ردّ الصحافي علاء الخطيب على مقال لصحيفة البعث أعدنا نشرهُ منذ يومين:
هل يتعرض المسؤولون في سورية إلى التنمر ؟ .. "يا حرام"
يطل وزير سوري على شاشة التلفزيون الرسمي ليقول للناس مصرحا أن المشتقات النفطية في البلاد لن يترفع سعرها "وعلى مسؤوليتي"، وبعد اقل من أسبوع يتفاجئ السوريون بقرار رفع أسعار بعض هذه المشتقات، واختفاء التصريحات لكل الوزارة بمن فيها المكتب الصحفي.
ومرة أخرى يطل ويؤكد وزير سوري آخر على أن اسطوانة الغاز لن يرتفع سعرها، وكما سابقه، يتفاجئ السوريون (لا نعلم إذا كان الوزير تفاجئ معهم) بارتفاع سعر الاسطوانة بعد أقل من يوم واحد فقط من تأكيده عدم رفع السعر، وهذه المرة يطل الوزير ويقول كلاما يناقض كلامه قبل يوم، فالرفع جاء بناء على دراسة، دراسة لمدة يوم!.
ويحار السوريون فيما يحصل لهم، ويتحزرون عن خطة المؤسسات واستراتيجيتها، فهل يستطيع أحد ما أن يعرف كيف تتوزع خطة التقنين الكهربائي ؟، كيف تستطيع إقناع شخص ما بأن الكهرباء التي تأتيه نصف ساعة كل 5 ساعات، وتأتي لجاره في الحارة القريبة نصف ساعة قطع مع 5 ساعات وصل، هي خطة عادلة ومدروسة ؟، هل تصريحات التبرير من هذه الشاكلة غير المقنعة لصغير في الخامسة من عمره تكفي ؟
نستطيع أن نحصي أمثلة عديدة عن قطاعات متعددة في البلاد، فلا أحد يعرف لماذا سعر الليمون مثلا يصل لثلاثة آلاف ليرة سورية ويفقد في السوق، ثم بعدها يصبح لدينا فائض من الحمضيات ويضطر المزارع للبيع بخسارة ليغطي التكلفة على الأقل، ولا أحد يعرف مثلا لماذا سعر البطاطا اليوم ثلاثة ألاف ليرة سورية، أو لماذا فجأة تنقطع المتة أو السكر من الأسواق، أو لماذا الجوال في سوريا يباع بضعفي سعره من المصنع، ويترك المواطن فريسة الشائعات التي لا تلق من يرد عليها، فتعطي انطباعا بأنها حقيقة.
هل يتعرض المسؤولون السوريون للتنمر ؟ هل يبرر ذلك خوفهم من التصريح لئلا يصبحوا "تريند" كوميدي لدى صفحات السوريين على السوشال ميديا؟ هل هذه الأسئلة تليق بشعب يعاني من 11 سنوات حرب حرمت كثيرين منهم أفرادا من أسرهم وحرمت بعضهم بيوتهم وذكريات طفولتهم وأماكنهم التي أحبوها عداك عن حرمانهم العيش حياة مستقرة ولو بالحد الأدنى من الاستقرار النفسي ؟
تتعرضون للتنمر ؟ لا تضعوا أنفسكم في مكان يستطيع أي كان التصويب عليكم واعملوا وكونوا شفافين وأخبروا الشعب بما يحدث، تخافون أن تصبحوا تريند كوميدي للسوريين ؟ "بسيطة".. إما أن تكونوا على قدر المسؤولية وتعملوا أو استقيلوا، أما التصريحات "الترقيعية" و"المخدرة" و"الكاذبة" بطبيعة الحال لن تواجه سوى بالمسخرة والاستهزاء، وهو آخر ما ظل لدى السوريين من أسلحة في مواجهة الجحيم الذي يعيشونه، وبكلمات بسيطة جدا "بدكن تكذبوا على العالم فهمنا بس تحرموهم الرد بمسخرة.. اي لاء مو منطق كمان".
أما أسلوب التعتيم وعدم التصريح وترك الناس تلعب بهم الشائعات، التي ويا للمصادفة أن بعضها يصبح حقيقة بعد عدة أيام أو أسبوع، فهي خطة أصبحت مكشوفة و"بايتة"، سياسات بالية وقديمة وغبية يجب التوقف عنها فورا، احتراما لما يجب احترامه في هذه البلاد، سياسات "جس النبض" و"رفع السعر ليلا" و"عفوا حاكوا المكتب الصحفي" وغيرها من الأساليب التي تستغبي السوريين وتجعلهم يندبون "الساعة" التي سمعوا فيها بأسمائكم.
وختاما، الموجة الجديدة من التصريحات التي تلوم وسائل التواصل الاجتماعي وتحملها مسؤولية الوضع المعيشي الرهيب الذي يكسر ظهرهم هي أشبه بنكتة سمجة يلقيها مديرك في العمل وتضطر للضحك عليها مجاملة، الفرق فقط أنكم مديرون ليس على الشعب، بل في خدمة هذا الشعب، وعندما تريديون التصريح فكروا أكثر من مرة في تصريحاتكم، فهي مسؤولية وكبيرة خصوصا في ظل الظروف التي نعيشها، والأهم أن تتفهموا أن الشعب يعرف جيدا أن "الحق مو على وسائل التواصل الاجتماعي يلي خربت المجتمع وقطعت الكهربا ونشفت المازوت وسرقت البنزين ويبست خبز وباعيتو علف".
علاء الخطيب
*الصورة: جدرايّة في جناح رجال الأعمال بمدينة المعارض الجديدة للفنان السوري فاتح المدرّس 1979
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق