نتابع، بحب...سلسلة ثلاثة أشياء لنقع في حب مدارسنا السورية أكثر!


 نتابع، بحب...سلسلة ثلاثة أشياء لنقع في حب مدارسنا السورية أكثر!

2- عيش ومشاركة تجربة الوقوع في حب ما يعلمنا، في حب الصفحات، لا تمزيقها.
أوتعرفون كيف تأتي رائحة الخريف حين تختلط برائحة الكتب الجديدة..، تلك اللحظات التي تسبق قراءة الصفحة الأولى وكتابة الاسم، أناقة "الجلد الشفاف" وتزيين الكتاب وتلك التفاصيل فيه...قد تكون منديلاً معطراً أو حبراً في عبارة ومكاناً نختبئ فيه كمشوار في العمر دون أن نغير أماكننا؟
هي التجربة..والحنين وهي الدفء في الذاكرة وماوراء التفكير بتفكيرنا، ما يلهمنا من الكتاب المدرسي إلى باقي الكتب التي نحب حين نتبادل أفكارنا عنها وحين تهدى إلينا كجزء من نظام الحوافز أو مع الجلاء المدرسي حتى نتذوقها كمعنى...في الحياة، هل تعرفون كيف تأخذكم لحظة تذوق المعنى؟ كيف نقف عند عبارة لمستنا في كتاب لنخبئ فيه قصاصة ورقية كتبت عنها ذات مرة؟ لتبقى للعمر....تلهمنا؟
لا شك أننا لا نختلف كثيراً على أن كل جزء من المدرسة يبقى في الذاكرة...فكيف تتجلى التفاصيل في الذاكرة؟ كيف تبنى صورة الكتاب في ذاكرتنا اليوم في سياق المدرسة...ومن المدرسة إلى الحياة؟
وماذا لو أصبحت معظم المدارس لا تخلو من مكتبة ورقية أو إلكترونية ومساحة ضمن المدرسة لتنظيم فعاليات القراءة بعد دراسة وتحليل الاحتياج؟ مساحة للإلهام وتحفيز الإبداع والابتكار؟
ولا أقصد من ذلك تنسيق الكتب وقراءتها وحسب..بل المساهمة أيضاً بتشكيل الوعي الجمالي عن كل التفاصيل ومن التفاصيل إلى العمق..والتناغم الثقافي والاجتماعي واللغوي.
وكيف نتذوق ذلك التناغم كطلاب ومعلمين...إن كنا نقرأ والموسيقى الكلاسيكية الهادئة..حولنا، إن كتبنا ملخصاً عن كتاب أحببناه، إن عرضنا رسومات يتجلى منها الجمال حين تؤطر في لوحات على جدران المدرسة لتعبر عن كل ما قرأنا.
أو إن عملنا على تصميم عمل فني بسيط بلمسة إبداعية تتلاقى مع رؤيتنا وشعورنا وتدفق اللاشعور حين أخذنا منا، إلينا..كتاب قرأناه...وضحكنا في ختام كل رحلة للقراءة وأحببنا أننا هنا في مدرستنا...نقرأ!
وأنه ثمة صوت يقرأ لنا، أنه ثمة من يقع في حب عيوننا وروحنا التي تضيء حين نخبر عن فكرة وجملة بقيت وتبقى فينا.
كمعلمة، لا يمكنني أن أصف عمق المعنى الذي لمسني حين قرأت رسالة من طالب يخبرني فيها بأثر باق فيه من أحد مشاريع القراءة التي شارك فيها حين كان طفلاً في المرحلة الابتدائية: "على سيرة القراءة، أنا ما بقرأ كتير بس لما خليتينا نقرأ رواية، قريت بعدها 4 روايات"!
لا أريد أن أتحدث من مكان عال وبعيد..ولكن أريد لنا أن نبادر بقدر ما نستطيع مهما بدى حجم الأثر في شرارته الأولى صغيراً وأن نؤمن بأننا حقيقة سنساهم بإزالة السقف الزجاجي الذي يتم وضعه للمعلم ولأثر المدرسة ككل في معظم الأحيان اليوم...إلى أن يتوسع الأثر منا، إلينا...كلنا.
ففي زمن الانفتاح الذي نشهده، علينا أن نعي أن القراءة ليست بشيء يتم الاستغناء عنه إن أردنا أن نؤسس حقيقة للبحث العلمي وللوعي الثقافي والحوار والنقاش والمناظرة.
ليست بشيء يتم الاستغناء عنه إن أردنا أن نتلاقى مع الآخر ليعرفنا ونعرف صورته في عيوننا كما هي في الواقع..مما يمهد لمواطنة فاعلة.
ليست بشيء يتم الاستغناء عنه إن تعرف الطفل على قصص فيها من الخيال واللغة والتصاميم ما ينمي حس الجمال وتلاقي ألوان الفكر وتناغمها فيه.
وعلينا أن ندرك مدى أهمية دورنا 'نحن' في كل هذا...
فماذا لو اقترحنا ضمن حلقات صناعة الأثر التي نتداخل فيها إنشاء مكتبة إلكترونية وورقية في المدرسة حسب الحاجة؟
ماذا لو توجهنا للمشاريع التعليمية والثقافية ولدور النشر ومراكز بيع الكتب التي تحمل المسؤولية الاجتماعية في تفاصيلها لتنظيم فعاليات للقراءة في المدرسة؟
ماذا لو بادرنا كلنا وبكل فرصة نحملها للتأثير والتأثر لجعل القراءة ممكنة من خلال مكتبة متنقلة تشاركية يقرأ كل طالب فيها كتاباً مختلفاً من زميله في المدرسة أو من معلمه وله مسؤولية العناية به وتلخيصه ومشاركة ما قرأ بحب..كمشروع مدرسي؟
ماذا لو أصبحنا نسجل تلك الكتب صوتياً ونشارك بها الجمعيات والمبادرات وكل من يحمل قضية تنمية المكفوفين لنقرأ...معاً؟ وماذا لو دعونا المكفوفين لنجتمع في فعاليات للقراءة نستمع فيها لكتب تجعلنا نتماهى..معاً؟ هنا في مساحة المدرسة؟
معاً، أريد لنا أن نتأمل هذا...
كيف يكون الكتاب هو نحن...وتلاقينا، تلاقي أثرنا وسلامنا ونمونا ومستقبلنا؟
وكيف تبقى تجليات حب الرحلة في كتاب في مساحة مدرسة..في ذاكرة العمر، للعمر؟
فاطمة فرواتي
يتبع، بحب...
الصورة: مدرسة حافظ أمين - مدينة حلب
With Fatima
Fatima D. Farwati

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق