كتب الصحافي زياد غصن: بالورقة والقلم... هؤلاء هم رواد المطاعم والمدارس الخاصة في سوريا!


كتب الصحافي زياد غصن في موقع أثر برس:
بالورقة والقلم... هؤلاء هم رواد المطاعم والمدارس الخاصة في سوريا!
لطالما شكلت حركة الإقبال على المطاعم والمنشآت السياحية مثالاً يستعين به البعض للتشكيك بنسب الفقر المعلنة، أوالتقليل من حجم ما يقال عن سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد. فيما تولد مشاهد الزبائن في المطاعم والفنادق كثيراً من الأسئلة في أذهان شريحة ليست بالقليلة من السوريين حول مصدر أموال رواد المطاعم، ومستوى الدخول التي يحصلون عليها، والتي تؤهلهم تالياً لدخول تلك المطاعم والفنادق والاستفادة من خدماتها.
هنا محاولة صحفية بسيطة لمعرفة من هم رواد المطاعم والمنشآت السياحية، وذلك من خلال إجراء مقاربة إحصائية بسيطة تتضمن إجراء مقارنة لعدد الأسر، التي صنفها مسح الأمن الغذائي بنهاية العام 2020 في كل محافظة على أنها أسر آمنة غذائياً، مع عدد كراسي منشآت الإطعام السياحية، وعدد نزلاء الفنادق المحلية من المواطنين السوريين، وكل ذلك وفقاً لإحصائيات وزارة السياحة.
اخترنا ست محافظات رئيسية مشهورة بمطاعمها ومنشآتها السياحية هي: دمشق، ريف دمشق، حلب، اللاذقية، طرطوس، وحمص، وقمنا بإعداد البيانات المطلوبة للمقارنة، فكانت النتائج التالية:
عدد المواطنين الآمنين غذائياً في محافظة دمشق يبلغ حوالي 170 ألف شخص، في حين أن إجمالي عدد كراسي منشآت الإطعام في المحافظة يصل إلى 62.5 ألف كرسي، وهذا يعني أن نسبة تغطية كراسي منشآت الإطعام لعدد المواطنين الآمنين غذائياً لا تزيد عن 36.7%.
في محافظة ريف دمشق، كانت نسبة التغطية أقل؛ حيث بلغت 26.1%، فقد وصل عدد المواطنين الآمنين غذائياً في المحافظة إلى حوالي 246 ألف شخص، وعدد كراسي منشآت الإطعام إلى حوالي 64.2 ألف كرسي.
أعلى نسبة تغطية كانت في محافظة اللاذقية، وبلغت فيها 55.8%، إذ إن التقديرات تشير إلى أن عدد المواطنين الآمنين غذائياً في المحافظة يبلغ حوالي 80 ألف شخص، وعدد كراسي منشآت الإطعام حوالي 44.7 ألف، ولذلك فمن الطبيعي أن تشهد المحافظة ازدحاماً مع موسم الاصطياف.
أما أدنى نسبة فكانت في محافظة حمص، وبلغت حوالي 24.6%، إذ بلغ عدد المواطنين الآمنين غذائياً في المحافظة حوالي 81 ألف شخص وعدد الكراسي 20 ألف كرسي.
عموماً، يمكن القول إن نسبة تغطية كراسي منشآت الإطعام السياحية، والبالغ عددها حوالي 265.9 ألف كرسي، إلى عدد المواطنين المصنفين رسمياً في دائرة الأمن الغذائي في المحافظات الست السابق ذكرها، ذلك العدد المقدر بحوالي 817 ألف شخص، تصل إلى حوالي 32.5%... أي أن إشغال جميع كراسي الإطعام في المحافظات الست، وفي وقت واحد، لن يستقطب أكثر من 33% من الأشخاص الآمنين غذائياً.
أكثر من ذلك، فإن بيانات المكتب المركزي للإحصاء تشير إلى أن عدد نزلاء الفنادق المصنفة سياحياً خلال العام 2019 بلغ حوالي 992 ألف نزيل أي ما نسبته 111% قياساً إلى تقديرات عدد المواطنين الآمنين غذائياً، وهي نسبة تبدو طبيعية بالنظر إلى أن جزءاً من نزلاء الفنادق هم من العاملين في مؤسسات عامة أو خاصة، ويضطرون للإقامة في الفنادق بحكم المهمات التي يكلفون بها في المحافظات، إضافة إلى أن معظم نزلاء الفنادق من سوية نجمتين وثلاث، هم عبارة عن أسر نازحة تقيم بشكل دائم في تلك الفنادق مقابل أجر شهري.
هل الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على الجامعات والمدارس الخاصة؟
وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء لعام 2019، وهو العام المتاح حالياً فقط، فإن عدد طلاب الجامعات الخاصة بلغ حوالي 37.6 ألف طالب، وهذا رقم يشكل ما نسبته 21% من إجمالي عدد الأسر الآمنة غذائياً على مستوى البلاد. تزداد النسبة أكثر مع عدد تلاميذ وطلاب المدارس الخاصة البالغ حوالي 162 ألف طالب، وهم بذلك يشكلون نسبة وقدرها 90.7% من إجمالي عدد الأسر الآمنة، أي لو أن كل أسرة آمنة غذائياً أرادت تسجيل ولد واحد لها في مدرسة خاصة، فإن 10% من تلك الأسر لن تجد مقاعد لأبنائها.
لكن هل ارتياد المدارس الخاصة يمكن أن يشكل مؤشراً يعتمد في تقييم الوضع الإقتصادي للأسر؟
في ظل تراجع مستوى وجودة التعليم في المدارس الحكومية، فإن خيار العديد من الأسر ذات الدخل المحدود كان التوجه إلى المدارس الخاصة حرصاً على تعليمهم، وتالياً اضطرت تلك الأسر إما إلى بيع بعض ممتلكاتها، أو الإقتراض من الأقارب والأصدقاء لتأمين قيمة الأقساط المدرسية!.
والسؤال... من هي الأسر الآمنة غذائياً؟
باختصار هي الأسر التي تملك دخولاً تمكنها من تأمين احتياجاتها الغذائية وغير الغذائية، وهي بذلك تشمل فئات كثيرة من بينها العمالة الماهرة التي تتماشى دخولها دوماً مع مستويات التضخم، أصحاب العمل من تجار وصناعيين وأطباء مشهورين ومهندسين وغيرهم، موظفو الإدارات العليا في القطاع الخاص، فضلاً عن طبقة أثرياء الأزمة.
مثل هذه المقاربة الإحصائية البسيطة، والتي يمكن تطويرها لتتحول إلى مسح ميداني هدفه معرفة من هم زبائن ورواد المطاعم والفنادق والمولات وغيرها من الأنشطة الاستهلاكية، تؤكد أن استنتاجات البعض غير دقيقة أو أنها سطحية في محاولتها نفي ظاهرة الانتشار المخيف لظاهرة الفقر، واعتبار زبائن المطاعم والفنادق في هذه المرحلة يمثلون عينة تمثيلية صحيحة للمجتمع السوري.
زياد غصن
موقع أثر برس
4-11-2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق