دون لنا عبد الله الجدعان: ماذا يحدث في المنطقة الشرقيّة؟
منذ أن خرجت المناطق في الشرق السوري عن سيطرة الدولة (بعضها مازال منذ 2011) وقد تعاقبت عليها عدة أطراف مسلحة و التي لم يقتصر تحكمها بهذه البيئات على الناحية العسكرية فقط بل امتدت لتشمل الاجتماعية والاقتصادية، واليوم تتصدر المشهد في تلك المناطق ميليشيات قوات سورية الديموقراطية - قسد وواجهتها المدنية مسد (مجلس سورية الديمقراطية) اللتان تحاولان تقديم نفسيهما كبديل عن الحكومة المركزية السورية ويسعون إلى تكريس واقع انفصالي فيدرالي شبيه بوضع الأمر الواقع الذي نشأ في إقليم كردستان العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وتكرس بشكل أكبر بعد ظهور تنظيم الدولة وتمدده جغرافياً في عام 2014.
المناطق الريفية في كل من ديرالزور والحسكة والرقة ما زالت السطوة العشائرية فيها بارزة ومعمول بها اجتماعياً، ولذلك منذ أن تشكلت قسد بدأت بنسج علاقات مصلحية مع هذه العشائر لتثبيت موطئ قدم لها وقد ساعدها على ذلك الوجود الاحتلالي الأميركي والمال السعودي اللذان شكلا رافعة مهمة لتمتين هذه العلاقة الغير قائمة على هدف أو عقيدة إلا المنفعة، ووقف العديد من الوجهاء ضد هذا التمدد إن كان لتمسكهم بخيار الدولة أو لعدم رغبتهم في أن تنازعهم فئة أخرى على مكاسب مناطقهم، لذلك نشأ أكثر من جناح داخل العشيرة و القبيلة الواحدة و ظهر عدة وجهاء وشيوخ كل منهم ينتهج خطاً مختلفاً سياسياً.
هذا التشرذم أضعف ثقل الدور العربي في معاقله الأساسية وأصبح هامشياً إذا ما قورن بالحضور الكردي (الذي أغلبية سكانيّة) المدعوم إقليمياً و دوليا ً ومع ذلك تدرك قسد أهمية حصولها على غطاء عشائري عربي ليكسبها شرعية في مناطق هي دخيلة على مجتمعها، ومن هذا المنطلق أنشأت علاقات مصلحة إن كان في سرقة النفط أو التهريب أو القتال حتى شكل مقاتلو العشائر العربية رافد بشري لميليشيات قسد فيما كان وجهاءهم يشكلون الغطاء الشرعي لقياداتها (وتجلى ذلك استقبال شيوخ عشائر في الرقة للمدعو مظلوم عابدي والباسه العباءة العربية)
أما حادثة إطلاق النار على سيارة تقل شيوخ لعشيرة العكيدات ووقوع ضحايا لتفجر حراك شعبي في ريف ديرالزور الشرقي رافض لوجود قسد فتفتح الباب واسعاّ أمام أسئلة عديدة منها هل أن هذه الانتفاضة هي فرصة لإعادة الدور العربي في مناطقه وربط الذي انقطع مع دمشق، أم هي مجرد (فورة دم) وتتلاشى، أم هي محاولة ضغط لتحقيق مكاسب أكبر ولا سيما من عائدات النفط (هناك حراك أمريكي بدأ لمعالجة هذه القضية).
لا يمكن لأحد أن يشكك بالدور الوطني لعشائر وقبائل المنطقة الشرقية خلال الحرب ومن الطبيعي أن يكون هناك منحرفين وعملاء في أي مجتمع، ولكن السؤال الأكثر مراودة لي هو هل أن الوجهاء والشيوخ والزعامات يدركون ما بين يديهم من عوامل قوة وسلطة تسمح لهم بلعب دور حاسم في مناطقهم أم أنهم مازالوا للآن رغم المكاسب والمعاملة الخاصة التي يحصلون عليها من السلطة السياسية مقصرون في حق مناطقهم أولاً ووطنهم ثانياً، فأسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في تهميش زعامتهم لصالح الغير.
Abdullah AL Jaddan
#نقاشات_في_الشأن_العام
منذ أن خرجت المناطق في الشرق السوري عن سيطرة الدولة (بعضها مازال منذ 2011) وقد تعاقبت عليها عدة أطراف مسلحة و التي لم يقتصر تحكمها بهذه البيئات على الناحية العسكرية فقط بل امتدت لتشمل الاجتماعية والاقتصادية، واليوم تتصدر المشهد في تلك المناطق ميليشيات قوات سورية الديموقراطية - قسد وواجهتها المدنية مسد (مجلس سورية الديمقراطية) اللتان تحاولان تقديم نفسيهما كبديل عن الحكومة المركزية السورية ويسعون إلى تكريس واقع انفصالي فيدرالي شبيه بوضع الأمر الواقع الذي نشأ في إقليم كردستان العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وتكرس بشكل أكبر بعد ظهور تنظيم الدولة وتمدده جغرافياً في عام 2014.
المناطق الريفية في كل من ديرالزور والحسكة والرقة ما زالت السطوة العشائرية فيها بارزة ومعمول بها اجتماعياً، ولذلك منذ أن تشكلت قسد بدأت بنسج علاقات مصلحية مع هذه العشائر لتثبيت موطئ قدم لها وقد ساعدها على ذلك الوجود الاحتلالي الأميركي والمال السعودي اللذان شكلا رافعة مهمة لتمتين هذه العلاقة الغير قائمة على هدف أو عقيدة إلا المنفعة، ووقف العديد من الوجهاء ضد هذا التمدد إن كان لتمسكهم بخيار الدولة أو لعدم رغبتهم في أن تنازعهم فئة أخرى على مكاسب مناطقهم، لذلك نشأ أكثر من جناح داخل العشيرة و القبيلة الواحدة و ظهر عدة وجهاء وشيوخ كل منهم ينتهج خطاً مختلفاً سياسياً.
هذا التشرذم أضعف ثقل الدور العربي في معاقله الأساسية وأصبح هامشياً إذا ما قورن بالحضور الكردي (الذي أغلبية سكانيّة) المدعوم إقليمياً و دوليا ً ومع ذلك تدرك قسد أهمية حصولها على غطاء عشائري عربي ليكسبها شرعية في مناطق هي دخيلة على مجتمعها، ومن هذا المنطلق أنشأت علاقات مصلحة إن كان في سرقة النفط أو التهريب أو القتال حتى شكل مقاتلو العشائر العربية رافد بشري لميليشيات قسد فيما كان وجهاءهم يشكلون الغطاء الشرعي لقياداتها (وتجلى ذلك استقبال شيوخ عشائر في الرقة للمدعو مظلوم عابدي والباسه العباءة العربية)
أما حادثة إطلاق النار على سيارة تقل شيوخ لعشيرة العكيدات ووقوع ضحايا لتفجر حراك شعبي في ريف ديرالزور الشرقي رافض لوجود قسد فتفتح الباب واسعاّ أمام أسئلة عديدة منها هل أن هذه الانتفاضة هي فرصة لإعادة الدور العربي في مناطقه وربط الذي انقطع مع دمشق، أم هي مجرد (فورة دم) وتتلاشى، أم هي محاولة ضغط لتحقيق مكاسب أكبر ولا سيما من عائدات النفط (هناك حراك أمريكي بدأ لمعالجة هذه القضية).
لا يمكن لأحد أن يشكك بالدور الوطني لعشائر وقبائل المنطقة الشرقية خلال الحرب ومن الطبيعي أن يكون هناك منحرفين وعملاء في أي مجتمع، ولكن السؤال الأكثر مراودة لي هو هل أن الوجهاء والشيوخ والزعامات يدركون ما بين يديهم من عوامل قوة وسلطة تسمح لهم بلعب دور حاسم في مناطقهم أم أنهم مازالوا للآن رغم المكاسب والمعاملة الخاصة التي يحصلون عليها من السلطة السياسية مقصرون في حق مناطقهم أولاً ووطنهم ثانياً، فأسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في تهميش زعامتهم لصالح الغير.
Abdullah AL Jaddan
#نقاشات_في_الشأن_العام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق