مشاهدات ومناقشات
رحلة قطاف الوردة الشاميّة
قرية المراح - ريف دمشق
1. الناسُ يمارسون الفرح!
لا أقول عنهُ شعور، بل هو ممارسة، الأهالي يعملون خلال شهور طويلة بالفعل ليجنوا الورود ويتابعون عمليات الفرز والتقطير وغيرها، الاحتفاء بتجربتهم فرصة حقيقيّة للعاملين وغير العاملين في القطاف من الأهالي، الجميع هُنا يعتبر نفسهُ معني، الجميع قادر على كتابة مجلدات كاملة حول ما يقومون به، انهم لايشرحون لك خطوات الزراعة والرعاية والقطاف، هم يحكون لك عن حياتهم، هي نفسها حياة الورد.
2. طقوس القطاف في بلادنا مُلفتة!
حتّى الذين شاهدوا طقوساً زراعيّة في بلاد أخرى يشعرون بمشاعر حُبّ مختلف في طقوس بلادنا، ألوان زاهية للملابس والمفارش، أهازيج وأغاني من التراث المحلّي، مشروبات وطعام محلّي من الأرض نفسها، مناخ متقلّب لكنّهُ غير قاسي، جماعات تعمل معاً، عائلات لاعمّال، شباب وصبايا، يافعون وأطفال، عجائز يُراقبون بفرح ويضبطون إيقاع الجميع، إنّهُ طقسٌ تُخرجه الطبيعة نفسها، يشارك الجميع في تأديته ولو بالإبتسامة.
3. التنوّع ذخيرتنا الأساس
هل يبدو الحديث عن التنوع مُمِلّاً أحياناً؟ لكنه حديث حقيقي، لدينا أعراق وأديان وطوائف واثنيات متعددة، لهجاتنا المحليّة وأحياناً لغاتُنا المحليّة، معظم أهالي قرية المِراح يتحدثون التركمانيّة فيما بينهم إلى جانب العربية، والتركمانيّة تُشبه اللغة التركية لكنها مستقلة وهي مليئة بالمصطلحات المغرقة بالمحليّة، يُسعدني أن أرى الآخرين من حولي يتحدثون لغاتهم الأصليّة ويتواصلون بالعربية المشتركة بيننا كسوريين!
4. الأهالي يكبرون مع المواسم
من ألطف ما يُلاحظ هو توريث الشغف والحُب، معظم من رأيتهم يقف إلى جانبهم أولادهم وربما يقومون بمعظم الأعمال، انهم يقيسون أعمارهم بمواسم القطاف، نخنُ أمام مساحات زراعيّة جديدة تنضم للإنتاج مع كلّ موسم، وتنتشر في محافظات متعددة بجهود الأمانة السورية للتنمية، إنها إعادةُ توزيع الشغف والأرباح حيثما أمكن في سورية.
5. الوردة الشامية
هل هُناك اسم جامع أكثر من هذا؟ سمّيت في السابق روزا داماسينا، لكنّ تثبيت اسم الشاميّة يعني جغرافيا مفتوحة على التعدد، فالوردة تزرع في أماكن متعددة من بلاد الشام وهذه اللفتة في تسجيلها رسميّاً بالشامية بدلاً عن الدمشقية أو غيرها تنمّ عن انفتاحنا على جغرافيتنا وماضينا ومستقبلنا، نحن أبناء الشام وهذه وردتنا جميعاً.
6. أطفالُ القطاف
أودّ الحديث عن أطفال القطاف، أسميهم كذلك لأنهم شركاء في العمل والإنجاز بشكل حقيقي، ليس عملاً انه ممارسة وطريقة حياة، أحدهم سرّ لي أنه ينتظر هذا اليوم منذ سنة كاملة، لقد كان يصوّر المشاركين بموبايل ذو كاميرا رديئة لكنني أجزم بأنّ فرحه فيما يصوره أهم من كلّ مانملكه من عدسات تصوير.
7. البحث عمّا يجعلنا جميعاً رابحين
الوردة عنصر جمالي تقليدي اجتماعي اقتصادي ثقافي، هذا الخليط يُشكل مصلحة جماعيّة، للأهالي، للتجار، للمجتمع، للثقافة، لسورية، نحنُ بحاجة لعناصر مُشابهة تُساعد السوريين على إعادة تشكيل سلاسل القيمة في تعاملاتهم وهذا يُساعد على إعادة انتاج السلام بيننا ويخلق تجاوز للماضي الأليم الذي عشناه خلال السنوات الماضية.
8. من هُم شركاء التعب؟
تظهير الوردة وانضاج حضورها هو جهد متراكم لعشرات المتطوعين والموظفين في Syria Trust for Development الأمانة السورية للتنمية وماحولها من كيانات، هذا شيء لا يُمكن اغفاله، بالإضافة إلى الجهات الأخرى المتدخلة في الدعم والترويج والتوزيع من سلطات محليّة وحتّى شخصيات اعتباريّة محليّة، إن هذا العنصر هو طيف يكبر ويتمدد ويمكن لنا الإهتداء به كنموذج في البحث عن العناصر الغنيّة الأخرى لدينا والتعامل معها بجديّة وذكاء.
9. المِراح فرصة!
تحملُ المنطقة مناخ منفتح على الصحراء والمدينة والساحل معاً، وتنتشر المزارع أو حقول الورد في مساحات واسعة ممتدّة وهذا ما بجعل المنطقة تحمل عوامل جذب متعددة، فهي وسط سورية، غير بعيدة عن الطرق الدوليّة فيها مشاهد مُلفتة لقمم القلمون وتمتد عميقاً في سحر لانهائي، تُشبهُ سورية.
10. أصواتهم جميلة ووجههم بشوش
لمّا كانت الأهازيج جزءاً من الطقوس، تشعُر أنّ أصوات الجميع هناك جميلة بغناء أو بدون غناء، كما أنّ تلوّن اللهجة أحياناً بين العربيّة والتركمانيّة يخلق بعض اللحن في الكلام العادي، أضف إلى ذلك الابتسامات المستمرّة والترحيب الحار وأطواق الورد، شعبٌ بشوش.
تعالوا لمناقشات مفيدة!
ماذا لو خُصصت رحلات مدرسيّة طوعيّة لزيارة المنطقة، ستكون جزءاً من ذاكرة الجيل حتماً
نحن بحاجة لبرامج جولات قطاف مفتوحة ومن مختلف المناطق، هذه الجولات ستشكل فرصة تعارف
لو نُنشئ في المِراح بيوت ضيافة للسياح من داخل وخارج سورية ونطلق مسار سياحي للوردة وقطافها
بعض الطوابع التذكارية وبطاقات البريد تُساهم في ترميز العنصر وابرازه وتعريف السوريين وغيرهم به
توثيق الأهازيج والألوان وإدارجها في منهاج التربية الوطنية كجزء من التراث ومحاول لتجسيد التنوع السوري
الوثائقيات المُترجمة وكتب الطاولة أشياء ضروريّة وركن الهدايا لمنتجات الوردة في الفنادق يمكن أن يكون مُلفتاً
هذه مجرد نقاشات سريعة لنكون جميعاً سفراء مُساهمين في ابراز وتعزيز هذا العنصر السوري، بصرف النظر عن مواقعنا واهتماماتنا وقدرتنا، ماذا تضيفون إليها من أفكار؟
وسيم السخلة
*الصورة ليافعين صباح اليوم من قرية المراح - ريف دمشق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق