كتب د. ذو الفقار عبود: حول الطبقة الوسطى في سورية
يعتقد البعض أن مصطلح الطبقة الوسطى يقصد به شريحة العاملين بأجر في القطاع العام من موظفين ومعلمين ومهندسين وسواهم، وأن هذه الطبقة تلاشت خلال سنوات الحرب العشرة.
إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما، فالطبقة الوسطى في سورية لم تكن يوما تضم الموظفين ولا العاملين في القطاع العام، فالطبقة الوسطى هي شريحة اجتماعية تتألف من التجار الصغار والمهنيين المتعلمين والأطباء والمهندسين والمحامين الذين يعملون في عياداتهم ومكاتبهم الخاصة، وكبار موظفي الدولة من مديرين عامين وفرعيين ومعاوني الوزراء وغيرهم، وكان أساتذة الجامعات يعدون من ضمن هذه الطبقة سابقا.
هذه الطبقة حافظت على مستواها الاجتماعي والاقتصادي خلال الحرب وتكيفت مع الوضع الاقتصادي ومع التضخم الاقتصادي. وهذه الطبقة تقع في وسط الهرم الاجتماعي، وبحسب اصطلاح عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر فإن الطبقة المتوسطة هي الطبقة التي تأتي اقتصادياً واجتماعياً بين الطبقة العاملة والطبقة الغنية. وتختلف مقاييس تحديد الطبقة المتوسطة باختلاف الثقافات. ويعد اتساع حجم الطبقة الوسطى ورخاؤها في المجتمع مؤشرا ايجابيا في بنية المجتمع.
وحسب تقديرات البنك الدولي، في مصر والأردن وسورية وتونس واليمن، كان 36% تقريبا من السكان ينتمون للطبقة المتوسطة في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية، ثم تضخمت فئة الطبقة المتوسطة إلى 42% من السكان بنهاية العقد.
أما شريحة الموظفين والمدرسين والعاملين في القطاع العام فكانت تشكل الطبقة العاملة سابقا التي تأتي اقتصاديا واجتماعيا بين الطبقة الوسطى والطبقة المعدمة في هرم المجتمع، وبالتالي هي الطبقة الفقيرة .
وخلال الحرب تراجع مستوى الطبقة العاملة إلى مستوى الطبقة معدومة الدخل لناحية انعدام الأمن الغذائي، حتى أن برامج المساعدات للمنظمات غير الحكومية تستهدف طبقة معدومي الدخل وتستبعد الطبقة العاملة التي أصبحت تحت خط الفقر العالمي.
أما الطبقة الأولى في المجتمع وهي طبقة الأثرياء والتي تشكل نسبة خمسة بالمئة من أفراد المجتمع فقد تضخم ثراؤها وانضم إليها أثرياء الحرب الجدد من تجار المواد الغذائية والمحروقات والمحتكرين والفاسدين ومضاربي العملة.
د ذو الفقار عبود
*الصورة من مقهى الروضة في حمص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق