عن أزمة توزيع الخبز 28 آذار 2020





دوّن علاء السيّد:
عن أزمة توزيع الخبز 28 آذار 2020
---------------------------------------
آلمني بشدة متابعة المقطع المصور لركض الناس وراء سيارة توزيع الخبز والذي انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم ، وتساءلت ما الذي دعاهم لذلك؟ هل هو الجوع أم الفقر ؟ أم ماذا؟
في الصباح الباكر اليوم كتب مختار حارتنا على صفحته الفيسبوكية أنه سيتم توزيع الخبز بالسيارة بعد الساعة السابعة والنصف صباحا في النقاط الفلانية وعدد عدة أماكن قريبة في منشوره.
قلت في نفسي جاءتني الفرصة لفهم حقيقة ما يحدث.
في السابعة والنصف صباحا كنت في احدى النقط التي ذكرها المختار ولم يوجد أحد.
فكرت في عقلي كيف سيوزع المختار الخبز في جميع هذه النقاط التي ذكرها في منشوره !! وكادره التطوعي مؤلف من شخصين أو ثلاثة من لجنة الحي، ولا يوجد لديهم أساساً سيارات تغطي كل هذه النقاط.
توجهت إلى الفرن الاحتياطي الموجود في منطقتنا، وهو فرن ذو طاقة انتاجية كبيرة حصته اليومية حوالي 15 طن من الدقيق. ويأتي إليه المواطنون من مناطق متعددة.
شاهدت أمام الفرن شاحنة حكومية كبيرة وحولها عدد من الأشخاص المنظمين عرفت منهم موظفين حكوميين وأعضاء مجالس محلية وجهات عسكرية وشرطية.
كما شاهدت حوالي الخمسين شخص من المواطنين المنتظرين شراء ربطة من الخبز.
كانوا جميعا واقفين منذ الصباح الباكر ليشرفوا على تحميل السيارة بالخبز، غمزت أحد معارفي منهم وقلت له: ألا يمكن أن نحصل على ربطة أو ربطتين ونمشي؟
أجابني فوراً : مستحيل لايمكننا أن نسرب ولا حتى ربطة واحد.
قلت له : أوف ومن ايمتى الشمس ترقعنا ؟
أجابني : الحل الوحيد أن تنتظر السيارة لكي تمتلئ بالخبز، وتتوجه لنقطة التوزيع وهناك تأخذ ربطة واحدة فقط حصرا لكل مواطن واقف على الدور.
قلت لنفسي: لأنتظر وأراقب جدية ذلك.
تم تعبئة السيارة بألفي ربطة خبز مزدوجة، ولم يحصل أي من الواقفين على أي ربطة مهما علا أو انخفض شأنهم رغم محاولاتهم المتعددة.
مشت السيارة باتجاه نقطة التوزيع، فوجئت بحوالي الخمسين شخصاً الواقفين يركب كل منهم آلية مختلفة ويهرع خلف السيارة في موكب غريب عجيب، فيه السيارات الفارهة وسيارات السوزوكي والموتورات ذات العجلتين وغيرها من وسائط نقل، في موكب مثير للدهشة.
قلت لصاحبي : هي مشي الموكب وما ضل حدا ظبطني بربطتين.
قال : سنرسل سيارة صغيرة فيها 100 ربطة مزدوجة للنقطة الفلانية إلحق بها ولن يكون عليها ضغط كبير كهذه الشاحنة. انتظر قليلاً ، لا استطيع اعطاءك ولا ربطة.
انتظرت حتى تم تعبئة البيك آب وتوجهت للنقطة الثانية ووراءها موكب أيضا لكنه ليس كضخامة الموكب الاول فلم يتجمع الكثيرين بعد.
وصلنا النقطة أمام أحد الجوامع الرئيسية لأشاهد حوالي الخمسين شخصاً ينتظرون هناك مسبقا وقد وقفوا بالدور إضافة لمن نزل من الموكب إياه والتحق بالدور، سألت كيف انتظروا ووقفوا في هذا الصباح الباكر ومن بلغهم بهذه النقطة ولم يجر ابلاغ علني؟، فقيل لي : كل من يتصل بنا من معارفنا نخبره أن ينتظرنا في هذه النقطة.
اصطف الجميع بالدور منهم الرجال والنساء والعساكر وكبار السن والصغار و الأغنياء والفقراء ومن جميع نماذج المجتمع، كانت هناك في البداية بعض المحاولات المعتادة لتجاوز الدور، وتم ضبطها من منظمي الدور، وهم شرطي وعضو مجلس الحي، وساعدهم دائماً تصاعد أصوات الواقفين بالدور بوجه من يتجاوز الدور كائناً من كان.
حمل كل مواطن مائة ليرة سورية في يده قيمة الخبز، يدفعها ويستلم ربطة مجهزة مسبقاً، وخلال دقائق انفض الدور بسرعة، وتنظيم عجيب غير معتاد.
طبعا زاد عدد الواقفين بالدور على عدد المائة ربطة التي تم توزيعها، فقال لهم المنظمين: بعد قليل سنعود بحمولة سيارة أخرى، ورجعوا للفرن، ورجعت معهم لأتابع عمليات التوزيع من باب الفضول الذي قتل القط.
ولأحاول معرفة من أين أتى حالة ركض الناس وراء سيارة الخبز في المقطع المصور الذي انتشر وذكرته في بداية هذا البوست؟
للحديث بقية وتفاصيل أخرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق