عن الأيام العالميّة، دوّن هُمام دوبا:


عن الأيام العالميّة، دوّن هُمام دوبا:
اكتب، تحت تأثير الأيّام العالمية للأشياء، محاولاً التعلّق ب "تريند" لإيصال أفكاري، أيّام لا أعرف الغرض منها، ولا الهدف من تحديد تواريخها، إلّا أنني أفهم وأعرف جلّ المعرفة حاجتي وأبناء بلدي للسلام
أفتح المُعجم لأبحث عن المعنى اللغوي والشرح العربي للكلمة "السلام"، لأرتكز على هذا المعنى في كلامي، بمحاولة مني الإبتعاد عن عولمة المصطلحات، لأجد "السّلام بمعنى الأمان وهو تحيّة.. "
ووفقاً لتفسيري وربما تفسير الكثيرين للأمان، فهو بشقّين، شقّ داخلي، وهو الأمان الذي ينبع من داخل النفس البشرية، ولكلّ شخص مقدراته في ذلك، فالبعض يُنتج أمانه بقلّة، والبعض بكثرة لدرجة أنّه يفيض من دواخلهم ونشعر بجوارهم بالأمان
والشق الأخر، هو خارجيّ، أي أنّه أمانٌ نستقيه من العوامل والمؤثرات الخارجية، كالشعور بالأمان من المطر تحت سقف، والأمان من السرقة بوجود القفل، والأمان من الكورونا بوجود الكمامات والمعقمات، والأمان بوجود فرص عمل تؤمّن وضعاً اقتصادياً جيداً، والأمان بتوافر السلع الغذائية والخدمية، ولا ينتهي ذلك عند وجود مؤسسات قانونية وعسكرية وأمنية وشُرطية قوية تمارس دورها، وهذا الأمان هو الأمان الذي ينتج عن حالة الإستقرار العامة، فيَنقص عند الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، ويكون هذا النقصان طردياً مع شدّة هذه الأزمات
وكلا هذين الشقّين، برأيي، يرتبطان ببعضهما ارتباطاً عضوياً، فالأول يعزز الثاني والعكس، إلّا أننا في سوريا، وكجيل شاب يطمح للنجوم، جيلٌ ذو طبيعةٍ خاصةٍ إستثمر في أمانه الداخلي عندما فقد الأمان الخارجي بسبب الحرب الدائرة منذ سنوات، ف ففاض كلّه لكلّه، أعطى من أمانه الداخلي ليعوّض نقص الأمان الخارجي، ولم يكتفي بالتعويض لنفسه وذاته، بل كان يفيض إلى الأخرين وفق استطاعته فيحاول موازنة ميزان السّلام على قدر قدرته، وقد فعل إلى حدّ كبير
إلا أنّني أخاف اليوم أنّنا فقدنا هذه القدرة، خاصّةً بأنّ الظروف والمؤثرات الخارجية تزداد قسوةً، أخاف أن يكون أماننا الداخلي قد بدأ بالنفاذ، أخاف أن يكون ميزان سلامنا قد بدأ بالتهالك، وعندما أصل ذروة الإحباط في هذا، أذكر أنني مؤمنٌ أيضاً بأنّ الطاقة لا تتلاشا، فهي تتحول من شكل لشكل، ولا تفنى، فكل تلك السنوات التي زرعنا بها الأمان في نفوس الأخرين، بسلامٍ على الطريق، أو مساعدةٍ بسيطةٍ، أو تقديم معونة لجار أو صديق، أو تنفيذنا لمبادرةٍ أو مشروعٍ لن تتبخر، بل ستعود، وإن نظرنا جيّداً نرى أنّها تعود وأنّ السلام يُصنع ولابد من خوض نقيضه كي نصله، والأمان يؤخذ، فأبتسم من جديد، وأقول في نفسي عن هذه النتيجة، هذا هو السلام الخاص بالسوريين.
هُمام دوبا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق