مفارقات في بدائل الطاقات


كتب الأستاذ مأمون فحام..
مفارقات في بدائل الطاقات:
تمر سورية بأزمة، بل بكارثة تنموية متعددة الجوانب خاصة في مجال الطاقة، و تتصاعد المطالب بالبحث عن مصادر بديلة وعن ضرورة اعتماد السكان على طرق فردية للحصول على الطاقة الكهربائية خاصة و انها متاحة من حيث توفر المصدر المستدام، و في ظل غياب الحلول بشكل عام.
وبالوقت نفسه تتفاقم الأزمات بتصاعد حملات التسويق الاستغلالي لاساليب بدائية في هذا المجال تعتمد على تخزين الطاقة خلال ساعات الوصل لاستخدامها بساعات القطع المتصاعدة مما يؤدي الى استنزاف مدخراتهم و زيادة بالتلوث البيئي و الوقوع بدوامة "الدائرة الشريرة" للتدهور العام.
و قد يتكرر الامر نفسه في حال بدء تسويق اللاقطات الشمسية الكهرضوئية رغم انها تمثل انجع الحلول البديلة بعد نجاح اللاقطات الخاصة بتسخين المياه.
و هنا يجدر التحذير من التسويق الخادع لما يدعى انه لنوعيات تقنية جديدة و مردود اعلى وبالتالي يتم بيعها باسعار باهظة دون تواجد منظومة فعالة للترشيد و مخابر مختصة لتصنيفها و تحديد مردوديتها الفعلية.
و استطيع القول بعد تجارب عديدة بالعقود السابقة بمجال التنمية المستدامة و توفير الطاقة والطاقات البديلة، ليس تسويقيا بل من حيث التخطيط التنموي، فبالنسبة للطاقة الشمسية بالذات هناك تنافس عالمي على كفاءة اللاقطات خاصة في المناطق ذات السطوع الضعيف، و مفارقات هائلة برفع المردود التقني بالنسبة للكلفة البحثية والانتاجية و بالتالي بالسعر التسويقي، بحيث يكلف رفع المردود مثلا من ٦٠% الى ٧٠% زيادة بالسعر حوالي ٥٠% و النسبة تصاعدية و ضعيفة الجدوى الاقتصادية نسبيا، لكنها مطلوبة بالبلاد الشمالية لضرورات الظروف البيئية مع توفر دخل عال يسمح بالاستثمار فيها رغم ضعف مردوديتها.
و يتم حاليا بفرنسا كمثال حملات حكومية لتشجيع السكان على الحلول البيئية عموما مثل النقل و اساليب العزل لتوفير استهلاك الطاقة، و كذلك لتركيب لاقطات شمسية فردية على اسطح المنازل، لتخفيف الاعتماد على الشبكات رغم عدم وجود ضعف فيها انما لتحقيق خفض عام بالاعتماد على الموارد العامة لدعم الاقتصاد الوطني و حماية البيئة، مع تقديم مساعدات حكومية مجزية و قروض ميسرة لمن يبادر باستخدام هذه الحلول.
و قد تأكد لي من متابعة و تجربة هذه العروض انها فعلا تتلقى دعما حكوميا يخفض تكاليفها بشكل كبير ، لكن تبقى غير مشجعة لتوفر الخدمات بشكل جيد و تكاليف معقولة بالنسبة للدخل.
كما ان هناك ناحية هامة تعرفت عليها بعدة مناسبات، منها اثناء زيارة تعاون اطلاعية لشركة استشارية المانية بمجال الطاقة المستدامة قال لي مديرها وهو اخصائي تقني بهذا المجال: " كنصيحة صديق، لا تتورط بشراء اجهزة متطورة تقنيا وفق المعايير الاوربية، فلديكم بالشرق الاوسط ساعات سطوع طويلة سنويا و اشعة شمس قوية تفرض نفسها على اي لاقطة مهما كانت بسيطة التصنيع، وتحصل منها على مردود عالي نسبيا و لمدة طويلة، بينما نحن نحاول ان نطور التقنيات باستمرار بكلف عالية جدا و كأننا نحلب شمسنا بالقطارة ..! و نضطر لتبديلها كلما ظهر جيل احدث كماهو الحال بباقي المجالات بطبيعة الاقتصاديات الاستهلاكية، فلا تقعوا بخديعة السباق التقني بينما هو بالحقيقة الاستغلال الاستهلاكي العالمي"..!
و هذا يؤكد على التناقضات التطبيقية في توجهات التنمية المستدامة عالميا، و في حقل الطاقة خصوصا.
هذا الى جانب مفارقة ان التوجيه الامثل ليس متاحا بالاسقف القرميدية الشائعة باوربا بينما هو متاح بالاسطح الافقية التقليدية في بلاد الشرق الاوسط.
وبالتالي، فانه في مجال التوليد الذاتي للطاقة الكهربائية الضروري بسورية، لاداعي ضمن الاحوال الاقتصادية الحالية الصعبة بل والمنهارة، ان نبحث عن اخر جيل من اللاقطات الشمسية عالية التكلفة انما على ابسطها واكثرها ديمومة، و محاولة تركيز استهلاك الكهرباء نهارا باجهزة اقتصادية و وتيرة مدروسة لتقليل الاعتماد على وحدات تخزين الطاقة.
و الفارق التقني بالجدوى الذي يمكن البحث عنه يكمن بباقي المكونات مثل الانفيرتر والكونيكتر و وحدات التخزين ذات البطاريات الاقل تلويثا للبيئة فليس لدينا منظومة فعالة للفضلات الخطرة، كما انه لا داعي لاستبدالها حين يقل مردودها الا عندما يصبح هذا المردود غير مجدي.
و لا بد ان نشير الى ان ما يفاقم الازمة هو غياب شبه تام ليس فقط لاعتماد حلول بديلة لحل مشكلة الطاقة من الجهات الحكومية، بل ايضا للتوعية المطلوبة من الجهات المعنية و كذلك للمراقبة و المحاسبة للمستوردين والمسوقين الذين يعملون بحرية مطلقة تفاقم الكارثة المعيشية المتصاعدة باستمرار.
مأمون فحام


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق