لماذا قد يكون الصدام مفيداً أحياناً؟
دوّن جبران خانجي: لماذا قد يكون الصدام مفيداً أحياناً ؟
شاركت على حائطي منذ يومين منشوراً فيه دعوة للسوريين ليحترموا رموزاً بالنسبة لأطراف منهم، لأنه يبدو الحل الوحيد والمنطقي لنعيش معاً، ربّما
ونظراً لما أنتجه من ارتدادات و حساسيات , فأحببت أن أدوّن التالي , وكلي أمل أن لا أزيد الطين بلة .
أعلم جيداً أن هذا الطرح قد بدا لبعضكم أنه قادم من الفضاء , وقد بدا للبعض الآخر انه يفتقر الى الحد الأدنى من الإلتزام الأخلاقي و التعاطف الإنساني , وانه كان صادماً لجمهور كلا الفريقين , وبدا للكثير منكم أن غايتي منه هو استفزازكم . لذا دعوني هنا , أورد بعض النقاط التي من الممكن أن تحقق بعض الوضوح :
على الرغم من أن هذا الطرح هو ليس خيالي , بل هو واقع معاش , فجميعنا يعلم ان كلا الشخصيتين يتمتع بشعبية كبيرة لدى فريق كبير من السوريين , وأن هذه الشعبية لن تختفي غدا او بعد غد او بعد عام او عقد , تحت اي ظرف , ولكنها قد تخبو قليلاً مع قدوم جيل جديد - إن نحن سمحنا له بالقدوم أصلاً - .
وأعلم أنكم لستم مستعدين لسماع هكذا طرح , وبالتأكيد لستم مستعدين أيضاً لمقابلة الطرف الآخر , ولأجل ذلك أدين لكم ببعض الإعتذار عن هذا " الإزعاج " , البعض و ليس كل الإعتذار , وأقول البعض لأني تقصدت أن اضعكم في هذا الموضع الصعب , لماذا ؟
الوضع السوري الراهن أفرز جزراً معزولة من السوريين : جزر ( و ليس جزيرة واحدة ) من السوريين المعارضين في خارج سوريا والبعض القليل داخلها , وجزر ( وليس جزيرة واحدة ) من السوريين المؤيدين في داخل سوريا و البعض القليل خارجها , وقد أحاط جمهور كل فريق نفسه بمن يشبهه, و عزل نفسه عن كل شيء آخر , حتى أصبح كل فريق يعتقد أن سوريا كلها تشبه , ولا حق لأي فريق آخر بها , وهنا عين المشكلة .
مع كل الإحترام , التقدير و المحبة : لا تخرج معظم الطروحات التي تم تداولها من قبل المعلقين عن :
كلاسيكيات ما بعد الحرب
بمعنى : أبطال الطرف الأول هم مجرمون ( بالدليل والإثبات ) في عين الطرف الثاني , و أبطال الطرف الثاني هم مجرمون ( بالدليل و الإثبات ) في عين الطرف الأول , ولا اقصد هنا أن أبسط الأمور او أسطحها أو حتى أن أساوي بينها , لا أبداً , فأنا مثلكم جميعاً ابن هذا البلد , نشأت فيه , رددت فيه شعارات الصباح , حفظت الأغاني و الشعارات الوطنية عن ظهر قلب , درست في مدارسه و جامعاته الحكومية , عملت و اختلطت بدوائر اجتماعية متنوعة فيه ,و شهدت فيه أيضاً حقبة لا بأس بها من الحرب ( 2011 - 2015 ) و تابعتها بشكل غير منقطع منذ خروجي من البلاد , ومن ثم تعلمت عنها في جامعات بريطانيا سابقاً و كندا الآن . ما أريد أن اقوله هنا أني اعلم ان هنالك كم هائل من التفاصيل المرافقة لكل جزئية تم ذكرها في التعليقات , عدم التعرض لها لا يعني انكار وجودها , ولكن ما أردت قوله : كي نستطيع أن نمضي قدماً بهذه البلاد , لا يمكننا إلا ان ننطلق من نقاط شديدية العمومية , لا كي نبقي الامور عائمة و رمادية , لا أبداً , ولكن كي نعطي فرصة لإعادة اكتشاف السوري الآخر , كي نعلم - ربما - : أنه ليس الشيطان الذي كنا نتصوره , وعندها يمكننا - ربما - المضي بخطوات اكثر تفصيلية نحو سوريا السلام و العدالة .
ما حاولت القيام به هو : سرقة مشهد محتمل ( وبرأي محتمل جداً ) لسوريا من دون حرب ( او سوريا ما بعد الحرب ) , لسوريا تتمتع بسلام ايجابي و ليس سلام سلبي ( حالة اللاحرب ) , لا استطيع أن أميل يساراً أو يميناً لأي من الفريقين عندما تتكلمون عن الأشخاص أنفسهم وإلا فقدت عنصر الحياد الإيجابي في الطرح , ولكني انحزت لقيم و مواقف مثل : التزام السلم , التعاطف مع كل الضحايا , حق الجميع بالتعبير السلمي بشكل آمن , نبذ العنف ورفض تبريره من اي جهة كانت.
قد تكون هذه نافذة لسوريا المستقبل في عام 2030 , 2040 .......أو ربما 2100 .
رجاءاً لا تستعجلوا بالرفض و تذكروا أن الكثير من الأشياء التي حدثت في العقود الأخيرة , لم تكن أصلاً قابلة للتصور في الماضي , والآن هي واقع مدرك .
وقد أكون أنا مخطأ بشكل جزئي أو كلي , فمن أنا أصلاً , كي أكون دوماً على صواب .
خلال التسع سنوات الماضية امتلكنا " شجاعة " القتل , أما حان الوقت كي نمتلك ما يكفي من الشجاعة لوقف القتل ؟
جبران خانجي
#نقاشات_في_الشأن_العام
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق