تفاعلات مواطنيّة لسورية التي نحلم بها!
حذفنا المقدمة لأن لكل سوري مقدّماته ..
- حاولنا - جمع تفاعلات مواطنيّة يمكن أن يقوم بها أي سوري باختلاف المكان الذي يعيشُ فيه اليوم، ونحسبُ أنّ هذه التفاعلات التي نعرضها ممكنة ولاتحتاج لموارد بل إلى نوايا صادقة، وندرك أيضاً أن هذا ليس سهلاً لكنه غير مستحيل.
قبل ان تبدأ قراءة بعض هذه التفاعلات تأكد انّ بعضها سيكون قاسياً لأنه سيتناولنا جميعاً، وهي طويلة تحتاج لصبر وتأنّي، ونحن ندرك أنّها ناقصة ولن تكتمل أبداً ..
تفاعلات مواطنيّة نطرحها للنقاش:
لندرك ما فاتنا!
يبلغ عمر دولتنا بشكلها الحالي أقلّ من قرن مضى، وهي بذلك تكون أحدث من مطعم أسسهُ صدّيق الخباز في المرجة بدمشق مازال إلى اليوم يستقبل رواده، ليس الهدف من هذا أن نلغي التاريخ وإنما أن نعبر عنه بواقعيّة وتواضع، ونتعامل مع كلّ الروايات التي فيه كما لو انّها رواياتنا جميعاَ، وفي مقدمة ذلك الروايات الإشكالية من التاريخ القديم وحتى المعاصر، نعم نحن كل هذه التناقضات، ومن المهم لنا أن نتعرف بشكل وافي على القرن السوري الأول الذي بدأ مع المملكة السورية 1918 وبالنسبة لما سبقه فلنعزز معارفنا عنه حبّا بالتراث وليس معاركةً له.
لنعيد التفكير بما علينا!
لنجرّب تمريناً صغيراً، نبدأه من منازلنا، ماهي السنتيمترات التي نشغلها من حاراتنا، ولو كانت حديقة منزلنا غير النظامية ولو كانت علبة الكهرباء التي يجب أن تكون داخل البناء ولو كانت السور الذي بنيناه في غفلة عن البلدية، ولو كانت المساحة التي شغلناها لوضع أكياس القمامة بدلاً من الذهاب بها إلى الحاوية، ولو كانت الحجر الكبير أو حوض الزرع الذي وضعناه لنحجز صفة لسيارتنا، ولو كانت أشرطة الهاتف أو الكهرباء التي مررناها بعشوائيّة مؤذية، لاتظنّون الحديث عن الأحياء الشعبية والعشوائية فقط، أيضاً وجائب الأبنية التي شغلناها والأرصفة التي قلصناها لأجل كراج البناء وحديقته ولافتتاح دكان غير مرخص وموضع محرس لنا في حال كان أحد قراء هذه التدوينة من المسؤولين. يمكننا تعداد عشرات المخالفات التي بدأنا باعتبارها حقوقاً وهي حقوق انتقصت من حق المساحة العامة التي نشغلها وبالتالي حقوق انتقصناها دون أن ندري من أولادنا وجيراننا وأنفسنا.
لنراجع ما علّمناه لأطفالنا!
مالذي يدفع أولادنا لرمي القمامة في الشارع وعدم رميها في صالون المنزل؟ مالذي يجعل الاطفال يحفرون أسمائهم على مقاعد المدرسة ويفتحون المازوت ليسيل إلى الأرض ويتركون فضلاتهم في حمامات المدارس دون فتح المياه بعدها؟ متى هي المرّة الأخيرة التي جلسنا فيها مع أطفالنا للحديث عن سورية وعن الحديقة وعن المدرسة وعن الشارع والمكتبة والجامع والكنيسة؟ متى كانت آخر مرّة أخذنا فيها دور محرك بحث google بالنسبة لأطفالنا حول سورية وحياتنا في سورية؟
لنفهم ما يحدث من حولنا!
في غمرة المسارات السياسيّة ولقاءات الحكومة والمعارضة والمؤتمرات الدولية، كم عائلة سورية خصصت جلسة أسبوعية للتعرف على ما تعنيه اللجنة الدستورية أو مسار جنيف أو مسار أستانا أو عمل هيئة المصالحة الوطنية، أو حتى لنقاش ما تعنيه التسويات والمصالحات المحلية وشمولية مراسيم العفو؟ لماذا يصرّ السوريون على أن تبقى وسائل الإعلام تشكل وعيهم السطحي فيسمعون الأخبار فقط ويقومون بوضع نقطة للحصول على آخر خبر تافه ولكن بعضهم القليل فقط من يبحث أو يحاول البحث لمعرفة ما يدور ولو كانت مجرد معلومات عادية، كم اسما من أعضاء البرلمان نعرف ما يقومون به ولو كانوا عاجزين؟ من هم أعضاء اللجنة الدستورية، كيف جاؤوا وماهم بفاعلين؟
لنقدم على الشكوى!
على الرغم من أنّ هذا يبدو بديهيّاً في دول العالم المتحضر التي يتمنّى معظمنا أن يعيش فيها فإنه في سورية مسألة غير مطروقة، بل هي مسألة تكاد تكون مجهولة، فالناس لا يعرفون كيف ولمن وأين يشتكون ولو كان موضوع الشكوى أساسي في حياتهم، الشكوى عند أول مرّة سرق فيها حق الإرث من فتاة في عائلتها، عند أوّل موظف عطّل أوراقنا لأجل رشوة، عند أول مرّة تعرضنا فيها للعنف القاسي في المنزل، عند أول سائق باص للنقل الداخلي لم يعطينا كرتا بعد أن دفعنا فدسّ الأجرة في جيبه بدلاً من أن تذهب للخزينة، الشكوى ليست مسألة عابرة، إنها مجرد بداية ونقل للمسؤولية وللموقف.
لنأخذ معنا منديل لدوائر النفوس لكي لا نبصم على الحيطان
هل جربتم الدخول للمؤسسات الحكومية التي تمنح أوراقاً ثبوتيّة؟ بالتأكيد نعم فكلكم حاصلين على بطاقة الهوية التي عندما ننتهي منها نفاجئ بعدم وجود منديل كما تفاجئ من قبلنا بثلاثين سنة أهالينا، تفاجئوا لكنهم لم يعلموننا أن نأخذ منديل في جيبتنا فنجد معظم السوريون يبصمون على الجدار الأبيض والرمادي الذي تجاهلته الحكومة، هذا الجدار وهذا التصرف لا يمثل تصرف مؤقت، انه عن نظرتنا للبلد ككل.
لنتعاطى بجديّة أكثر مع حزم أكياس القمامة!
هل تبدو لكم هذه التوصية مضحكة؟ انها ليست كذلك، كلكم تمرّون أمام حاويات القمامة في الحارات وتغلقون أنوفكم من الرائحة وتنتبهون إلى خطواتكم من الدعس على المياه السائلة من الأكياس بجانب الحاوية وليس داخلها، إنها ليست مسألة أكياس قمامة إنها مسألة كيف تقوم الأم بحزم القمامة أمام ولدها، ولن نتحدث في رفاهية فرز القمامة التي أصبحت برامج أساسية للبلديات في بلدان مجاورة.
لنبدي مزيد من الجديّة بدءاً من عناوين البريد الإلكتروني!
هل تدركون أن معظم عناويننا البريدية الالكترونية ماتزال ذاتها عناوين مراهقتنا؟ ليست هي فقط بل حساباتنا التي تنتمي إلى عائلة SYوعناوين الصفحات التي يديرها السوريون فينشرون الشائعات والكذب والتضليل والتنمر، نستخدم الفيسبوك لفضح بعضنا ونشمت ببعضنا ونقيم مظاهرات ومسيرات الكترونية ولندخل إلى صورة مؤسس facebook فنسيئ إليه وإلى طريقة حياته، ثم نغضب وننشئ حساباً جديداً لأنهم حظرونا اثر انتهاك ما لاشكّ أننا نرتكبه كلّ ساعة.
لنفهم أننا بلد متنوع، ولدينا خصوصيات لن تنتهي.
يتفاجئ السوريون كل يوم ببعضهم، ولا أجد سبباً لهذه المفاجآت إلا جهلنا بالآخر الذي ننقله لأولادنا عند أول سؤال عن جيراننا في الحي أو عند أو مرّة نسمي فيها طائفة أخرى بالكريمة أو أتباع دين آخر بالإخوة، متناسين تماماً مسألة المواطنة أو مفهومها رغم أننا ننظر فيه مع كلّ منشور، وكل هذا التنوع واحترامه يجب أن لا يدفعنا للحماس تجاه عزل كامل للأديان عن الحياة العامة ليس رضوخاً وإنما فهماً وتقليلاً لخسائر معارك لا تنتهي بمجرد الغضب بل تتوقف تماماً بالتنوير والمعرفة والحوار، هل بدت هذه المفاهيم قديمة ومكرورة؟ نعم انها كذلك لكننا نرددها منذ عشرات السنين دون أن نجرّب ممارستها.
لندرك أن يداً واحدة لاتصفّق
عندما يدخل السوريون إلى حزب سياسي من المعدودين على الأصابع لدينا يعتقدون أنه نهاية الحياة وهو صانع التغيير، وكذلك عندما يتجه أحدهم لتأسيس شركة، او عندما تنتهي مجموعة منهم لتأسيس جمعية ومؤسسة، وميزتنا التي تولّد عقماً تطوريّاً نحن السوريون كما أراها أننا لا نعمل مع بعضنا، خوفاً او قلقاً رغم كلّ شعاراتنا، فقط تعرفوا إلى أسماء الجمعيات والشركات التي نؤسسها لتعرفوا كم أننا نكذب، على أنفسنا.
لنراجع قيمنا!
انه لترف ما قبله ترف أن نفكر بالقيم ونحن ننتظر دوراً على فرن الخبز ونرجو بائع المازوت أن يصعد بسيارته قليلاً لنملأ ربع خزان مازوت ونحن نتدافع على أبواب الهجرة والجوازات نستصدر جواز سفر لننتظم بقرب اشارة المرور في أي بلد نعبر إليه لكننا نقطع الشارع بالعكس لأن أكلة محاشي تنتظرنا. إن حلول هذه المشكلات ليست توفير الموارد فقط كما يعتقد البعض، لكنّه إدراك القيم تحكمنا حين نمسك قلماً ونشرط كرسي السرفيس وحين نرمي مخلفات الطعام في بردى اثر نزهة صيفيّة نتحسر فيها على بردى نفسه.
لننشئ راتباً شعبيّاً لعمال النظافة؟
في ظلّ عجز حكومي عن زيادة الرواتب بما يحفظ كرامة عمال النظافة - مثلاً- مالذي يمنع أهل الحارة كما كانوا أيام زمان من تخصيص راتب شهري لعامل النظافة في الحارة يحفظ كرامته وينقذ اطفاله من التسرب المدرسي؟ هل سيتغيّر شكل الحارة ونظافتها كثيراً؟ أشك في ذلك لأننا سنعتبر - كما نعتبر الآن- أن من حقنا رمي النفايات في الطريق فهناك من هو مسؤول عنها ولو كانت الحاوية تبعد امتاراً قليلة.
لنطلب لقاءاً مع لجنة الحي!
ماهي لجنة الحي أصلاً؟ هذا ما سيجيب به معظم السوريين اليوم، من اختارها ومن هم أعضائها وماهي مهامها، ببساطة لأن قانون البلديات لدينا - الإدارة المحليّة - بقي حبراً على ورق ولأن الناس مغرومون بالجهل والإمتناع عن أي مشاركة مواطنية ولو كانت انتخابات عريف الصف أو قيادة وحدة الشبيبية في المدرسة، يمكننا البدء من جديد، إذا أردت تغيير سورية تعرّف أولاً على لجنة الحي في حارتك، هذه خلاصة تجارب الدول والشعوب.
لنمتنع عن شطف البلاكين وأرض الديار والأساطيح كلّ يوم!
لنتحدث الحقيقة التي يتجاهلها نصف السكان في سورية، المياه لم تعد تكفي والشبكات بحاجة لتجديد ومكلفة جداً والموارد المائية متناقصة، يتجاهل هذا نصف السكان لأنهم لم يفتحوا مرة صنبور المياه فوجدوه فارغاً، على العكس كثير من الناس يفتحون المياه لخمس دقائق حتى تبرد في الصيف بدلاً عن تعبئة المياه الباردة من البرادة، ثم إنهم لا يتورعون عن صرف أمتار من المياه كل يوم في الشطف وغسيل السيارات، كم تبدو هذه التصرفات مألوفة لنا، لكن لتعرفوا أن أعداداً هائلة من السوريين يشترون المياه ويدفعون حق صهاريج مياه تساوي راتب موظف بمرتبة وزير كل أسبوع.
لنطفئ النور في الغرف التي نغادرها - في حال جاءت الكهرباء -
تبدو كطُرفة لكنها حقيقة، عندما تأتي الكهرباء نشغّل كلّ شيء، كل الأنوار كلّ الأجهزة الكهربائية معاً، ليس لتراكم الأعمال فقط من غسيل وكوي بل انتقاماً من وزارة الكهرباء التي لديها بعض الكهرباء والتي لم تتمكن خلال عقد من تنظيم توصيلها فقط على الساعات كما في كل بلدان العالم -المقهورة مثلنا -
لنترك المواد المدعومة لمحتاجيها!
لسنا نتحدث في المثاليات، ولكننا نعرف أنّ البعض يبددُ في سهرة واحدة مصروف شهر كامل لعائلة متواضعة، والبعض يبذخ بطريقة كبيرة ثم يأتي ليستفيد من المحروقات المدعومة، فتجده أحرص الناس على تجميع بطاقات عائلته المسافرة للحصول على عدّة جرر للغاز، نعم هناك ندرة وهناك احتياجات كبيرة ولكن حتى اليوم الدعم يستهلك مالاً كثيراً من الخزينة العامة مهما جعلنا ذلك موضع سخرية، فمالذي يمنع المقتدر من ترك المواد المدعومة ولو كانت ربطة خبز وجرّة غاز وكيلو سكر.
لنقترح برنامجنا الأهلي على المراكز الثقافية في مدينتنا!
تابعوا صفحات المراكز الثقافية على facebook، تجدون الحضور لايتجاوز أصابع اليد في غالب الأحيان، رغم أنّ هذه المراكز الهدف منها خدمة وتثقيف المئات والآلاف لكنهم يمتنعون ليس لأنهم لا يعرفون بل لأنهم فقدو الاهتمام، ربما الموضوعات لم تعد موضوعاتهم فلماذا لا تشكل المراكز الثقافية حلقات حوار مع الأهالي من حولها لمعرفة أولوياتهم؟ تُصرف على هذه المراكز ملايين كثير ويديرها موظفون وتأخذ من حصصكم في الإنارة والمحروقات والرواتب والاهتمام والطباعة فلماذا لا نورطها في قضايانا؟
التوقف عن استخدام عبارة: انتوا من وين؟
هل تعرفون أنه أسوأ سؤال من الثقافة السورية حالياً؟ لأنه ببساطة يضع الناس في قالب تشكل في عقولنا منذ الصغر عن أهالي منطقة أو مدينة أو دين أو طائفة، ربّما كنّا نكذب لم نكن نحب بعضنا بل كنّا نتجاهل بعضنا، إن هذا السؤال هو قالب للتنمّر والاستهزاء والسخرية والطبقية والمناطقية والطائفية وأسوأ أنواع التنميط التي تولد معنا بلا حول لنا ولا قوة.
لننتبه للمتقاعدين ونعمل معهم..
هؤلاء الذين هم طاقة كبيرة في مجتمعنا لديهم خبرات ومعارف شكلوها عبر عشرات السنين في سورية، إنهم من يعرف سورية القديمة وطريقة عيش السوريين وطرقهم المحلية بحل المشكلات، عندما نفكر في أيّ شيء لأجل سورية يجب أن لانترك أحداً خلفنا، على العكس انه الاستثمار في الحاضر لنصنع مستقبلاً يشبهنا نحن لا نستورده كما أخطأ الليبراليون السوريون بداية هذه الألفيّة.
لننتهي من مسألة سرقة بعضنا البعض!
كيف يمكن أن نشتري ذات السلعة او الخدمة بنفس تاريخ الإنتاج من مكانين منفصلين في نفس الحي بسعرين مختلفين؟ أو أن نركب تاكسياً فيأخذ ضعف تاكسي آخر؟ مالذي يجعل السوريون يكونون بهذا الجشع رغم أنهم يعرفون ظروف بعضهم البعض؟ لم تبدأ القصة من عشر سنوات لقد بدأت حين كنّا نستغبي السائحين والزوار ونزيد عليهم أجور التكاسي وأسعار السلع، الآن نفعل هذا ببعضنا البعض.
لنبدأ بمسألة التفريج عن بعضنا قبل أن يفرّج الله عننا..
ينتظر معظم السوريون الله لكي يفرّج عليهم وعلى سورية، والانتظار لوحده هو المشكلة فقد قال الله: اعملوا..
لخصت حياتنا السورية
ردحذف