يتساءل الشاعر عبدالكريم العراقي متندراً عن وضع بلاده التي تعاني العوز في كل شيء وهي أرض الخيرات فيقول : " أعطش وبيتي نهر ؟ أعرى وبلادي ذهب ؟ أشحذ وأنا الملك ؟ أنداس وأنا الغضب ؟ وش عندك بعد يا عجب ؟ ".
فالحسكة لا تشارك العراق فقط الحدود بل وحتى المعاناة هذه المحافظة البعيدة وسلة سورية الغذائية ذات المحاصيل الاستراتيجية اليوم وكل يوم تعاني من العطش بسبب قطع المياه عن المدينة وجزء من ريفها.
القصة تبدأ من صراع النفوذ شديد التعقيد إن لم يكن الأكثر تعقيداً على الجغرافية السورية الذي يحكم تلك المنطقة فنتيجة استيلاء كل من الاحتلال التركي وفصائل معارضة على مناطق من هذه المحافظة في جزء من ريفها الشمالي والشمالي الغربي، والاحتلال الأمريكي وميليشات قسد في المدينة وريفها الشمالي والشرقي، جعل المدينة ضحية لتجاذبات هذين الخصمين بحكم سيطرتهما على الموارد الأساسية للمحافظة من أراضي زراعية ومصادر المياه ومحطات توليد الكهرباء وكل طرف يستخدم هذه المرافق كسلاح ضغط على الآخر لتحصيل مكتسبات إضافية منه.
تركيا تريد من قسد ( التي تسيطر على محطات توليد الكهرباء الأساسية وحقول النفط ) تزويداً منتظماً من الكهرباء لمناطق سيطرة ميليشياتها وعندما تتلكأ قسد في تنفيذ التزاماتها تقوم تركيا بقطع المياه من محطة التغذية في ريف رأس العين التي تعرف ( بمحطة علوك) في محاولة منها للضغط على قسد وتحريك البيئة الحاضنة ضدها.
الخاسر الأكبر هو المواطن السوري الذي قد تصل درجة الحرارة عنده في هذه المناطق لل50 مئوية صيفاً ويحتاج للماء لسقاية محاصيله وحتى لإطفاء حرائقها المفتعلة، ولا يوجد أي تدخل حقيقي في هذا من المنظمات الدولية التي تملك تواجداً كثيفاً في مدينة القامشلي إلا من خلال صهاريج ماء تجوب الشوارع ولا تسد الرمق، أما عن دور الحكومة السورية فهو ونتيجة توزع خارطة السيطرة يقتصر على إيجاد مصادر بديلة للمياه ولا سيما الآبار الموجودة في المنطقة و الطلب من الجانب الروسي التدخل عند الأتراك و قسد لإعادة المياه.
للأسف واقع الحسكة اليوم شديد المأساوية ولكن لا يمكن فصله عن سياقه السياسي فهذه المعاناة هي وسيلة لزيادة مكتسبات كل طرف على حساب الآخر والمواطنين كما أنه يقدم نموذجاً مصغراً عما يمكن أن يؤول إليه الوضع في ظل غياب السيطرة الفعلية لدمشق.
عبد الله الجدعان
Abdullah AL Jaddan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق