دونت رولا سليمان عن: الحافز المُدمّر!


دونت رولا سليمان عن: الحافز المُدمّر!
البارحة قرأت سؤال حول ما هو سبب تكسير الكراسي في ملعب تشرين في دمشق بعد مباراة الوحدة والفتوة؟
طبعاً الصورة مأساوية على صفحة مدونة الشأن العام - سورية
ببساطة لأننا لا ننتمي لهذه التي تسمى "بلد" ونعيش أزمة هوية حقيقية. وفي حال أردنا أن "نمسح جوخ" وأن نقول أننا أشخاص وطنيين نحمل الصور ونهتف بالشعارات التي سننساها وسنبرر لأنفسنا اننا قلناها "لغاية في نفس يعقوب" مستشهدين بأمثال شعبية مثل "الإيد يلي ما فيك عليها..."، للأسف الشديد.
أزمة الثقة بين الحكومة والشعب والفجوة الهائلة بينهما هي كارثة حقيقية لايجب اخفائها على مبدأ "لا تتخبى ورا اصبعتك" إذا أردنا أن نبني "وطن ومواطن" لا "بقعة جغرافية ورعايا"
الحافز الذي جعل الجمهور يقدم على تكسير الكراسي:
هو نفسه الحافز الذي يجعل مجموعة من الشباب تتبارى بين بعضها من يستطيع أن يكسر أكبر كمية من الزجاج على الرصيف أو في الحديقة دون مراعاة للمشردين أو للحيوانات التي من الممكن أن تتأذى منها أو حتى أي شخص يمشي (ناهيك عن التلوث).
وهو نفسه الحافز الذي يسمح لعائلة تتنزه في الحديقة بأن تترك كافة القمامة ورائها على الأرض والعشب بشكل مقزز ليأتي عامل النظافة ويقوم بواجبه دون الحصول على حقه.
وهو نفسه الحافز الذي يجعل الطالب (باختلاف مستواه) يمزق كل دفاتره وكتبه أمام المدرسة التي درس فيها وكأنه ينتقم من 9 شهور من السجن حقيقية ومن نظام تدريسي أثبت فشله الكبير ومن أستاذ يتقاضى فتاتاً مقابل قيامه بأصعب عمل وأنبل مهنة
وهو نفسه الحافز الذي يدفع بالأستاذ ليحول أشرف مهنة لعمل تجاري و "مين بزيد"
وهو نفسه الحافز الذي يجعل الأولاد قادرين على تعذيب الحيوانات بطريقة وحشية لا تمت للطفولة بصلة
وهو نفسه الحافز الذي يجعل من الممتلكات العامة وسخة وقذرة على الرغم من قيام المحافظة بتنظيفها وترتيبها
وهو نفسه الحافز الذي زُرع ليُنتج احدى عشر سنة من الحرب التي لم ولن نتعلم منها أي درس وسنعود لنفس الحافز
ما علاقة كل ما قلته بالخبر الذي شاركته؟؟؟
مجموعة من الشباب التي بقي لديها قليل من الأمل قاموا بمبادرة لطيفة تساهم بطريقة غير مباشرة بتوعية الجيل الجديد بأهمية الثقافة والقراءة والمعرفة، كان من الأحرى على محافظة طرطوس أن يجدوا حلاً قانونياً يراعي شروط المحافظة وبنفس الوقت يضمن الاستمرارية للمبادرة الحضارية لحين استكمال الاجراءات القانونية، لأن هذا بطبيعة الحال سينعكس على المحافظة نفسها ويعطيها جانباً حضارياً وتوعوياً، ومن جهة أخرى في حال إزالة هذه المبادرة لأنها لا تراعي القوانين ولم تسر حسب الأصول المتبعة، فأين القوانين والأصول لباقي المخالفات المنتشرة هنا وهناك والتي تسبب تشوهاً بصرياً!!!
والأهم ... حتى لا يصبح لدى هذين الشابين "حافزاً ما" يدعوهم للتصرف بشكل معاكس، لأنهم على ما يبدوا ولحين افتتاحهم لهذه المبادرة كان لديهم أمل لطيف كان يجب الحفاظ عليه وعدم تحويله إلى "حافز"
ملاحظة: لمن يريد أن يعرف بشكل أكبر عن أزمة الهوية يستطيع قراءة كتاب "الهويات القاتلة" للكاتب أمين معلوف.
@Roula suliman
رولا سليمان
*الصورة من حديقة السبكي بدمشق بالأمس، رغم كل سلل القمامة فضل أحدهم ترك قمامته تحت الكرسي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق