المجتمع المدني السوري؟





دوّن وسأل همام دوبا:
المجتمع المدني السوري؟

بعد أن بدأت الحرب في سورية، ظهر مصلح "المجتمع المدني" في الشارع السوري، ليقفز عدد الجمعيات والفرق التطوعية العاملة في الأرض السورية أضعافاً مضاعفة عمّا سبق، تلبيةً لحاجة خلّفتها الحرب الدائرة، فكثرت أعمال الأغاثة في بداية الأمر، كون المتضررين والنازحين بفعل المعارك أصبحوا بلا مأوى، نتذكّر كيف تحوّلت بعض المدارس لمراكز ايواء، يجتمع بها عشرات العائلات المهجّرة

بالتزامن مع ذلك، بدأت المنظمات الدولية تزيد من نشاطها في سورية، فقدّمت سللاً غذائية، ودعماً للجمعيات العاملة في هذا المجال وتمويلاً
كانت معظم الجمعيات في سوريا ذات طابع خيري، ولم ينتشر مصطلح "التنمية" وفقاً لذاكرتي إلّا بعد السنة الأولى من الحرب تقريباً

طاقات شابّة، وعنفوان بحاجةٍ لتوظيف، فرص تمويل متاحة، فبدأت الفرق تتشكل، وتتهيكل، وتأخذ أبعاداً مختلفة في غياب شبه تام للنقابات، والإتحادات
اليوم، وبعد ٩ سنوات من الحرب، وبعد مضي سنوات على اشهار عشرات، وربما مئات الجمعيات والمؤسسات العاملة في المجال التنموي

نسأل، وأعتقد أنّه من الضروري أن نسأل، ماذا فعلنا؟ ماذا حققنا على الساحة السورية ككل؟
مؤمن أنّ لكل مجموعة تأثيرها على مجموعة بشرية ما، لكن الا نعتقد أنّه وفقاً للموارد المتاحة، كان التأثير ضيّقاً؟

لماذا لا يعقد اجتماعات دورية، للجهات الغير حكومية الناشطة في المحافظة عينها لتنسيق العمل، تشارك الموارد، توحيد البوصلة( ولو أنّ لكل جمعية أو مؤسسة أو فريق أهدافاً وآليات عمل مختلفة) لكن أليس الهدف الكبير واحد؟، تنمية المجتمع السوري؟
الن يكون تنسيقاً كهذا، يوصلنا إلى الهدف بشكل أسرع؟

لماذا لم يُشكّل حتى الأن إتحاداً للجمعيات، ينسّق العمل، يجمع الجهات العاملة مع بعضها، يشكّل ضغطاً على السياسات العامة؟

كوني عاملاً في مجال التنمية، لطالما سألت نفسي، ماذا فعلت الجمعيات والمنظّمات والمؤسّسات التنموية (أي ما الأثر الحقيقي) على صعيدي الفكر أو الوعي - وخياطة النّسيج السّوري؟

وهل يمكن لها أن تحلَّ مكان الأحزاب والنقابات في تعاطيها الشأن العام أو تنظيم المجتمعات؟
وإن كان بإمكانها أن تحلّ مكانها، فهل هي في الطريق الصحيح لذلك؟

مئات الملايين تُصرف، آلاف المتطوعين، ماذا فعلنا لنغيّر في المجتمع السوري؟، أجزم أننا تركنا أثراً مهمّاً على صعيد الأفراد، لكن على صعيد المجتمع؟ بُنيته؟ وعيه؟

هل هناك من يقيس، الأثر وفقاً للموارد المُستهلكة في العملية؟

ماذا عن التشاركية مع الجهات الحكومية؟ هل اشركناهم في العملية بشكل صحيح وكافي؟
هل استوردنا (المجتمع المدني) كما استوردنا باقي المفاهيم؟

أم أننا استطعنا أن ننتج مجتمعنا المدني؟
أم أنّه أساساً_كونه لم يتعاطى التأثير على السياسات العامة_ لم يرقى ليكون مجتمعاً مدنياً، ومازال في طور المجتمع الأهلي؟

ليس هجوماً، ولا تقليلاً من دور هذا الجهات على الإطلاق، فقد كانت رديفاً مهماً في هذه الأوضاع، وحققت انجازات لايمكن لأحد نكرانها، لكنها اسئلة مشروعة، علينا أن نفكر بها، لننتقل إلى المستقبل بشكل أكثر فعالية

Homam Douba

اللوحة: شاشة حريرية للفنانة السورية عناية البخاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق