لواء الإسكندرون.. "الوطن السليب" لا يزال سوريّاً رغم سياسة التتريك
سارة سلوم
يُطلق السوريون على منطقة لواء الإسكندرون الواقعة شمال غربي سوريا بحدودها الحالية، اسم "المحافظة السّورية الخامسة عشرة"، فعلى مساحة 4800 كيلومتر مربع، يمتد لواء الإسكندرون السّليب مُطلّاً على البحر المتوسط من جهة الغرب، وسهول كيليكيا وجبال طوروس من الشمال.�
أأهزّ جرحك يا ترابَ المهدِ، يا بلدي السليبَا! / أعرفت شاعركَ الصغير، تصوغه أبداً لهيبا! / وتطلّ كالعملاقِ تحـشُد حيث أومأت القلوبا / سنعود، نعقد في مروجِك عرسها خمراً وطيبا. (الشاعر سليمان العيسى - ابن لواء الإسكندرون).
ينهي الأب غسان ورد، قداس الأحد في كنيسة النبي إلياس التابعة لمطرانية الروم الأرثوذكس في حلب، ثم يجلس ويُقلّب بين يديه صفحات مجلد قديم يعلوه عنوان "سجل منكوبي ومهجري اللواء لأبناء الطائفة الأرثوذكسية، ويقول للميادين نت: "هذا المجلد حُرِّر في الشهر السابع من عام 1939، ويضم أسماء جميع أبناء الطائفة الذين لجأوا إلى حلب واحتضنتهم الكنيسة، فنجد عائلات من الإسكندرون، وعائلات من أنطاكيا ومناطق مختلفة، بالطبع كان هناك هجرات قبل هذا التاريخ وبعده، لكن الموجة الكبرى كانت هذا العام".
يرى ابن أنطاكيا أن السبب الرئيس في تهجير تلك الأسر هو رفضهم الهوية التركية وتمسّكهم بقوميتهم العربية وهويتهم السورية بعد تخييرهم بين البقاء في أرضهم حاملين الجنسية التركية والهجرة، ويشرح: "هذه العائلات لم تكن فقيرة قط بل كان لديها ما لديها من البيوت والأملاك والأراضي، لكنها هاجرت ولم تحمل معها سوى مفاتيح بيوتها وسندات أملاكها.. وواجهت كثيراً من التحديات المعيشية حيث سكنت هذه العائلات في أفقر المناطق وعملت كثيراً حتى استطاعت تغيير أوضاعها".
هل تتحقق الأمنية؟
"أمنيتي الوحيدة اليوم أن أعود إلى مسقط رأسي"، لا يستطيع "برامو مزق" الرجل الذي ولد في السويدية بلواء الإسكندرون مغالبة دموعه، وهو يتحدث إلى الميادين نت عن رحلة تهجيرهم إلى حلب ويتابع: "ولدت سنة 1948 في بيت يبعد عن البحر عشر دقائق فقط، وسميت تيمناً ببطل واجه الأتراك، عشت في حارتي وبلدتي التي أذكرها جيداً حتى عام 1960 حيث اختار أبي الرحيل رافضاً البقاء وحمل الجنسية التركية".
قسمٌ من عائلة "مزق" حط رحاله في بيروت، والقسم الأكبر استقر في حلب، لكن والد الرجل السبعيني لم يلبث أن اشتاق إلى أصدقائه وجيرانه في السويدية فقدم طلباً للقنصلية التركية في حلب، كي يحصل على تأشيرة دخول لزيارة قريته، ويقول "مزق": "رفضت القنصلية التركية منح والدي التأشيرة بذريعة أنه عندما هُجّر تعهد بأنه لن يعود أبداً إلى اللواء، لكن الحظ ساعده بأن حصل على أمر إداري من المحافظ، فاستطاع زيارة قريته ومكث فيها 25 يوماً، فعرض الوالي عليه البقاء، لكنه رفض مرة أخرى البقاء والحصول على الجنسية التركية، وعاد إلى حلب".
"المحافظة السّورية الخامسة عشرة"�
يُطلق السوريون على منطقة لواء الإسكندرون الواقعة شمال غربي سوريا بحدودها الحالية، اسم "المحافظة السّورية الخامسة عشرة"، فعلى مساحة 4800 كيلومتر مربع، يمتد لواء الإسكندرون السّليب مُطلّاً على البحر المتوسط من جهة الغرب، وسهول كيليكيا وجبال طوروس من الشمال، واللاذقية وجبل الأقرع من الجنوب.
يقع لواء الإسكندرون بين أربعة جبال هي: الأمانوس، والأقرع، وموسى، والنفاخ، ينبسط سهل العمق الخصب، الذي تجري فيه أنهارٌ عذبة هي، العاصي الذي يمرّ بمدينة أنطاكيا ثم يمضي إلى خليج السويدية، ونهر الأسود للقادم من كيليكيا، ونهر عفرين للقادم من حلب. وعددُ سكان اللواء اليوم، يقارب مليوناً ونصفَ مليون شخص يتوزعون على مدن وقرى، أبرزها السويدية، الريحانية، حربيات، إسكندرون، أنطاكيا، أرسوز.
وخرج من اللواء شخصياتٌ سورية بارزة، أدّت دوراً كبيراً في تاريخ البلاد، أبرزها المفكر والفيلسوف زكي الأرسوزي مؤسّس حزب البعث العربي، وصبحي بركات رئيس الدولة، والفنان العالمي الدكتور حيدر يازجي، ووزير الصحة السابق الدكتور وهيب الغانم. وبطلة مسلسل "ضيعة ضايعة" الفنانة آمال سعد الدين.
ومن الناحية الدينية، كانت أنطاكيا عاصمة اللواء في سوريا القديمة، ومقر الكرسي الرسولي، الرأس المحلي للكنيسة السورية بشقيها البيزنطي والسرياني، ومنها خرج إغناطيوس الأنطاكي، ومار يوحنا ذهبي الفم.
أما أدبيّاً، فأنجب اللواء شيخ الرواية السورية، الأديب حنا مينه، والشاعر الكبير سليمان العيسى.
كيف تحول لواء الإسكندرون زوراً إلى "هاتاي"؟
حرّر العرب لواء الإسكندرون عام 16 للهجرة من الاحتلال البيزنطي، وأعادوا إليه هويته وعمّروه وحصّنوه كخط أول في مواجهة الروم البيزنطيين، وبقي قلعة وثغراً عسكريّاً متأهّباً في مواجهة محاولات الغزو الخارجي، إبّان ضعف الدولة العربية الإسلامية المركزية في بغداد.
ثم احتلّه الصليبيّون في أثناء غزوهم المشرق العربي بين عامي 1096 و1291، إلى أن حرّره العرب بعد تحرير القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين عام 1187.
وبعد سقوط الدولة الأيوبية، غزا العثمانيون المنطقة العربية وضموا الّلواء إلى ولاية حلب، وأصابه ما أصاب البلاد العربية نتيجة الاحتلال العثماني من فقرٍ وتخلّف، ولم ينقطع عن عمقه في مصر والشام، بل تواصل مع كل الثورات التي قامت على العثمانيين من ثورة الأمير فخر الدين المعني الثاني، إلى إبراهيم بن محمد علي باشا، إلى أن انطلقت الثورة العربية الكبرى عام 1916 فشارك أبناؤه في مقاومة المحتل العثماني وطرده من المشرق العربي.
وقع اللواء بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى ضحيّة اتفاقية التقسيم، سايكس- بيكو، التي جرت سراً بين فرنسا وبريطانيا عام 1916، وكان من نصيب الاحتلال الفرنسي، فاعترفت الدولة العثمانية بالهزيمة، وأقرت بسوريّةِ اللواء في معاهدة "سيفر" في العاشر من آب/أغسطس عام 1920، التي وقعت مع قوات الحلفاء، وحينذاك لم تكن نسبة الأتراك في اللواء تتعدى الـ20 في المئة.
واستغلّت تركيا اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول عام 1939، والوضع القائم في أوروبا، وحاجة الحلفاء إلى ضمها إليهم أو إبقائها على الحياد، وخصوصاً أنها بعد معاهدة مونترو التي عقدت في الـ20 من تموز/يوليو 1939، أصبحت تسيطر على المضايق في زمن الحرب فأعلنت ضم اللواء نهائياً إليها.
سلْب لواء الاسكندرون عام 1939 ونهْب ثرواته، تحقّقا بعد تزوير الحقائق والوقائع بموجب اتفاق ثلاثي بين تركيا والاحتلالين الفرنسي والبريطاني آنذاك، وجرى كنوعٍ من الرشوة في مقابل وقوف تركيا إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
ووفق اتفاق سري عام 1938 كُشف لاحقاً، سلخت قوات الاحتلال التركية لواء إسكندرون بعد مؤامرة مع فرنسا التي تعهّدت بضمان أغلبية تركية في مجلس اللواء، بعد أن حقّق السوريون في إسكندرون وقرق خان وأنطاكيا تفوقاً على الأتراك في عدد الناخبين المسجلين، وذلك كلّه في ظل تغاضي اللجنة التي أرسلتها عصبة الأمم المتحدة إلى اللواء، عن التزوير المفضوح في لجنة الإشراف على الانتخابات فيه وإلغاء قيود آلاف الناخبين السوريين.
عقد مجلس اللواء المزوّر جلسته الأولى وانتخب رئيساً له وشكل وزارة من الأتراك، لتبدأ مرحلة تتريك شملت كل شيء في اللواء، بدءاً باسمه الذي أصبح "هاتاي" ولم ينتهِ بتهجير السوريين، والعبث بهويته الديموغرافية وإلغاء التعليم باللغة العربية، وإلغاء كل المعاملات الحكومية بها، وتبني الليرة التركية عملةً رسمية، بما يخالف نظام عصبة الأمم التي لم يحظَ سلخ اللواء باعترافها، ولا باعتراف خليفتها منظمة الأمم المتحدة.
التتريك.. فيصل مستقبل القضية�
اعتبرت الأنظمة التركية المتعاقبة، اللغة والثقافة العربيتين عدواً لها، وأصبحت اللغة التركية ميزة من أجل العمل والتجارة، في حين كانت اللغة العربية في كثيرٍ من العهود سبباً لإلصاق تهم سياسية بهم ولملاحقات ظالمة، وهو ما أضعف مكانتها، ويقول الصحافي اللوائي، سومر سلطان: "تُعد قضية التّتريك الفيصل في مستقبل القضية بأسره، فبعد تلك الأعوام أصبحنا نجد عبئاً ثقيلاً وبالغاً في العودة إلى الجوهر العربي السوري الكامن في النفوس، ولا نبرّئ كثيراً من اللوائيين، فنتيجة هجرة فئة كبيرة من المثقفين أصبح الشعب بلا قيادة، وهو ما أضعف مناعته ضد غزوات الفكر الأجنبي، واستمرت هذه الحال من الفراغ السياسي حتى يومنا هذا، ولم تظهر بعد قوة سياسية قادرة على أن تمثل امتداداً حقيقياً للمقاومة".
ويتوزّع جمهور سوريا في اللواء على أحزاب يسارية تركية، أهمّها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا. كما أثبت اللوائيون وجوداً مهماً في الأحزاب اليسارية الصغيرة، كالحزب الشيوعي التركي، وتنظيم "اليسار الثوري" المتشدّد، وحزب العمال التركي، لكن وبحسب الصحافي سلطان: "في اللواء حالياً قوى سياسية واجتماعية عدة تدّعي لنفسها العمل القومي، ولكنها جميعاً، من دون استثناء، تفتقد إلى القاعدة الشعبية. وهي عاجزة عن التحرّك المؤثّر. ولذلك أسباب، بعضها واقعيّ وموضوعيّ، وبعضها الآخر نابع من ذات القوى والقيادات الموجودة".
ويستذكرُ سلطان المواجهات الشرسة التي حدثت صيف عام 2013 في حي العرمطلية في أنطاكيا، بين الشبان وقوات الشرطة التركية، بسبب التظاهرات التي خرجت رفضاً للحرب على سوريا، وكيف قمعت الشرطة هذه التظاهرات بالحديد والنار، ويضيف: "استمرّت هذه المواجهات عشرة أيام، قتلت فيها الشرطة شابين، أحدهما بقذيفة غاز مسيل للدموع، أُطلقت من مسافة قريبة جداً لدرجة مريبة بحيث أصابت صدغه، وتركته ينزف حتى قضى نحبه، والآخر أسقطه قناص من سطح مبنى اعتلاه ليرمي الحجارة على قوات الشرطة التي كانت تحاول اقتحام الحي العروبي الثائر، وانضم إليهما شاب لوائي ثالث في مدينة أسكي شهير، التي يقيم فيها للدراسة، حيث اجتمع عليه بضعة عشر شرطياً وضربوه بهراواتهم وأحذيتهم حتى قضى نحبه على أيديهم إثر إصابته بنزف دماغي حاد".
يصف سلطان هذه الموجة من التظاهرات "بالمميزة"، وبحسبه فإنها المرة الأولى منذ السبعينيات التي شوهد فيها تحرير الحي كاملاً من أيّ وجود رسمي لأجهزة الدولة التركية، أما في السويدية فكان رجال الشرطة يُخلون مخافرهم خوفاً من الغضب الشعبي.
ويتابع: "أقام المتظاهرون حواجز بدائية على مداخل أزقتهم من أثاث منازلهم، وحين حاولت مدرعات الأمن الإردوغاني اقتحامها أضرموا فيها النيران، واعتلى بعضهم السطوح ورموا كل ما تيسر لهم على المدرعات، وتسلّح بعضهم بأكياس من الألوان الزيتية، يرمونها على زجاج المدرعات حتى لا يرى سائقوها أمامهم، وبعضهم الآخر سكب زيت الزيتون أمام عجلات المدرعات، ولا داعي إلى القول إن عشرات اللوائيين اعتقلوا يومذاك ولكنهم قبل ذلك كانوا قد قبضوا على بلطجية أجانب استأجرهم حزب إردوغان للتعرض للوائيين الموالين لسوريا".
الحرب على سوريا.. مفصلٌ غيّر الكثير�
بعد عام 2000، بدأت تظهر نتائج سياسة التّتريك التي اتبعتها تركيا في لواء الإسكندرون، فغالبية الأجيال الجديدة تتعلم اللغة التركية في المدارس وتتحدث بها في الحياة اليومية، ويُفرَض عليهم دراسة التاريخ المفبرك، وتحرم الحكومات التركية المتعاقبة هذه الأجيال حقّها في تعلم الّلغة الأم.
وفي هذا السياق يتحدّث الصحافي اللوائي المقيم في أنقرة حسن سيفري إلى الميادين نت ويقول: "الّلغة تشكل جزءاً كبيراً من الثقافة، وعندما تضيع اللغة تضيع الثقافة، الناس في لواء الإسكندرون يتحدّثون إلى أبنائهم العربية في المنزل، تحديداً اللهجة التي يتحدّث بها سكان اللاذقية، والغالبية تجيدها شفهياً فقط من دون معرفة الكتابة، لكن الأجيال القديمة، لا تستطيع نقل العربية إلى الأجيال الجديدة بما يكفي، لأن كثيراً من الشباب ينتقلون للعيش والدراسة في المدن الكبرى، كأنقرة وإسطنبول بعيداً من الأهل والأقرباء".
لكن الحرب على سوريا عام 2011، حفّزت كثيرين على تعلّم اللغة العربية على نحو أفضل، وجعلت الأجيال الجديدة في لواء الإسكندرون تعود لتذكير نفسها وطرح أسئلة جوهرية من قبيل: "من نحن؟" و"ما هويتنا؟"، وهو ما انعكس على خلق مبادراتٍ لردم الهوّة الكبيرة الموجودة، لكن ببطءٍ شديد لأن المجتمع منغلقٌ على نفسه، بسبب الخوف على وجوده.
ويشرح سيفري: "بدأ الشباب في اللواء يقيمون فعاليات ثقافية واجتماعية كثيرة، كالاستماع إلى الأشعار والغناء باللغة العربية، وتنظيم ندوات مع الكبار في القرى حتى يستمعوا إلى قصص التاريخ القديم واللغة، كما بادر الأكاديميون والمثقفون إلى نشر دراساتٍ مرجعية ووثائقياتٍ حول مواضيع متعدّدة أهمها التاريخ واللغة والنساء في اللواء".
واتّخذ أهالي لواء الاسكندرون موقفاً واضحاً من الحرب على سوريا، تمثّل في رفض السياسة الخارجية التركية، ورفض استخدام المنطقة طريقاً لمرور السلاح والجماعات الإرهابية المسلحة، فاعترضوا كثيراً من سيارات الإسعاف التي كانت تهرب السلاح عبر الحدود، وخرجوا بتظاهرات حاشدة جداً. ويقول شيفري: "لم يكن العرب والعلويون منهم، ناشطين في الشارع عموماً، لكن الأمر تغير بعد عام 2013، فخرجت تظاهرات كثيرة استنكاراً وإدانة للمجازر التي ارتكبها الإرهابيون في سوريا وجبل محسن، كذلك ألغي مهرجان سنوي غنائي كبيرٌ جداً يقام في المنطقة، حيث كان الناس يقولون كيف نحتفل هنا، والناس في سوريا يُقتَلون، كما نظّمت ندوات ومؤتمرات كثيرة داعمة لسوريا بمشاركة نواب وأحزاب سياسية وفنانين".
وإضافة إلى تهميشهم وإخراجهم من مراكز السلطة العليا، يُركّز كثير من الأطراف في تركيا، على التحريض على العلويين بصورة خاصة، فأحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركية السابق الذي أسس لاحقاً حزباً معارضاً لإردوغان، وصفهم بالنُّصيريين بعد تظاهرة أقاموها في يوم السلام العالمي طالبوا فيها بوقف الحرب على سوريا، واستخدم داود أوغلو هذا المصطلح ليشير إلى الجماعات المتطرفة، وليرفع شعبيته عبر التلميح إلى أنهم يعيشون في تركيا، ويرفضون سياستها.
ويؤكد سيفري: "نحن هنا نرفض صفة نصيري، بل نقول عربي ثم علوي، السياسة هنا مبنية على الهوية، دائماً ما يجري إقصاء أو رفض الهويات الأخرى على عكس ما يجب أن تكون، لقاءً بين الشعوب لا صداماً، وبالتالي عندما يتعرض شخصٌ للاستهداف بسبب هويته يُركّز عليها بل يتحدث عنها أكثر، للحفاظ عليها وعلى وجوده، وضمن هذا الإطار نحن كمجلس الشباب العربي العلوي، أصدرنا مجلة "أهلاً" التي توزّع في كل تركيا، والتي تعد أوّل مجلةٍ للعرب العلويين تتكلّم عن التاريخ واللغة والسياسة والحرب في سوريا، ويشاركنا في الكتابة فيها رفاق أرمن ومسيحيون".
بماذا تهتم جمعيات أبناء اللواء الخيرية؟
أسّس أبناء لواء الإسكندرون السليب في أماكن استقرارهم في مختلف المحافظات السورية، جمعيّاتٍ خيرية تُعنى بهم اجتماعياً وثقافياً، ومن أبرز تلك الجمعيات "الجمعية الخيرية لأبناء اللواء في اللاذقية" التي أُسست في الشهر الثاني عام 1979 على يد محمود سويد الذي رأسها حينذاك.
وفي السياق، يقول أمين صندوق الجمعية المهندس جميل سليمان للميادين نت: "هدف الجمعية هو تحسين أوضاع الفقراء من أبناء اللواء، وتقديم الإعانات المادية لهم، ولجمع أبناء اللوائيين، وإعطاؤهم دروس تقوية مجانية في جميع المواد الدراسية، وتكريم المتفوقين منهم، ورفع المستوى الاجتماعي والثقافي وكل ما من شأنه أن يعود بالفائدة على أبناء اللواء العربي، وتلتزم الجمعية تقديم كل ما يلزم لمراسم عزاء ودفن أبناء اللواء في المقبرة، التي أنشئت لهم خصيصاً في منطقة بسنادا شمالي اللاذقية".
وتُعد فعاليات إحياء ذكرى سلخ لواء الإسكندرون المناسبة الأساسية، التي تعنى الجمعية بإقامتها كل عام، ما عدا العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا، ويتابع المهندس المنحدر من قرية السويدية حديثه: "تُعنى عضو مجلس الإدارة المسؤولة عن الشؤون الثقافية، بتنظيم ندوات شاملة كل فترة، تتمحور حول الحياة في لواء الإسكندرون والعادات الاجتماعية من زواج وطعام ولباس، وغيرها، وتنظّم كل عام معارض وحملات تواقيع وندوات تذكيرية في ذكرى السلخ".
يشعر سليمان بالحسرة، لعدم تمكنه وأسرته من زيارة أقربائهم في لواء الإسكندرون، بعد إغلاق معبر كسب وعدم القدرة على تحمل تكاليف زيارتهم المادية والزمنية عبر لبنان، ويشرح: "يقتصر تواصلنا مع أقربائنا اليوم، على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، ففي السابق كانت الأمور سهلة جداً، حيث كنا نستأجر سيارة بثمن زهيدة جداً إلى مدينة كسب، ثم نمشي خمسين متراً، إلى الحدود لنجد سيارات أقربائنا في انتظارنا، أما اليوم، إذا أردنا التفكير في الذهاب فعلينا السفر إلى لبنان، ثم إلى مطار أضنة جواً ثم إلى اللواء".
وجبات مطاعم "لواء الإسكندرون" التقليدية.. أسلوبٌ آخر للشعور بالانتماء�
إذا سألت سكان دمشق عن أفضل من يُعدّ "دفة سودة نية" ويشوي "متلة وفتايل"، فسيجيب كثيرون: بالتأكيد طرفة في "مطعم إسكندرون".
طرفة فاتح، هو حفيد مؤسّس المطعم فاتح فاتح، الذي قدم مع أسرته من لواء الإسكندرون في الخمسينيات إلى دمشق.
ومع أن مساحة المطعم لا تتجاوز عشرين متراً مربعاً، ولا يتّسع إلا لثلاث طاولات، فإنه يمتلك شعبية ومكانة خاصة في قلوب كثيرين.
المطعم الذي يقع قرب شارع العابد، يُقدّم إلى زبائنه اللحم والخمور، ومع ذلك لم يتعرّض منذ افتتاحه لأي مضايقة من أبناء الحي الذين ينتمون إلى المجتمع الدمشي المحافظ بطبعه.
ومع التّطور المتسارع، افتتح طرفة مطعماً آخر يحمل الاسم نفسه في باب شرقي، لكنه أكبر وأحدث ويقدّم برامج فنية ووجبات أشمل، ويلاحظ الزائر عند دخوله صوراً كبيرة لشخصيات أثرت في تاريخ سوريا، إحداها لشيخ الرواية السورية حنا مينه.
بعيداً من العاصمة، في اللاذقية، فتح قبل بضع سنوات مطعم لواء الإسكندرون أبوابه، ليقدم مالكه الشيف يتكين، أطباقاً عديدة ومميزة يشتهر بها لواء الإسكندرون ولا يقدّمها أي مطعم آخر في المحافظة.
سارة سلوم
الميادين نت
@sara salloum
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق