتراثها وحضارتها وترفع من الدخل الاقتصادي لسكان المدينة وتُنسيهم بعضاً من آلامهم
..
أعرف أن مجرد التفكير في هذا الموضوع مع انقطاع الكهرباء وضرورة إعادة الإعمار للمناطق المنكوبة هو مبكر جداً في الحديث عنه وربما يتلقى وابلاً من التهكم والاستسخاف وهذا طبيعي نتيجة سوء الوضع الخَدَمي الراهن وقلة المسارح ودور السينما والإهمال الحاصل بهم حتى داخل المعهد العالي للفنون المسرحية عدا عن نقص الموارد في كثير من الأشياء التي يحتاجها السوريون،
لكن لو بدأت خطة مطولة لإعادة الاهتمام بمدننا التي كانت بالأصل مهمَّشة في كثير من القطاعات لربما سنحصد في الفترة القادمة انفتاحاً ثقافياً فنياً أكثر في هذه المحافظات ونضيء عليها بشكل أكبر كما الأمثلة التي ذكرتُها أعلاه - وهذا لا يقل أهمية عن الضرورات المعيشية - وطبعاً ذلك يحتاج لجهود كثيفة لبناء وتجميل صور هذه المدن من طرقات وأبنية وخدمات وغيرها قبل استقبال الناس والمشاهير والإعلام من كل حدبٍ وصَوب
..
آملُ أن أرى بلدي تتعافى وتتصافح في القريب العاجل كي تعود كافة مدنها للحياة، ونبقى منبراً للتراث والثقافة والفن
..
*الصورة من حفلة المايسترو العالمي ريكارد موتي في مدينة بصرى بدرعا 2004
Juan Mella جوان ملا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق