دوّن محمد علي دياب: مرايا البلاد
من يومين كنا بنقاش مع مجموعة أصدقاء بلبنان عن التغيير اللي صار بعد الحرب بالبلد.
كيف قدرت الحرب تمحي جزء كبير كتير من تاريخ بيروت وتخلق أسامي جديدة لأماكن بملامح جديدة عمرها بعمر الناس اللي سكنوها وذاكرتن، وكنت عم قول إني خايف وشايف هالشي جاي بسورية.
الموضوع مو عواطف ولا رفض للتطور ولا معاندة.. القصة باختصار مرتبطة بوعينا اللي مفروض مبني على تراكم كل ذاكرة البشرية قبلنا.
اليوم بقرا خبر عن تغيير اسم أحياء "القدم والعسالي" ليصير "باسيليا سيتي".. اسم مودرن وكلاس وبجيب لايكات ويمكن يكون بنظر البعض أحلى من القدم والعسالي.
بتتخيل فوراً بنايات كبيرة وأبراج عالية رح تاخد مكان البيوت البسيطة.. "وهاد الشي منيح لأصحاب المنطقة بحال كان في عدل حقيقي".
بس بنفس الوقت بتعرف إنو هاد العمار مارح يراعي هوية المكان ولا تاريخو ولا خصوصية أهلو، والكلام هون مو عن القدم والعسالي بس.. الكلام عن كل مكان جاي الدور عليه.
الذاكرة الحية للأماكن شوي شوي رح تختفي واللي ماراح بالحرب رح يمشي بهالطريق هلق، لصالح رؤوس الأموال الكبيرة.
اللي بعذب.. لما تتأقلم مع الفكرة لأنو ببساطة هاد المسار (المتعارف عليه) بكل مجتمع بيتعرض لخضات من هالنوع.
ثقافة الـ5 نجوم ح تصير أمر واقع ومتاح للناس اللي بعدها قادرة توقف رافعة راسها بعد الحرب، أما المعتر اللي دفع ورح يدفع بعد لسا من دين فاتورة هالوجع كلو، رح يبقى راسو بالأرض وما عندو وقت يطلع فوق أصلاً، وح يشوف نجوم الضهر بس.
من اليوم اللي رح يعلنوا فيه إنو الحرب خلصت.. لازم نعرف إنو البلد صار الها تاريخ جديد بأسماء جديدة وصور جديدة وذاكرة تانية وليدة الحرب.
الجامع اللي صليت فيه أول مرة بطفولتك ح تصير تسمع قصص بتقول " من هون كان يطلع مظاهرة..
ومن هونيك كان في قناص وهون مات فلان ..ألخ
الشارع اللي أكل من عمرك رايح راجع عليه للمدرسة والجامعة والحب واللعب والرفقات رح يحمل الرصاصات اللي وقعت فيه.
بيوت حارتك .. رح تصير تمشي قدامها وتعد أسماء اللي كانوا فيها وصاروا بأوروبا ومارجعوا؛ ويمكن تقول "هون كان بيت فلان".
وقيس على هيك كل شي..
الفرق بس إنو هاد كلو ح يكون بذاكرتنا .. جواتنا بينما الواقع رح يحمل أسماء ملونة وصور جديدة ويمكن يبقى شي قديم كشاهد ليذكرنا بشو عملنا وبجوز تتحول ذاكرة المكان الملان بالوجع لمتحف تجي السياح تزوره وتوقف قدامو تاخد صورة وتمشي.
إنت الوحيد رح توقف قدام حالك وتسأل مليون سؤال عن هاد الشخص اللي بالمراية وماتلاقي جواب. لأنو ببساطة من زمان بطلت تفكر بالموضوع ولأنو بكل بساطة :
"ماحدا مد ايدو واشتغل ليرممك ويبنيك بعد الحرب".
محمد علي دياب
Mohammad Ali Diab
*الصورة من ساحة حديقة سكر في عربين بريف دمشق، لوسيم السخلة
من يومين كنا بنقاش مع مجموعة أصدقاء بلبنان عن التغيير اللي صار بعد الحرب بالبلد.
كيف قدرت الحرب تمحي جزء كبير كتير من تاريخ بيروت وتخلق أسامي جديدة لأماكن بملامح جديدة عمرها بعمر الناس اللي سكنوها وذاكرتن، وكنت عم قول إني خايف وشايف هالشي جاي بسورية.
الموضوع مو عواطف ولا رفض للتطور ولا معاندة.. القصة باختصار مرتبطة بوعينا اللي مفروض مبني على تراكم كل ذاكرة البشرية قبلنا.
اليوم بقرا خبر عن تغيير اسم أحياء "القدم والعسالي" ليصير "باسيليا سيتي".. اسم مودرن وكلاس وبجيب لايكات ويمكن يكون بنظر البعض أحلى من القدم والعسالي.
بتتخيل فوراً بنايات كبيرة وأبراج عالية رح تاخد مكان البيوت البسيطة.. "وهاد الشي منيح لأصحاب المنطقة بحال كان في عدل حقيقي".
بس بنفس الوقت بتعرف إنو هاد العمار مارح يراعي هوية المكان ولا تاريخو ولا خصوصية أهلو، والكلام هون مو عن القدم والعسالي بس.. الكلام عن كل مكان جاي الدور عليه.
الذاكرة الحية للأماكن شوي شوي رح تختفي واللي ماراح بالحرب رح يمشي بهالطريق هلق، لصالح رؤوس الأموال الكبيرة.
اللي بعذب.. لما تتأقلم مع الفكرة لأنو ببساطة هاد المسار (المتعارف عليه) بكل مجتمع بيتعرض لخضات من هالنوع.
ثقافة الـ5 نجوم ح تصير أمر واقع ومتاح للناس اللي بعدها قادرة توقف رافعة راسها بعد الحرب، أما المعتر اللي دفع ورح يدفع بعد لسا من دين فاتورة هالوجع كلو، رح يبقى راسو بالأرض وما عندو وقت يطلع فوق أصلاً، وح يشوف نجوم الضهر بس.
من اليوم اللي رح يعلنوا فيه إنو الحرب خلصت.. لازم نعرف إنو البلد صار الها تاريخ جديد بأسماء جديدة وصور جديدة وذاكرة تانية وليدة الحرب.
الجامع اللي صليت فيه أول مرة بطفولتك ح تصير تسمع قصص بتقول " من هون كان يطلع مظاهرة..
ومن هونيك كان في قناص وهون مات فلان ..ألخ
الشارع اللي أكل من عمرك رايح راجع عليه للمدرسة والجامعة والحب واللعب والرفقات رح يحمل الرصاصات اللي وقعت فيه.
بيوت حارتك .. رح تصير تمشي قدامها وتعد أسماء اللي كانوا فيها وصاروا بأوروبا ومارجعوا؛ ويمكن تقول "هون كان بيت فلان".
وقيس على هيك كل شي..
الفرق بس إنو هاد كلو ح يكون بذاكرتنا .. جواتنا بينما الواقع رح يحمل أسماء ملونة وصور جديدة ويمكن يبقى شي قديم كشاهد ليذكرنا بشو عملنا وبجوز تتحول ذاكرة المكان الملان بالوجع لمتحف تجي السياح تزوره وتوقف قدامو تاخد صورة وتمشي.
إنت الوحيد رح توقف قدام حالك وتسأل مليون سؤال عن هاد الشخص اللي بالمراية وماتلاقي جواب. لأنو ببساطة من زمان بطلت تفكر بالموضوع ولأنو بكل بساطة :
"ماحدا مد ايدو واشتغل ليرممك ويبنيك بعد الحرب".
محمد علي دياب
Mohammad Ali Diab
*الصورة من ساحة حديقة سكر في عربين بريف دمشق، لوسيم السخلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق