تنوع مفخّخ؟





دوّن عبد الله الجدعان: تنوع مفخّخ؟

غِنى المنطفة الشرقية في سورية لا يقتصر فقط على ثرواتها الزراعية والنفطية، بل يتعداه إلى نسيجها الاجتماعي الذي قد يكون الأكثر تنوعاً في الجغرافيا السوريّة، فهناك العديد من القوميات واللغات واللهجات والأديان والطوائف والمذاهب والقبائل والعشائر وحتى آثار تلك المنطقة تحمل بصمات حضارات متنوعة سابقة تواجدت على هذه الأرض.

اليوم وبفعل الحرب تحوّل هذا التنوع ولا سيما القومي منه إلى تناقض وبدأت حدود ليست بوهمية تقسّم مناطق دير الزور والحسكة والرقة إلى مربعات مغلقة على نفسها، تختلف باختلاف توجهها السياسي وداعمها الدولي أو الإقليمي، وأصبحنا نسمع مصطلحات خطيرة من قبيل (شرق الفرات) و (غرب الفرات) وكأنهما تابعتين لدولتين مختلفتين وهذا يحفر عميقاً في الوعي ولا سيما لدى الأجيال الجديدة.

إن السمة الأساسية لوضع المنطقة الشرقية الاجتماعي حالياً هو ضعف الدور العشائري و هذا يعود إلى تفتت هذه الكيانات بسبب نشوء تحالفات مصالح عربية - كردية تحت حماية غربية (أمريكية بالصدارة) وتمويل خليجي (سعودي بالصدارة) بالإضافة إلى عائدات حقول النفط الغزيرة، وهذا التحالف الطارئ أدى لتراجع سلطة شيوخ العشائر ووجهائها التقليدين لصالح سلطة جديدة لأشخاص صنعتهم سطوة المال والسلاح (لا يمكن التعميم وتوجد نماذج كثيرة مشرفة).

و في الأوضاع الراهنة التي تحتاج سورية فيها إلى وحدة أرضها والاستفادة من ثرواتها، يجب أن يكون هناك عمل حقيقي ومتابع من دمشق صوب المناطق الشرقية ولنكن صريحين فإن هذا العمل سيكون مركباً من عدة مراحل على رأسها تفعيل المقاومة الشعبية ضد الوجود الاحتلالي الغربي (الأمريكي والفرنسي)، يترافق ذلك مع حوار عالي المستوى مع مكونات تلك المنطقة تضمن لكل جماعة حقوقها الاجتماعية والثقافية كما ينص الدستور ولكن بدون أي شكل من أشكال الاستقلال السياسي والجغرافي.

أخيراً ، إن ما حدث في الشرق السوري يجب أن يكون مفيداً مستقبلاً للمسؤولين المحليين والمركزيين لكي يدركوا أهمية عدم إهمال أي منطقة وإعطائها حقها من الاهتمام والمتابعة والتنمية، ومعالجة قضايا مكوناتها صغرت أم كبرت، لكي لا يصبح التنوع هنا نقطة ضعف واختراق لمجتمع يجب أن يبقى واحداً.

عبد الله الجدعان
Abdullah AL Jaddan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق